الاتحاد الأوروبي: ٥٦ ألف طفل سوداني استفادوا من التمويل

106
انقذوا الأطفال

متابعات – «فويس»

داخل مدرسة حفصة بنت عمر للبنات في بورتسودان، تدخل فتاة في الثانية عشرة من عمرها مكتب مديرة المدرسة. ترغب في الالتحاق بالمدرسة لأول مرة. على أمل الانضمام إلى فصول التعليم غير النظامي للتعلم المُسرّع.

هذه الفتاة واحدة من عدد كبير من الأطفال الذين يسعون إلى التعليم بعد أن فاتتهم فرصة التعلم بسبب الحرب أو النزوح أو الفقر أو غيرها من العادات الاجتماعية.

أدى الصراع في السودان إلى واحدة من أكبر أزمات التعليم في العالم، حيث عطّل تعليم أكثر من ١٧ مليون طفل. حيث أصبحت بورتسودان، إحدى الولايات الأكثر أمانًا في شرق البلاد، ملاذًا لآلاف النازحين من ديارهم. ولكن هذا الوضع أدى إلى استنزاف الموارد العامة بسبب تدفق النازحين إلى المدينة.

تصف إحدى المعلمات ازدحام الفصول الدراسية في مدرستها، حيث يبلغ عدد الطلاب في الفصل الواحد حوالي ١٢٠ طالبًا، مما يُشكّل تحديات هائلة للمعلمين.

يقول الاتحاد الأوروبي أنه في إطار جهوده لضمان حصول الأطفال على التعليم وخدمات الحماية، موّل الاتحاد منظمة “أنقذوا الأطفال” بمبلغ ٣٠ مليون يورو لدعم ١٦٠ مدرسة في ست ولايات، من خلال تدريب المعلمين على مهارات التعليم في حالات الطوارئ وتقديم الدعم المباشر للأطفال. وقد استفاد من البرنامج ٥٦ ألف طفل، حيث وفّر لهم اللوازم المدرسية، والفصول الدراسية المُجدّدة، والوجبات الغذائية، بالإضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدتهم على تجاوز صدمة الحرب.

تعكس مدارس بورتسودان واقع الطلاب النازحين. فقد انقطع الكثير منهم عن التعليم لأشهر، بينما شهد آخرون أهوالًا لا تزال تطاردهم. شاهدت نسيبة صديقيها يموتان في شوارع الخرطوم.

تقول فاطمة سليمان، إحدى موظفات المشروع: “اضطر الأطفال إلى تحمّل ظروف تفوق قدرتهم على الاستيعاب”. مضيفة: “يتم تحديد من يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي. ويقدم موظفو الدعم المتخصصون في المدارس المساعدة، بينما تُحال بعض الحالات إلى مزيد من الدعم الطبي والنفسي”.

يعمل المشروع على خدمة كل من مجتمع النازحين وسكان بورتسودان المحليين. من خلال العمل على تقديم الإغاثة الإنسانية الفورية لتلبية الحاجة الملحة لدمج الأطفال النازحين في المدارس المكتظة، مع تطوير المدارس والمجتمع المحيط بها في الوقت نفسه لتحقيق تأثير مستدام طويل الأمد.

يسعى المشروع أيضاً إلى تعزيز السلام والتسامح من خلال تخفيف التوترات المحتملة التي قد تنشأ عن انخفاض وصول السكان إلى المدارس والخدمات العامة.

يشرح محمد أحمد، أحد أولياء الأمور وعضو جمعية الآباء والمعلمين، التحسن الكبير الذي شعروا به بعد أن أصبحت مدرسة أطفاله جزءًا من المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي: “كنا نبني فصلًا دراسيًا واحدًا من الخشب كل عام. الآن، تولت المنظمة هذه المهام الصعبة، ونحن كآباء وأمهات مطلوب منا فقط مراقبة أطفالنا. نحن في وضع جيد جدًا الآن.”

روت طباره محمد، وهي أم نازحة، معاناتها في النزوح من الخرطوم إلى بورتسودان حيث تعيش الآن مع أقاربها في منزل واحد مع أكثر من خمس عائلات. وتحدثت عن ابنها مصعب، الذي يعاني من مشاكل صحية جعلت من الصعب عليه الذهاب إلى المدرسة.

يتلقى مصعب اليوم تعليمه في بيئة داعمة تلبي احتياجاته.

دمج الأطفال ذوي الإعاقة بنجاح من أهم جوانب والتزامات المشروع. فقد تم إنشاء وتركيب منحدرات في ٢٠ مدرسة في جميع أنحاء الولاية لمساعدة الأطفال ذوي الإعاقة على الدراسة والاندماج بشكل جيد مع الأطفال الآخرين.

ملاذ عبد العزيز، إحدى موظفات المشروع من منظمة “أنقذوا الأطفال”، شرحت كيف تُقدم لأسر الأطفال ذوي الإعاقة أيضًا الدعم النفسي لمساعدتهم على إدراك أهمية ضمان مشاركة أطفالهم الكاملة في الأنشطة المدرسية، وتذليل العقبات، والاندماج في المجتمع المدرسي.

نعمت، فتاة تعاني من إعاقة جسدية منذ ولادتها، وقد تمكنت أخيرًا من الحصول على التعليم. علمت والدتها بالمشروع لأول مرة من خلال معلمة في المدرسة: “جاءتني معلمة وقالت لي إن أرسلتها إلى المدرسة، فهناك منظمة ستوفر لها كرسيًا متحركًا، فأرسلتها إلى المدرسة”.

تحكي الأم عن ابنتها: إبنتي تقول إنها تريد الذهاب إلى المدرسة. ثم تكبر، وتحصل على كرسي متحرك أكبر وتلتحق بالجامعة… إنها الآن تتعلم الكتابة”.

في هذه الأوقات العصيبة، يمنح مجرد الذهاب إلى المدرسة الأطفال شعورًا حيويًا بالاستقرار والحياة الطبيعية. يسعى هذا المشروع التابع للاتحاد الأوروبي إلى توفير دعم شامل للأطفال، مع تلبية احتياجاتهم التعليميةوالطبية والحماية والتغذية.

إن العدد المتزايد للأطفال الراغبين في الذهاب إلى المدرسة دليل على التأثير العميق للمشروع. للأسف، لا يمكن قول الشيء نفسه عن الأطفال في الولايات الأخرى المتضررة.

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *