Nimiri

نميري مجاور

كاتب صحفي

• لا أقول إن ذات الظروف التي عجَّلت برحيل الفنان «بهنس» هي ذات الظروف التي أدت إلى رحيل الأديب محمد خير، لكن أستطيع أن أقول رحل وهو يفتقر لأقل مقومات الحياة، ولا يملك حينما رحل شروى نقير، رغم أنه قدم من الإبداع ما يمكن أن ينتشل بلاده من الجهل والفقر. عمل محمد خير طوال حياته من خلال كتاباته، سواء الصحفية أو الروائية، على إصلاح البنية الثقافية والاجتماعية. 

ورغم افتقاره لأقل متطلبات الحياة كبقية المبدعين، لم يمنعه ذلك من إصدار عدد كبير من الكتب التي أثرت الساحة الأدبية، بجانب دوره البارز في «نادي قصة» الذي ظل يترأسه لسنوات.

ما قادني إلى كتابة هذه المقدمة هو الصدفة التي جمعتني معه عند زيارتي الأولى إلى السودان بعد غياب سنوات طويلة، بينما كنت أتمشى في السوق العربي  لشراء بعض الكتب التي تُباع في الطرقات، فوجئت برئيس مجلة «سرديات» يبيعها هو بنفسه. بل كان يشرح محتواها ويعرض لمحة عن كتابها من العظماء. وفي كل عدد، يزداد إعجاب الجمهور بتلك الكتابات التي تم انتقاؤها من خلال عدد من الأقلام.

لكن المفاجأة كانت عندما وجدت اسمي وصورتي وقصة «حبات الكرز» في العدد الذي يسوقه للناس مع أعداد أخرى لم ينتبه القراء لمحتواها. 

جلست بجانبه ليحكي لي قصصاً بعضها  عشته قبل هجرتي إلى بريطانيا. لكنني لم أستطع أن أتصور ما كان يسرده مما آل إليه الحال بعد ذلك، مقدماً مثالاً بنفسه وآخرين لم يستطيعوا ترك  البلاد رغم قساوة الحال الذي وصلت إليه، فالكثير من الكتاب أصبحوا مضطرين لبيع ما يكتبونه حتى يضمنوا لقمة عيشهم.

إن قصص المبدعين مثل محمد خير تمثل صرخات من أعماق مثقفي السودان، تذكرنا بأهمية دعم الإبداع والثقافة في مواجهة التحديات والظروف القاسية التي تعرقل مسيرة التقدم، فهل توحدنا لفعل ذلك بعيداً عن مآلات السياسة وتقاطعاتها!؟

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *