العقوبات الأمريكية على السودان من منظور قانوني

248
عقوبات
Picture of د. محمد أحمد محجوب عثمان

د. محمد أحمد محجوب عثمان

أستاذ القانون العام المُشارك

• بتاريخ 22 مايو2025م أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قراراً فرضت بموجبه عقوبات على السودان بدعوى استخدام أسلحة كيمائية في الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل 2023م.

وجد القرار صدى واسعاً في الوسائل الإعلامية الداخلية والخارجية، كما وجد حظه من التناول والتحليل من جانب بعض المُختصين والكثير من غيرهم ممن راح يُحلل وفقاً لمرجعية أو بدونها، لذا رأيت افراد هذه المساحة لتناول تلك العقوبات من المنظور القانوني المُجرد بعيداً عن الرؤى السياسية متجرداً حتى من عاطفة الانتماء للوطن المتضررين من الحرب والمتأثرين بتلك العقوبات، لذا سأقصر التناول في أهم الاتفاقيات الدولية التي تحكم الاتفاقيات الدولية وتحظر استخدام الأسلحة الكيمائية في النزاعات المسلحة الدولية والداخلية بالإضافة لبعض التشريعات الداخلية المتعلقة بالموضوع على النحو الآتي:

ميثاق الأمم المتحدة.

اتفاقية فينا لقانون المعاهدات.

اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيمائية.

أولاً ميثاق الأمم المُتحدة:

هو الوثيقة المُنشئة للأمم المُتحدة، عُرض للنقاش في مدينة سان فرانسسكو في يونيو 1945م ودخل حيز النفاذ في أكتوبر من نفس العام، جاء الميثاق في (111) مادة موزعة على (19) فصلاً، تناول المنظمة وأهدافها ومبادئها وهيكلها ومهامها، نص الميثاق على مكونات الأمم المتحدة والعلاقة بينهم وعلاقة الدول الأعضاء فيما بينهم وحدود وضوابط تلك العلاقة، أهم ما ورد حول ذلك:

من ضمن ما جاء في الميثاق:

جاء في الديباجة: نحن شعوب الأمم المتحدة، قد آلينا على أنفسنا، أن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها.

تناول الميثاق مقاصد الهيئة، حيث ورد من ضمنها: جعل هذه الهيئة مرجعا لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة. 

تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها. ‏ 

ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها. 

يبذل أعضاء «الأمم المتحدة» الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن. 

على مجلس الأمن أن يشجع على الاستكثار من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن. 

 يستخدم مجلس الأمن تلك التنظيمات والوكالات الإقليمية في أعمال القمع، كلما رأى ذلك ملائما، ويكون عملها حينئذ تحت مراقبته وإشرافه. أما التنظيمات والوكالات نفسها فإنه لا يجوز بمقتضاها أو على يدها القيام بأي عمل من أعمال القمع بغير إذن المجلس. 

يجب أن يكون مجلس الأمن على علم تام بما يجري من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي بمقتضى تنظيمات أو بواسطة وكالات إقليمية أو ما يزمع إجراؤه منها. 

أشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية من الدول المؤسسة للأمم المتحدة، بل أن الميثاق اُعد وعُرض في مدينة سان فرانسسكو الأمريكية ونص الميثاق بأن تودع التوقيعات والتصديقات لدى الحكومة الأمريكية، ووقعت أمريكا عليه في يونيو 1945م بينما انضم السودان له في نوفمبر 1956م بعد الاستقلال. 

ثانياً: اتفاقية فينا لقانون المعاهدات:

هي اتفاقية دولية تنظم وتحكم الاتفاقيات التي تبرم بين الدول ثنائية كانت أو مُتعددة الأطراف أو دولية، عُرضت للتوقيع في مايو 1969م ودخلت حيز النفاذ في يناير 1980م، جاءت الاتفاقية في (85) مادة موزعة على (8) أجزاء، تناولت الاتفاقيات الدولية من حيث مفهومها وطرق وضعها وتصرفات الدول حيالها والتزاماتها وحقوقها، تناولت الاتفاقية العديد من المبادئ والأحكام، ما يلينا منها هنا:

ورد في الديباجة ان الدول الأطراف:

مبادئ حرية الإرادة، وحسن النية، وقاعدة العقد شريعة المتعاقدين معترف بها عالمياً، وتأكيداً منها بأن المنازعات المتعلقة بالمعاهدات، يجب أن تسوى بالطرق السلمية ووفق مبادئ العدالة والقانون الدولي.

وتذكيراً منها بتصميم شعوب الأمم المتحدة على إقامة شروط يمكن معها الحفاظ على العدالة واحترام الالتزامات الناشئة من المعاهدات.

واعتبـاراً منها لمبادئ القانون الدولي المقررة في ميثاق الأمم المتحدة مثل: الحقوق المتساوية، وتقرير الشعوب لمصائرها، والمساواة في السيادة واستقلال جميع الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، ومنع التهديد بالقوة أو استعمالها، والاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع.

من النصوص الواردة في الاتفاقية:

كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية.

لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة.

وقّعت الولايات المتحدة الأمريكية على اتفاقية فينا في أبريل 1970م لكنها لم تُصادق عليها، بينما انضم لها السودان في ابريل 1980م، مع العلم بأن اتفاقية فينا تُعد من المعاهدات الشارحة وليس الشارعة.

ثالثاً: اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيمائية:

عُرضت هذه الاتفاقية على الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993م ودخلت حيز النفاذ عام 1997م، جاءت الاتفاقية في (24) مادة، حوت التزامات وتدابير وتعهدات عامة وأخرى خاصة وإجراءات وشكلت أجسام وآليات لمراقبة ضمان تنفيذ الالتزامات، نصت الاتفاقية على أن جميع نصوصها لا تخضع للتحفظ، ورد في الاتفاقية العديد من الأحكام، أهمها:

   إن الدول الأطراف:

تصميماً منها على العمل من أجل إحراز تقدم فعال نحو نزع السلاح العام والكامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة، بما في ذلك حظر وإزالة جميع أنواع أسلحة التدمير الشامل.

رغبة منها في الإسهام في تحقيق مقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، تتيح كل دولة طرف إمكانية الوصول إلى أي مرافق لتدمير الأسلحة الكيميائية ومناطق تخزينها التي تمتلكها أو توجد في حيازتها أو تكون قائمة في أي مكان يخضع لولايتها أو سيطرتها، لغرض التحقق المنهجي عن طريق التفتيش الموقعي والرصد بالأجهزة الموقعية. 

لا تسمح الدول الأطراف في أي مكان خاضع لسيطرتها، بأي أنشطة محظورة على أي دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية.

على الدول الأطراف تمدد تطبيق تشريعاتها الجزائية بحيث يشمل أية أنشطة محظورة على أي دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية يضطلع بها في أي مكان أشخاص طبيعيون حاملون لجنسيتها، طبقاً للقانون الدولي.

 تتعاون كل دولة طرف مع غيرها من الدول الأطراف وتقدم الشكل المناسب من المساعدة القانونية بغية تيسير تنفيذ الالتزامات.

تتعهد كل دولة طرف بأن تتعاون مع المنظمة في ممارسة جميع وظائفها، ولا سيما بأن تقدم المساعدة إلى الأمانة الفنية.

أنشأت الاتفاقية آليات وكيانات لأجل تطبيق الاتفاقية وتحقيق أهدافها، تمثلت في:   

منظمة حظر الأسلحة الكيمائية:

تُعد المنظمة الآلية الدولية الوحيدة المُقررة لضمان تنفيذ هذه الاتفاقية، فهي تجمع بين سلطة المراقبة والتنسيق بين جهود الدول الأعضاء وتتمتع باختصاص تلقى الشكاوى وطلبات التوضيح والاستفسار من الدول الأعضاء عن أي ممارسة تقع في أي دولة طرف بالمخالفة لأحكام هذه الاتفاقية، ولها سلطات التحقق والتفتيش وجمع المعلومات المتعلقة بالأنشطة غير المشروعة، و واتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات أو إحالة الموضوعات للأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ تدابير الردع وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، كما أنها تقد الدعم المادي واللوجستي والفني للدول الأعضاء.

تنشئ الدول الأطراف في الاتفاقية بموجب هذا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، من أجل تحقيق موضوع هذه الاتفاقية والغرض منها، وتأمين تنفيذ أحكامها، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالتحقق الدولي من الامتثال لها، وتوفير محفل للتشاور والتعاون فيما بين الدول الأطراف.

تكون جميع الدول الأطراف في الاتفاقية أعضاء في المنظمة. ولا تحرم دولة طرف من عضويتها في المنظمة.

تتألف أجهزة المنظمة من مؤتمر الدول الأطراف، والمجلس التنفيذي، والأمانة الفنية.

 تكون لاهاي، بمملكة هولندا مقراً للمنظمة.

تجري المنظمة ما تضطلع به من أنشطة التحقق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية بأقل الطرق تدخلاً قدر الإمكان، وبما يتمشى مع بلوغ أهدافها بفعالية وفي الوقت المناسب. ولا تطلب المنظمة إلا المعلومات والبيانات اللازمة للنهوض بمسؤولياتها بمقتضى الاتفاقية. وتتخذ كافة الاحتياطات لحماية سرية المعلومات المتعلقة بالأنشطة والمرافق المدنية والعسكرية التي تصل إلى عملها، أثناء تنفيذ الاتفاقية، وتتقيد، على وجه الخصوص، بالأحكام الواردة في المرفق المتعلق بالسرية.

 يتألف مؤتمر الدول الأطراف من جميع الدول الأطراف في الاتفاقية. ويكون لكل دولة عضو ممثلاً واحداً في المؤتمر، يمكن أن يرافقه مناوبون ومستشارون.

يُعد المؤتمر الجهاز الرئيس للمنظمة. وينظر في أي المسائل والأمور والقضايا التي تدخل في نطاق هذه الاتفاقية بما في ذلك ما يتصل بسلطات ووظائف المجلس التنفيذي والأمانة الفنية. ويجوز له وضع توصيات واتخاذ قرارات بشأن أي مسائل أو أمور أو قضايا متصلة بالاتفاقية تثيرها دولة طرف أو يعرضها عليه المجلس التنفيذي.

يشرف المؤتمر على تنفيذ الاتفاقية، ويعمل لأجل تعزيز موضوعها والغرض منها. كما يستعرض المؤتمر الامتثال للاتفاقية. 

ويشرف على أنشطة المجلس التنفيذي والأمانة الفنية، ويجوز له أن يصدر لأي منهما، في ممارسته لوظائفه، مبادئ توجيهية وفقاً للاتفاقية.

ينظر المجلس التنفيذي في أي قضية أو مسألة تقع ضمن اختصاصه وتؤثر على الاتفاقية وتنفيذها، بما في ذلك أوجه القلق المتعلقة بالامتثال، وحالات عدم الامتثال، ويقوم حسب الاقتضاء بإبلاغ الدول الأطراف وعرض القضية أو المسألة على المؤتمر.

 على المجلس التنفيذي، عند النظر في الشكوك أو أوجه القلق المتعلقة بالامتثال وفي حالات عدم الامتثال، بما في ذلك، في جملة أمور، إساءة استعمال الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، أن يتشاور مع الدول الأطراف المعنية وأن يطلب، حسب الاقتضاء، إلى الدولة الطرف أن تتخذ تدابير لتصحيح الوضع خلال وقت محدد. وبقدر ما يرى المجلس التنفيذي من ضرورة لاتخاذ إجراءات أخرى يتخذ، في جملة أمور، مثل إبلاغ جميع الدول الأطراف بالقضية أو المسألة أو عرضها على المؤتمر أو تقديم توصيات للمؤتمر بشأن التدابير اللازمة لتصحيح الوضع وضمان الامتثال.

يقوم المجلس التنفيذي في حالات الخطورة الشديدة والضرورة العاجلة بعرض القضية مباشرةً على الجمعية العامة ومجلس الأمن التابعين للأمم المتحدة، بما في ذلك المعلومات والاستنتاجات المتصلة بالموضوع ويبلغ جميع الدول الأطراف بهذه الخطوة.

تساعد الأمانة الفنية المؤتمر والمجلس التنفيذي في أداء وظائفهما. وتضطلع الأمانة الفنية بتدابير التحقق والوظائف الأخرى المسندة إليها بموجب الاتفاقية وبأي وظائف يفوضها إليها المؤتمر والمجلس التنفيذي.

  لضمان تحقيق الأهداف والمقاصد بما يضمن مساواة الدول الأطراف في الحقوق والالتزامات، ضماناً لمساواة الدول في السيادة نصت الاتفاقية على وجوب التشاور والتعاون بين الدول، ومنحت الدول الأطراف حق طلب الاستفسار والايضاح للدول الأطراف الأخرى أو اللجنة التنفيذية بشأن أي قلق أو شك يثور بأن دولة طرف أخرى أخلت ببنود الاتفاقية أو لم تلتزم بها، وأوجبت عليهم:

تتشاور الدول الأطراف وتتعاون، مباشرةً فيما بينها أو عن طريق المنظمة أو وفقاً لإجراءات دولية مناسبة أخرى، بما في ذلك الإجراءات الموضوعة في إطار الأمم المتحدة ووفقاً لميثاقها، بشأن أي مسألة قد تًثار فيما يتعلق بموضوع هذه الاتفاقية والغرض منها أو تنفيذ أحكامها.

دون الإخلال بحق أي دولة طرف في طلب إجراء تفتيش بالتحدي، ينبغي للدول الأطراف أن تبذل كل ما في وسعها من جهد لكي توضح وتحل، عن طريق تبادل المعلومات والمشاورات فيما بينها، أية مسألة قد تثير الشك في الامتثال لهذه الاتفاقية أو تثير القلق إزاء مسألة متصلة بذلك قد تعتبر غامضة. 

وعلى الدولة الطرف التي تتلقى من دولة طرف أخرى طلباً لتوضيح أي مسألة تعتقد الدولة الطرف الطالبة أنها تثير مثل هذا الشك أو القلق أن تُوافي الدولة الطرف الطالبة، بأسرع ما يمكن، على ألا يتأخر ذلك بأي حال عن عشرة أيام من تقديم الطلب، بمعلوماتٍ كافيةٍ للرد على أوجه الشك أو القلق المثارة مشفوعةً بتفسير للكيفية التي تَحُل بها المعلومات المقدمة المسألة. 

ليس في هذه الاتفاقية ما يؤثر على حق أي دولتين أو أكثر من الدول الأطراف في اتخاذ ترتيبات بالتراضي، لعمليات تفتيش أو للقيام بأي إجراءات أخرى فيما بينها لتوضيح وحل أي مسألة قد تثير الشك في الامتثال أو تبعث على القلق إزاء مسألة متصلة بذلك قد تعتبر غامضة. ولا تؤثر مثل هذه الترتيبات على حقوق والتزامات أية دولة طرف بموجب الأحكام الأخرى في الاتفاقية.

 يحق لأي دولة طرف أن تطلب إلى المجلس التنفيذي المساعدة في توضيح أي حالة قد تعتبر غامضة أو تثير قلقاً بشأن احتمال عدم امتثال دولة طرف أخرى للاتفاقية، ويقدم المجلس التنفيذي ما لديه من معلومات ملائمة ذات صلة بمثل هذا القلق.

 يحق لأي دولة طرف أن تطلب إلى المجلس التنفيذي الحصول على إيضاح من دولة طرف أخرى بشأن أي حالة قد تعتبر غامضة أو تثير قلقاً بشأن احتمال عدم امتثالها للاتفاقية.

 يحق لأي دولة طرف أن تطلب إلى المجلس التنفيذي توضيح أي حالة اعتبرت غامضة أو أثارت قلقاً بشأن احتمال عدم امتثالها للاتفاقية. ويستجيب المجلس التنفيذي بتقديم ما يقتضيه الحال من المساعدة.

يخطر المجلس التنفيذي الدول الأطراف بأي طلب إيضاح.

 إذا لم تبدد شكوك أو قلق دولة طرف بشأن عدم امتثال محتمل في غضون (60) يوماً بعد تقديم طلب الإيضاح إلى المجلس التنفيذي، أو إذا اعتقدت أن شكوكها تبرر النظر في الأمر على نحو عاجل يجوز لها، دون مساس بحقها في طلب إجراء تفتيش موقعي بالتحدي، أن تطلب عقد دورة استثنائية للمؤتمر. 

وفي هذه الدورة الاستثنائية ينظر المؤتمر في المسألة ويجوز له أن يوصي بأي تدابير يراها ملائمةً للتصدي لهذه الحالة.

يحق لكل دولة طرف أن تطلب إجراء تفتيش موقعي بالتحدي لأي مرفق أو موقع في أراضي أية دولة طرف أخرى أو أي مكان يخضع لولاية أو سيطرة أية دولة طرف أخرى لتوضيح وحل أية مسائل تتعلق بعدم امتثال محتمل لأحكام الاتفاقية، وفي أن يتم إجراء هذا التفتيش في أي مكان دونما إبطاء على يد فريق تفتيش يعينه المدير العام ووفقاً للمرفق المتعلق بالتحقق.

على كل دولة طرف الالتزام بألا يخرج طلب التفتيش عن نطاق الاتفاقية وبتضمين طلب التفتيش جميع المعلومات المناسبة عن الأساس الذي نشأ عنه قلق بشأن عدم امتثال محتمل للاتفاقية على النحو المُحدد في المرفق المتعلق بالتحقق. وتمتنع كل دولة طرف عن تقديم طلبات تفتيش لا أساس لها، مع الحرص على تجنب إساءة الاستخدام. ويجري التفتيش بالتحدي فقط لغرض تحديد الوقائع المتصلة بعدم الامتثال المحتمل.

 لأغراض التحقق من امتثال الدول الأطراف لأحكام الاتفاقية، يجب على كل دولة طرف أن تسمح للأمانة الفنية بإجراء التفتيش الموقعي.

للدولة الطرف موضع التفتيش الحق في اتخاذ تدابير لحماية المنشآت الحساسة، ولمنع إفشاء المعلومات والبيانات السرية غير المتصلة بالاتفاقية، وعليها بذل كل جهد معقول لإثبات امتثالها للاتفاقية والحرص على تمكين فريق التفتيش من إنجاز ولايته، وأن تتيح إمكانية الوصول إلى داخل الموقع المطلوب تفتيشه.

للدولة الطرف الطالبة للتفتيش أن توفد ممثلاً لها شريطة موافقة الدولة الطرف الخاضعة للتفتيش، إما من رعايا الدولة الطرف الطالبة أو دولة طرف ثالثة، لمراقبة سير التفتيش، وتتيح الدولة الطرف الخاضعة للتفتيش للمراقب إمكانية الوصول وفقاً للمرفق المتعلق بالتحقق.

يجب أن تقبل الدولة الطرف الخاضعة للتفتيش المراقب المقترح، وفي حال رفضه يجب تدوين هذه الواقعة في التقرير النهائي.

السودان والولايات المتحدة من أطراف اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية، حيث وقعت عليها الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 1993م وصادقت عليها في ابريل 1997م، بينما وقع عليها السودان في يناير 1994م وصادق عليها في نوفمبر 1999م.

في العام 2004م ومن أجل إحداث مواءمة بين التشريع الداخلي والاتفاقية صدر قانون حظر الأسلحة الكيمائية السوداني لسنة 2004م والذي جاء في (24) مادة موزعة على (5) فصول ملحقاً به (3) جداول، جيت نص القانون على حظر استخدام الأسلحة الكيمائية وتصديرها واستيرادها وتحديثها وتخزينها وحظر قيام الإنشاءات الخاصة بها، وحدد طرق تدميرها وفقاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية واستثنى من ذلك المواد الكيمائية المُستخدمة للأغراض السلمية والبحوث العملية، ووضع القانون عقوبات تصل للسجن خمسة عشر عاماً أو الغرامة مع مصادرة الأسلحة أو المواد الكيمائية، كما أن القانون قد أنشاء الجهاز الوطني لحظر الأسلحة الكيمائية وبيّن اختصاصاته وسلطاته.   

الخلاصة:

مما تقدم ومن بعد العرض الموجز لأهم ما ورد في الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع نلخص للآتي:

تتساوى الدول الأعضاء في الأمم المُتحدة في السيادة والحقوق والواجبات باستثناء الميزات التي منحها الميثاق للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.

للدول الأهلية الكاملة في عقد الاتفاقيات الدولية والثنائية والمتعددة الأطراف، وتتساوى اراداتها في التصرفات المتعلقة بالاتفاقية من حيث التوقيع والتصديق والانضمام والتحفظ والانسحاب، وتتعاون جميع الدول الأطراف في تحقيق أهداف الاتفاقية ومقاصدها وتتساوى في الحقوق والالتزامات.

لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ الاتفاقيات، فالمبادئ الدولية تسمو على المبادئ الداخلية.

من أوجب واجبات الدول احترام الأجهزة الدولية والآليات التي تنشئها الاتفاقيات الدولية، وعلى تلك الآليات الاضطلاع بمهامها وممارسة سلطاتها تجاه الدول الأطراف بنهج ومعيار واحد.

يترتب على الدول المُصادقة والمنضمة لها التزامات قانونية بتطبيق الاتفاقية واتخاذ ما يلزم من تدابير إدارية وتشريعية داخلية وفقاً لما تتطلبها الاتفاقية، ويقع على الدول الموقعة التزاماً اخلاقياً تلتزم الدول بمقتضاه عدم الإتيان بفعل يُخالف روح ومضمون الاتفاقية.

السودان والولايات المتحدة الأمريكية أطرافاً مصدقة أو منضمة لميثاق الأمم المُتحدة واتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية، بينما السودان مصادق على اتفاقية فينا للمعاهدات والولايات المتحدة الأمريكية موقعة عليها ولم تُصادق أو تنضم لها، مع العلم بأن اتفاقية فينا اتفاقية شارحة للمبادئ الدولية والعرفية وموضحة ومنظمة لها.

منظمة حظر الأسلحة الكيمائية هي الآلية الدولية الوحيدة المُناط بها مراقبة التزام الدول بأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية.

منحت اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية الدول الأطراف حق استفسار الدول الأطراف أو طلب إيضاح منها عن أي شك أو قلقل باستخدام أو انتاج أو تصدير أو تحديث أو حيازة أي أسلحة أو منشأة كيمائية.

أوجبت الاتفاقية على الدول المطلوب منها الايضاح الرد خلا فترة لا تجاوز عشرة أيام.

منحت الاتفاقية الدول الأطراف حق طلب الايضاح من اللجنة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائية.

منحت الاتفاقية منظمة حظر الأسلحة الكيمائية سلطات التحقق والتفتيش بالتحدي كسلطة قصرية، ولم تُمنح للدول.

للدول الحق في أن تطلب من المنظمة التفتيش بالتحدي ولها الحق في اختيار مندوب منها أو من دولة ثالثة لحضور ذلك التفتيش، وعلى الدول المطلوب تفتيش أماكن فيها السماح للمندوب بحضور التفتيش، وفي حالة الرفض يدون الرفض في محضر التفتيش النهائي.

على الدول المطلوب إجراء التفتيش فيها ضمان وتسهيل عملية دخول فريق التفتيش للأماكن المُراد تفتيشها.

أوجبت الاتفاقية على الدول توسيع نطاق تطبيق قانونها الداخل على المواطنين التابعين لها والموجودين خارج اقليمها، وذلك إعمالاً لسيادة الدولة وقانونها على رعاياها، ولا شك أن ذلك مرهون ومُقيد بقواعد القانون الدولي الخاص واتفاقيات تبادل المعلومات وتسليم المتهمين والانابات القضائية وقبول وتنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية.

التشريعات الداخلية مقيدة فقط لسطاتها القضائية والإدارية والتنفيذية الداخلية ولا تطبق على أنظمة الدول الأخرى احتراما لمبدأ الشرعية ومبدأ إقليمية التشريعات.

للولايات المتحدة الأمريكية ولكل الدول الحق في قطع أو تقييد علاقاتها مع الدول الأخرى. لكن لا يوجد مبرر قانوني أو أخلاقي لتطبيق قانون العقوبات الأمريكي أو قانون حظر الأسلحة الأمريكي لسنة 1991م على السودان أو على أي دولة أخرى. 

لم تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بتعهداتها في اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية لسنة 1993م ولم تمارس حقها المكفول لها بموجب الاتفاقية بطلب إيضاح من السودان أو من اللجنة التنفيذية، ولم تطلب منها التحقق أو إجراء التفتيش، بل وتجاهلت منظمة حظر الأسلحة الكيمائية ومارست اختصاصاتها.

العقوبات الأمريكية على السودان تفتقر للسند القانوني وتخالف اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية لسنة 1993م ومبادئ الأمم المُتحدة المتعلقة بسلطات أجهزتها وكياناتها الدولية وتخطيها وممارسة سلطاتها القصرية والتعدي على سيادة وأهلية الدول الأخرى. 

 

شارك المقال

1 thought on “العقوبات الأمريكية على السودان من منظور قانوني

  1. مقال جميل ومهم ويشرح الاتفاقية بشك واضح جدا وبعكس حرصك الدائم على نشر الوعي والمعرفة
    ربنا يزيدك علم ونور .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *