
معاذ أحمد طه
كاتب صحفي
• أعترف إنني شديد الولع حد الإدمان بقراءة التعليقات (comments) التي تدرج على كل ما ينشر على الوسائط والميديا من (البوستات)، والفيديوهات والصور، أستفيد من (السمين) منها، وأتجاهل وأضحك أحياناً على (الغث) والانصرافي منها.
* في تقديري الخاص أعتبر أن التعليقات أفضل وسيلة غير مباشرة لاستطلاع وقياس الرأي واتجاهاته، لجهة أنها تتفوق على استبيانات الرأي الورقية المعدة سلفاً كأسئلة واستفسارات إيحائية قد توجه المستطلع إلى رأي معين يخدم جهة الاستبيان، وفيها يمكن أن يتعاطف الشخص المستطلع (بضم الميم) مع جهة الاستطلاع لاعتبارات كثيرة، وبالتالي يأتي رأيه غير محايد، وغير متسق مع قناعاته الشخصية أحياناً.
أيضاً نجد أن عملية الاستبيان والاستطلاع الورقي مكلفة مادياً، وتأخذ الكثير من الوقت للوصول إلى النتائج، أما في حالة التعليقات- إذا اعتبرناها مجازاً استطلاعاً إلكترونياً- فإنها دائماً تمثل تعبيراً ورأياً حقيقياً للشخص عن كل ما يتفاعل معه، كما أنها سريعة، ولا تحتاج إلى أكثر من (كبسة زر) علي (الكيبورد) أو شاشة الهاتف، ومع ذلك فهي أيضاً لا تخلو من السلبيات، وسنأتي على ذكرها في سياق هذا الموضوع.
* وعليه وإن صنفنا هذه التعليقات على أنها استطلاع إلكتروني حقيقي لقياس اتجاهات الرأي، فيمكن للحكومات والمنظمات والجهات المهتمة بالتخطيط ووضع السياسات العامة، أن تستفيد من ذلك، بأن تطرح ما تريده على صفحات الوسائط والميديا، وتقوم باستخراج الآراء من التعليقات وتحليلها، لتصل إلي نتيجة قياس للرأي حقيقية بدرجة كبيرة عن الموضوع محل الاستبيان.
* أعلم أن أغلب حكومات ومنظمات الدول المتقدمة، أصبحت تعتمد على الاستبيان الإلكتروني لقياس اتجاهات الرأي قبل اتخاذ القرارات والسياسات العامة، وأحياناً بعد إنفاذها لقياس أثرها عليهم، ولكن في تقديري فإنه سيظل استبياناً مكشوفاً، قد يتأثر رأي الشخص المستطلع فيه بمواقفه السياسية، والاقتصادية والاجتماعية مثلاً، لذلك من الأفضل أن يكون الاستبيان (خفياً) إن صح التعبير، بأن تطرح القضية أو الموضوع في شكل خبر دون توجيه أسئلة محددة، ويطلب من الناس إجابات عليها مثلاً، ليترك لهم حرية إبداء آرائهم بكل عفوية وأريحية، ومن ثم الوصول لقياس حقيقي عن الموضوع بدون أي تأثيرات عليه من أي نوع.
* بعض التعليقات تعكس مدى فهم وإدراك وعمق ثقافة أصحابها، فهناك من تنحني لهم احتراماً، وهؤلاء لا يكتفون بالتعليقات الجيدة فحسب، بل يمكن أن يضيفوا عليها ما خفي عن الموضوع، ويطرحون أفكاراً ورؤى جديدة مفيدة له.
* أما أصحاب التعليقات السلبية (الانصرافية)، فهم في الغالب محدودو الفكر، وقليلو المعرفة، لذلك نجد أنهم قد يتجهون للإثارة في تفاعلاتهم بعيداً عن أصل الموضوع، ولا يبدون مبالين بما يقولون، المهم أنهم يتفاعلون والسلام، ونصيحتي لهؤلاء أن يكتفوا بالفرجة والاستفادة من المفيد من التعليقات، فذلك أجدى وأنفع لهم.
* أيضاً يلاحظ أن بعض المتفاعلين تأتي تعليقاتهم على حسب شخصية كاتب المنشور، وانطباعاتهم عنه، وليس على فحوى المنشور، فإن كان الانطباع سيئاً عن كاتب المنشور، كان التعليق كذلك، حتى وإن كان المحتوى صحيحاً وموضوعياً، والعكس صحيح تماماً، فإن كان صاحب المنشور (زوله)، فإن التعليق يأتي جيداً ومحفزاً، حتى لو كان المحتوى فارغاً، ولا يستحق التعليق عليه.
* ولكي يبقى التفاعل والتعليق شفافاً وعادلاِ (fair enough) في تقديري، ينبغي أن يكون موجهاً لفكرة ومحتوى الموضوع، بغض النظر عن هوية كاتبه، ودون الغوص في أعماق شخصيته وسيرته الذاتيه بين الناس.
شارك المقال