التعليم الفني والتدريب المهني من أجل مستقبل أفضل

104
محمد المهدي

محمد المهدي الأمين

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• الملاحظ منذ أعوام خلت، التوسّع في التعليم الأكاديمي، وانحسار التعليم الفني على مستوى المرحلة الثانوية، وكذلك على المستوى الجامعي. مع العلم بأن الخرجين في كل عام بالآلاف، إلا أن سوق العمل لا يستوعب إلا القليل جداً من هذه الأعداد. لذلك نرى ارتفاع نسبة البطالة بين الخريجين، مما يدفعهم للبحث عن فرص عمل خارج البلاد.

إن السودان بما يتوفر له من موارد طبيعية وثروات متعددة، يجب أن تكون فرص العمل متوفرة لأبنائه، بل يمكن أن يصبح قبلة للباحثين عن العمل من الدول الأخرى، كل ذلك بوجود رؤية وتخطيط استراتيجي، وربط التعليم بسوق العمل.

* فإذا تحدثنا عن البلد الذي يمتلك ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة، ويمتلك أكبر وأعرق مشروع زراعي في أفريقيا، مع وفرة المياه الجوفية والسطحية، وغزارة الأمطار، فما الذي يمنع من قيام مدارس ومعاهد وكليات متخصصة في المجال الزراعي، تؤهل خريجيها لسوق قابلة لاستيعاب هؤلاء الشباب المتسلحين بالعلم، والمزودين بوسائل التقنية الحديثة، مما يمكنهم من إحداث نقلات نوعية، تقود إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في السوق المحلي، وتصدير منتجات ذات جودة عالية إلى الأسواق العالمية.

* وإضافة إلى الزراعة هناك الثروة الحيوانية والسمكية، التي يمكن أن تتيح فرص عمل لأعداد كبيرة، من خريجي الكليات المتخصصة، علماً بأنَّ السوق يعاني من نقص حاد في منتجات اللحوم والدواجن والأسماك، مع إمكانية التصدير للأسواق الخارجية، بدلاً من وجود منتجات مستوردة نحن أولى بتصديرها. 

* أما التعليم الثانوي فيحتاج إلى إعادة نظر، وتقييم للمخرجات، فكثير من الشباب الآن يتطلعون إلى مدارس ومعاهد التدريب المهني، خصوصاً مع النقلة التقنية في هذا المجال، فمجالات المكنيكا والكهرباء والحدادة والبرادة حدثت بها طفرات وتطورت آلياتها وأجهزتها وتقنياتها، فهي في حاجة مستمرة إلى اليد العاملة المؤهلة، التي تستطيع أن تجوّد العمل، بل تطور وتبتكر وتبدع. 

* إن الدولة الآن عليها الالتفات إلى هؤلاء الشباب، والتفكير في إيجاد فرص عمل حقيقية لهم، وذلك بإخضاع الموضوع للدراسة، والاستعانة بالخبراء وأهل الشأن للوصول إلى حلول لهذه القضية الشائكة.

* وهنا الدعوة موجهة للبنوك والشركات ورجال الأعمال، للمساهمة الفاعلة في تبني الشباب، وتوفير محفظة تمويل لمشاريع الخريجين، مع الاستعانة ببيوت خبرة، لدراسة المشاريع، وتوفير فرص التدريب على إدارة المشاريع، فسيكون العائد لمصلحة البلاد والدولة والخريجين، وسنوفر لشبابنا حياة كريمة في بلادهم، وسيكون كل منهم مشروع رجل أعمال يوظّف العشرات من الأيدي العاملة، بدلاً من أن يكون موظفاً بأجر لا يكفيه منصرفاته، أو أن يولي وجهه ليعمل أجيراً خارج البلاد، أو يخاطر بحياته متوجهاً إلى أوروبا التي يحلم الشباب بالوصول إليها، بحثاً عن حياة أفضل. 

* إن عواقب انسداد الأفق أمام هؤلاء الشباب خطرة جداً، ففي ظل متطلبات الحياة التي صارت باهظة الثمن، قد يضعف بعضهم أمام المغريات، وهناك من العصابات من يتربصون بأبنائنا لجرهم إلى دائرة المخدرات تعاطياً وترويجاً، وهي سكة ضياع لا يعود منها من يسلكها. فلنقم بواجبنا تجاه شباب السودان قبل فوات الأوان. 

* إن السودان إذا صحت العزيمة، وصدقت النيات، وخلص العمل وتجردت النفوس من الجشع والأغراض الشخصية، لهو جنة الله في الأرضِ، تتدفق خيراته تملأ الآفاق، ويعرف حينها الجميع السودان سلة غذاء العالم، بياناً بالعمل لا قولاً باللسان، فقط علينا أن نبدأ متوكلين على الله. وحتماً سنصل.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *