• لاحقني الكثيرون ممن اطلعوا على الحلقة الأولى من مقالي (مع السفير الإماراتي وجهاً لوجه) بالمطالبة بكتابة الحلقة الثانية، شغفاً بمعرفة أسرار هذا السفير الذي ملأ الدنيا وشغل الناس مع انطلاقة هذه الحرب اللعينة، وما قبلها، والدور الذي تقوم به بلده في دمار السودان بسبق إصرار وترصد. ولكن…
• وقد قيل: لا فائدة من كلام يأتي بعد «لكن»، فهي أعاليل بأباطيل ليس إلا، فليكن ذلك لمن أراد.. المهم، كما طالبني البعض بالمواصلة، وصلتني عديدٌ من الرسائل من أشخاصٍ بعضهم أعرفه، وبعضهم لا صلة لي بهم البتة، حتى الأسافير لا تجمعني بهم، ولا أدري من أين حصلوا على رقمي، وإن كان ذلك ليس صعباً، فأنا أشارك في قرابة المئة قروب واتساب، وأصادق خمسة آلاف عضو في الفيسبوك، أكاد لا أعرف أكثر من عشرة بالمئة منهم.
• المهم، تلك الرسائل جاءت في شكل نصائح، وكان بعضها تهديداً وإن لم يكن صريحاً، لكن لغته كانت واضحة بالنسبة لي كوضح الشمس في كبد السماء. واحدة فقط – بصرف النظر عن هدفها – استوقفتني وجعلتني أعيد النظر في الفكرة: (خاف على نفسك وأسرتك… هؤلاء القوم لا أخلاق لهم). هكذا كانت تقول الرسالة.
• أكون كاذباً لو قلت إنني لم أشعر بخطورة ما أكتب بعد أن وصلتني هذه النصائح وتلك التهديدات. ولكن ليس معنى ذلك أنني لن أعود للكتابة فيما تبقى منها – وهو الأهم –، إنما هو تريث واتباع حكمة ستقود – بإذن الله – إلى نتائج أفضل. فأنا أعد كتاباً توثيقياً عن هذه الحرب اللعينة، ومن الأفضل أن نترك بعض الأسرار لهذا السفر المهم. فأرجو أن يعذرني الذين كانوا ينتظرون بقية الحلقات، كما لا أتمنى أن يشعر الذين أرسلوا لي تهديداتهم أني استجبت لها ورضخت، فهذا توقف مؤقت، وسأعود وإن عادوا.
• أما الذين قالوا لي: (أوعى تبيع رخيص) – جداً كان أو مزاحاً – فقد أساؤوا الظن بأمانتي ووطنيتي، فأنا مضطر لأن أقسم لهم بأن موقفي منذ انطلاقة هذه الحرب لم يتبدل لحظة في دعم قواتنا المسلحة – وهي أصعب حالتنا –، ولم يتزحزح يقيني يوماً في أنها ستدحر هذه الفئة الباغية. ونعرف كثيراً من الزملاء الذين مالوا في اللحظات الأولى نحو المليشيا، ثم بدلوا مواقفهم بعد ذلك وأصبحوا يزايدون علينا. فالتاريخ لن يرحم، وقد اقتربت بشدة اللحظات الحاسمة وساعة الحساب، وسيعرف وقتها من يحمل كتابه بيمينه ممن يأتي به وراء ظهره.
• غداً – بإذن الله – سنكتب عن كهرباء الولاية الشمالية التي أكملت الشهر الثاني وهي تعيش في ظلام دامس، جف الزرع والضرع، ولا معلومة، ولا حكومة، ولا ضوء في آخر النفق، ولا بصيص أمل على عودتها قريباً. فقد عاد الناس إلى حياة القرون الوسطى.