التربية الإيجابية: بناء الإنسان بالحب والاحترام

153
حسن عبدالرضي

حسن عبدالرضي الشيخ

كاتب صحفي

• في زمن تتناسل فيه الأزمات، وتثقل فيه الضغوط كاهل الأسرة والمعلمين، تبرز التربية الإيجابية كمنهج إنساني متكامل لإعادة الاعتبار للطفل، ليس بوصفه «موضوعًا للتأديب»، بل ككائن نامٍ له كرامة وحقوق، يحتاج إلى التوجيه لا القمع، وإلى الاحترام لا الإذلال.

فما التربية الإيجابية؟

ليست مجرد بديل عن الضرب أو التوبيخ، بل هي فلسفة تربوية ترتكز على العلاقة الندية بين الطفل والراشد، قائمة على الحزم اللطيف، والفهم العميق، والتشجيع البنّاء. ترى الطفل إنسانًا قادرًا على التعلُّم والتطور، لا ككائن ناقص يحتاج إلى التهذيب بالعنف أو التخويف.

ولماذا نحتاج إليها؟

لأن الأساليب التقليدية من العقاب البدني إلى التهديد، وإن نشأت في بيئة حسن النية، خلّفت أجيالًا تعاني من القلق، أو العنف، أو انعدام الثقة. فيما تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئات إيجابية يتمتعون بثقة أعلى بالنفس، وقدرة أفضل على التعلم، وعلاقات أكثر توازنًا.

في البيت، تبدأ التربية الإيجابية من القدوة، حين يضع الأهل قواعد واضحة، ويشرحونها بصبر، ويُصغون بصدق لمشاعر أبنائهم دون تسفيه.

وفي المدرسة، تتجلى في بيئة صفّية تحترم الاختلاف، وتشجع على المشاركة، وتستبدل بالتوبيخ الحوار، وبالعقوبة التحفيز.

إن التربية الإيجابية ليست ترفًا تربويًا أو شعارات مثالية، بل ضرورة وطنية وأخلاقية، خاصة في مجتمعات أنهكتها الحروب والضغوط، وتحتاج إلى إعادة بناء الإنسان من الداخل. فكل كلمة مشجّعة، وكل عناق في لحظة توتر، وكل استماع متفهم، هو حجر صغير في صرح إنسان جديد، أقوى وأكثر سلامًا.

علينا أن نختار: إما أن نربّي بالحب والاحترام، وإما أن نعيد إنتاج دائرة الألم والعنف.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *