
د. عبدالمنعم علي قسم السيد
المستشار الوطني لاستراتيجية التحول الزراعي المستدام SATS
• وتعرف التنمية المستدامة بأنها تنمية اقتصادية متصلة على مر الزمن، تتيح للأجيال القادمة حياةً ذات جودة لا تقل درجة عن تلك التي يتمتع بها الجيل الحالي، وتلبي الاحتياجات الأساسية للناس (مثل الغذاء والماء والطاقة والسكن، إلخ)، وخاصةً الفقراء، وتضمن نمو قطاعات التصنيع والزراعة والخدمات لتلبية هذه الاحتياجات.
ويعود أصل هذا المصطلح إلى تقرير اللجنة الاستراتيجية العالمية، الصادر عن الاتحاد الدولي لحفظ الموارد الطبيعية (IUCN) عام ١٩٨٠. حيث تهدف التنمية المستدامة إلى:
تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية من خلال الاستخدام المستدام والعادل للموارد، من دون الإضرار بالبيئة، ومنع تفاقم الضرر الذي يلحق بنظم دعم الحياة، والحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الأخرى ورعايتها، لضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل.
ويعد التحول الزراعي أحد أهم استراتيجيات التنمية المستدامة، التي- تشمل على سبيل المثال لا الحصر- الطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري، وإدارة النفايات، والنقل المستدام، والتنوع البيولوجي، والتخطيط الحضري، وحماية مواقع تجمعات المياه، وحماية وصيانة التربة من خلال الممارسات الزراعية الجيدة، وخفض الانبعاثات الكربونية، واستخدام التكنولوجيا النظيفة والموفرة للمدخلات، وغيرها.
وتشتمل التنمية المستدامة على ثلاثة أبعاد، هي:
* البعد الاقتصادي الذي يركز على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
* البعد البيئي الذي يهتم بحماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية.
* البعد الاجتماعي الذي يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الحياة.
ولتحقيق هذه الأبعاد الثلاثة، يهدف التحول الزراعي إلى تأسيس أنظمة زراعية وغذائية مجدية اقتصادياً وعادلة اجتماعياً وآمنة بيئياً.
ويعتمد تحقيق أهداف التنمية الأممية المستدامة SDG بصفة رئيسية على مدى النجاح المتحقق في التحول الزراعي، وبصفة خاصة الهدف الثاني القضاء على الجوع zero hunger ثم الهدف الأول محاربة الفقر no poverty الأمر الذي يتطلب تسريع إحداث التحول في نظم الأغذية الزراعية، لجعلها أكثر كفاءة وشمولاً واستدامة وقدرة على الصمود.
ولحدوث ذاك لا بدّ من توفير محركات التحول الثلاثة، التي تحدثنا عنها في العمود السابق، وهي الجاهزية المتمثلة في الإصلاح المؤسسي والهيكلي بتغيير القوانين الحالية، واستبدالها بأخرى داعمة للتحول، وتوفر المناخ السياسي وقوة الإرادة السياسية لدى قيادة الدولة، وتوفر أنظمة الحوكمة، ووجود خطة استراتيجية للتحول متفق عليها من أصحاب المصلحة، وتوفير عناصر النجاح اللازمة لها، وتوفر روافع الإنجاز المتمثلة في آليات اتخاذ القرار ومعايير قياس الأداء، ووجود مزارعين ومستثمرين رواد لقيادة التغيير.
ومن أهم التحديات التي يجب أن تعالجها الخطة الاستراتيجية للتحول الزراعي المستدام، الإصلاحات المؤسسية، والنمو المضطرد لأعداد السكان، وتغير المناخ، وفقدان التنوع البيئي، وتدني معدل الاستثمارات الزراعية، وضعف إنتاجيات المحاصيل الزراعية، وضعف استخدام التكنولوجيا؛ الأمر الذي يتطلب الاستغلال الأمثل للموارد، ورفع كفاءة تشغيلها، والتوظيف الأمثل للتقنيات الزراعية والابتكار، وبناء سلاسل التوريد وسلاسل القيمة وأنظمة التخزين الداعمة لأنظمة الإنتاج المتنوعة، وسد فجوات إنتاج المدخلات من خلال الإنتاج المحلي أو الاستيراد.
وفوق هذا وذاك توفير التمويل الميسّر للخطط الزراعية على النطاق الواسع، بواسطة الشركات الكبيرة والمتوسطة وكبار المزارعين، وعلى النطاق الصغير بواسطة الجمعيات التعاونية والمزارعين الأفراد في القطاعين المروي والمطري.
شارك المقال