د. خالد مصطفى

د. خالد مصطفى إسماعيل

كاتب صحفي

• حرب السودان ليست حرباً عادية، يمكن أن نسميها (سياسة بالبنادق)، الكل يريد تحقيق نصر سياسي عبر فوهة البندقية.

فعندما عجز الساسة عن الحوار بالمنطق تحولوا إلى الحوار بالبنادق، دون أن يحسبوا تكاليف هذه الحرب البشرية والمادية وغيرها، وتأثير هذه الحروب على مستقبل الأجيال والتعايش بينهم، فالحرب هي مشكلة في حد ذاتها، و إفرازات الحرب من نزوح وتشرد ودمار وقتل وعنصرية وكراهية وغيرها هي النقطة الأبشع في هذه القضية. 

والمؤسف حقاً سينتهي بنا الحال بعد كل هذا الدمار وهذه المآسي أن يلتقي الساسة ويتصافحوا على شاشات التلفاز. يبتسمون ويقتسمون الكيكة في ترابيز الصالات المغلقة، وبعد أن يضمن كل واحد منهم نصيبه من السلطة والثروة، ونصيب كفيله من المصالح، يربطون الكارفيتات ويتزينون بأثمن الثياب، ثم يقفون صفاً واحداً في مؤتمر صحفي ليقنعونا بأن الحرب قد انتهت، ويطلبون منا نحن الشعب  (حبوا بعض)، لأننا حققنا الديمقراطية، وأزلنا أسباب التهميش، وضمنا للشعب الرفاهية والتقدم، والخرطوم ستصبح مثل باريس، والريف السوداني مثل الريف الإنجليزي، وبقية الوعود الكاذبة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ومن ثم تبدأ مهرجانات  الخطب الحماسية التي يجيدها الساسة السودانيون، وفي الحقيقة لا ديمقراطية تأتي ولا حال سوف يتغير، ولا واقع سيتبدل، وتبقى هناك أم تبكى ابنها الذي فقدته في هذه الحرب وهو عائلها الوحيد، وأرملة فقدت زوجها وترك لها من اليتامى ما لا تعرف ماذا تفعل معهم، وطفلة تنتظر والدها ليأتي لها بملابس العيد ولن يأتي، وجنود فقدوا زملاءهم تحت أزير آلة الموت البندقية وإصداراتها الحديثة، وطلاب علم فقدوا مدارسهم وجامعاتهم  ومستقبلهم، ومشافٍ مدمرة لا تستطيع استيعاب المرضى وتسمع فيها  الأنين فقط، ومواطن فقد وسائل كسب عيشه، وأصبح هائماً يسأل الناس، وأسر كاملة نزحت وتشردت وتفرقت بها السبل، و…. و…. و………. 

هل أستطيع إحصاء ما دمرته الحرب؟ بالتأكيد لا، فلو كان ماء النيل مداداً لأكتب به عن مآسي الحرب لنفد النهر  قبل أن تنفد حكاياتي المؤلمة! 

وقفة مع شاعرنا «حميد» 

كلنا للأرض،، والأرض لنا

ولنا متسع حتى السماء 

فالاما، ولما يغمر الأرض طوفان الدماء؟ 

يا أخا الأرض 

لمن هذه الحرب؟ 

ومن ذا الذي يشقى 

ومن يعشق الأوطان أطلال دمار ودم!؟ 

هل أتى حين من الحلم 

على الإنسان 

يحيا مطمئناً للزمن 

تضع الحرب به أوزارها 

كرنفال السلم يجتاح مدى العالم 

إبداعاً وقمحاً 

والعصافير السلامية 

تبني دارها حباً وصدحاً 

يا ورود الدرب يا أحجارها ليلاً وصبحاً 

يا خطى العمال يا ايارها حباً وكدحاً 

إذن 

فلتكن يا عام 

عام الانصهار 

بالذي ادعوه قلبي 

بالحبيبة، بالقريبة للوطن  

ولتكن يا شعب ضد الانكسار 

وليكن ما قد دفعنا من دماء لانبلاج الفجر 

مهراً أو ثمن  

فلتكن يا عام 

عام الانتصار للجماهير 

على بؤس الزمن 

قد كفاها ما دحاها من محار 

من عذاب ومحن 

فلتكن يا بحر 

بحراً 

للبحار التي تنضح سلماً دون من 

عاشت الأرض لنا لافتة 

ولأعداء العصافير كفن. 

نتمنى أن تضع الحرب أوزارها في أقرب وقت. حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وننعم بالسلام، والسلام

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *