الطريق إلى الله (4-4)

14
جعفر الفاضل الدهمشي

د. جعفر الفاضل الدهمشي

أستاذ الشريعة والقانون والخبير القانوني

• بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي جعل القلوب محطّ نظره، والنيات محلّ قبوله، وفتح لعباده أبواباً لا تُغلق، والصلاة والسلام على من دلّنا على الطريق، وعلّمنا كيف نسير.

ها نحن نصل إلى الحلقة الرابعة والأخيرة من سلسلة «الطريق إلى الله»، وقد تناولنا في الحلقات الثلاث السابقة ثلاثين باباً من أبواب التزكية، ونختم اليوم بعشرة أبواب أخيرة، لتكتمل الأربعون، وتكون زاداً للسالكين، ونوراً للمحبين، ودعوةً للقلوب أن تنهض وتعود إلى ربها.

(31) باب النية الصالحة:

هي: (إرادة الخير في العمل، وتوجيه القلب لله، طلباً لرضاه دون رياء). والنية هي أصل العمل، من أصلح نيته، أصلح الله له عمله، وبارك له في جهده، ورفع درجته، فالنية الصادقة تسبق العمل، وتعلو به في القبول.

(32) باب المجاهدة:

هي: (بذل الجهد في مقاومة النفس والهوى، والثبات على الطاعة رغم المشقة). فمن جاهد نفسه وهواه، نال الفتح، وذاق طعم القرب، وكان من أهل العزيمة الذين لا يرضون بالدون.

(33) باب حفظ القلب:

هو: (صيانة القلب من الغفلة، والحسد، والرياء، ليبقى نقياً متصلاً بالله). والقلب هو موضع نظر الله، من حفظ قلبه من الغفلة، والغل، والرياء، طهر، ونقِي، وكان من أهل الصفاء الذين يسيرون بنور البصيرة واليقين.

(34) باب التعلق بالله:

هو: (انقطاع القلب عن الخلق، واعتماده الكامل على الله في كل الأحوال). فمن تعلّق بربه، أغناه، وأكرمه، وقرّبه، وكان من أهل المحبة الذين لا يطلبون إلا وجهه.

(35) باب الشوق إلى الله:

هو: (لهفة القلب للقرب من الله، وتمني لقائه، والأنس بذكره وطاعته). فمن اشتاق إلى لقائه، أعدّ له عدته، وأحسن عمله، وكان من أهل المحبة الذين يحيون بالرجاء والحنين.

(36) باب الإحسان في السر:

هو: (العمل الصالح الخفي، الذي لا يُرى إلا لله). والإحسان في السر دليل الإخلاص، فمن أحسن في خلوته، رفعه الله في علانيته، وكان من أهل الصفاء الذين لا يطلبون إلا رضا الله وحده.

(37) باب جبر الخواطر:

هو: (مواساة القلوب المنكسرة، وإدخال السرور على النفوس، طلباً لرضا الله). وجبر الخواطر عبادة خفية، من جبر قلباً منكسراً، جبر الله قلبه، وأكرمه، وكان من أهل الرحمة الذين يسيرون في الأرض بلين ورفق.

(38) باب دوام الذكر القلبي:

هو: (استمرار القلب في ذكر الله، دون انقطاع، في كل حال وسكون وحركة). فالذكر حياة القلب، من داوم على ذكر الله في سره، طابت حياته، واطمأنّت نفسه، وكان من أهل القرب الذين لا يغفلون عن ربهم طرفة عين.

(39) باب محاسبة النفس:

هي: (مراجعة القلب لأعماله، وتصحيح النية، وتدارك التقصير قبل فوات الأوان). فالمحاسبة طريق الإصلاح، من حاسب نفسه، أصلحها، وراقبها، وكان من أهل اليقظة الذين لا ينامون على ذنب، ولا يغفلون عن تقصير.

(40) باب تجديد العهد مع الله:

هو: (إحياء النية الصادقة، واستئناف السير إلى الله بعد فتور أو تقصير). فمن جدّد عهده مع الله، عاد بقلبه، واستقام في طريقه، وكان من أهل الوفاء الذين لا ينسون ما وعدوا به ربهم.

ختام السلسلة المباركة:

أيها السائر إلى الله، لقد مررنا بأربعين بابًا، وكل باب منها مفتوح، ينتظر من يطرقه، وكل طريق منها ممهّد، ينتظر من يسلكه. لا تقل: فاتني الركب، بل قل: آن لي أن أبدأ. لا تقل: كثرت ذنوبي، بل قل: وسعت رحمة ربي. الطريق إلى الله لا يُغلق، والباب لا يُرد، والرحمة لا تنفد.

اجعل هذه الأبواب زاداً لك، ورفيقاً في مسيرك، وادعُ الله أن يفتح لك منها ما يصلح قلبك، ويطهّر نفسك، ويقرّبك إليه، فإن الله لا يرد من أقبل، ولا يخيّب من رجاه.

اللهم اجعلنا من أهل النية الصالحة، والمجاهدة، وحفظ القلب، والتعلق بك، والشوق إليك، والإحسان في السر، وجبر الخواطر، ودوام الذكر، ومحاسبة النفس، وتجديد العهد معك، اللهم آمين. 

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *