تاج الأصفياء عبدالمنعم

تاج الأصفياء عبدالمنعم

كاتب صحفي

• في ظل ظروف إنسانية مأساوية، يعاني حوالي 638,000 شخص في السودان من ظروف جوع كارثية، تُصنف ضمن المرحلة الخامسة من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، وهي أعلى مرحلة تشير إلى مجاعة حقيقية. هذه الأرقام الصادمة ليست مجرد إحصاءات، بل تمثل واقعاً مؤلماً يعيشه آلاف العائلات التي تواجه خطر الموت جوعاً بسبب النزاعات المسلحة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وانهيار البنية التحتية.

في خضم هذه الكارثة، يبدو أن السودانيين، رغم كل ما يجمعهم من تاريخ وثقافة مشتركة، يعانون من انقسامات عميقة تجعل من الصعب عليهم الاتفاق على حلول جذرية لإنقاذ البلاد.
في اعتقادي أن السودانيون اتفقوا على ألا يتفقوا ، وهي عبارة تعكس واقعاً مريراً من التشرذم السياسي والاجتماعي الذي يعيق أي جهود حقيقية لنهضة البلاد.

تشير التقارير الدولية إلى أن النزاعات المسلحة المستمرة في مناطق مختلفة من السودان هي السبب الرئيسي وراء تفاقم الأزمة. هذه الصراعات لم تدمر فقط البنى التحتية والقطاعات الاقتصادية، بل أدت أيضاً إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، مما جعلهم عاجزين عن توفير الغذاء لأنفسهم وعائلاتهم. بالإضافة إلى ذلك، أدى تراجع الدعم الدولي إلى تفاقم الأزمة، مما جعل الوصول إلى الغذاء والدواء أمراً شبه مستحيل في بعض المناطق.

إدارة الحكم.. جذور الأزمة
من وجهة نظري الشخصية إدارة الحكم في السودان هي السبب الجذري لكل هذه الكوارث. فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وانتشار الفساد، وغياب الرؤية الاستراتيجية، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأزمات. باختصار إدارة الحكم هي سبب كل هذه البلاوي. نحن بحاجة إلى نظام حكم عادل وشامل يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.

نداء للإنسانية
في ظل هذه الظروف، أصبحت المساعدات الإنسانية العاجلة ضرورة حتمية لإنقاذ الأرواح. يحتاج السودان إلى تدخل دولي عاجل لتوفير الغذاء والدواء، وإعادة بناء البنية التحتية بعد أن أحكم الجيش قبضته على معظم مناطق البلاد. كما أن هناك حاجة ماسة إلى إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية لضمان عدم تكرار هذه الكارثة في المستقبل.

كارثة الجوع في السودان تخطت مرحلة الأزمة الإنسانية، نتيجة تراكمات سنوات من الصراعات وسوء الإدارة. إن إنقاذ السودان يتطلب جهوداً مشتركة من الداخل والخارج، بدءاً من وقف الصراعات، مروراً بتقديم المساعدات العاجلة، ووصولاً إلى إصلاح نظام الحكم لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. السودان بلد غني بموارده وشعبه، ولكن تحقيق النهضة يتطلب أولاً وقبل كل شيء إرادة سياسية حقيقية ووحدة وطنية تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار.

رأي أخير
في المناطق التي تم تحريرها واستعادة الأمن فيها، يلعب التأمين دورًا حيوياً في تعزيز الاستقرار وبناء الثقة بين السكان. فبعد مرحلة الصراعات وانتشار الفوضى، يحتاج الأفراد والمؤسسات إلى ضمانات تحميهم من المخاطر المستقبلية، سواء كانت أضراراً مادية أو خسائر اقتصادية. التأمين يوفر طبقة حماية إضافية تشجع السكان على إعادة بناء حياتهم واقتصادهم، مما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تفعيل الرقابة الشعبية على الخلايا النائمة يُعد أمراً بالغ الأهمية لمنع تكرار سيناريو الصراعات أو انهيار الأمن. التأمين يمكن أن يكون أداة داعمة في هذا الإطار، حيث يوفر حوافز مادية للأفراد والمجتمعات للمشاركة في الحفاظ على الأمن والاستقرار. على سبيل المثال، يمكن أن تشمل برامج التأمين حوافز للمجتمعات التي تتعاون مع السلطات في الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة أو تعزيز الأمن المحلي.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *