(الأزرق) يحرج (البرتقالي) في  اللحظات الحاسمة

86
2

ليدز – «فويس»

• شهدت المباراة بين الفريق البرتقالي والأزرق في دوري دافوري ليدز أداء هجومياً استثنائياً من كلا الفريقين، حيث كشف تسجيل 39 هدفاً عن غياب شبه تام للتوازن الدفاعي، مما يجعلنا نتساءل عن طبيعة الاستعدادات التكتيكية للفريقين قبل المباراة. بدأ البرتقالي بداية نارية تعكس خطة هجومية واضحة اعتمدت على تفعيل جناحي الملعب، حيث ظهرت ثنائية غسان وسهولي بشكل لافت في الربع ساعة الأولى، بينما بدا الفريق الأزرق مرتبكاً في خط الدفاع مع وجود فجوات كبيرة بين اللاعبين، خاصة في التعامل مع الكرات العرضية والتمريرات بين الخطوط.

الهدف الأول لسهولي جاء نتيجة لضغط هجومي متواصل، حيث استغل إهمالاً دفاعياً من مدافعي الأزرق الذين خرجوا بطريقة غير مدروسة من مراكزهم، بينما كان الهدف الثاني لغسان تحفة تكتيكية بامتياز، حيث لعب قيس دور المحرك الخفي بتمريرة بين ثلاثة مدافعين كشفت عن مشكلة التغطية الدفاعية لدى الأزرق. لكن المفارقة أن الفريق الأزرق، رغم ضعف أدائه الدفاعي، أظهر ذكاء هجومياً لافتاً في طريقة تعامله مع الكرات البينية، حيث سجل أبوشيبة هدفين من تسديدات قوية ودقيقة يعكسان ضعفاً واضحاً في التعامل مع الكرات البينية لدى الدفاع البرتقالي.

الأداء الفردي لبعض اللاعبين كان عاملاً حاسماً في مجريات المباراة، فبينما قدم عمار سلسلة أهداف تعتبر دراسة حالة في فن الانفراد بالمرمى، خاصة هدفه التاسع الذي جاء بعد مراوغة ثلاثية تعكس ضعف ردات الفعل الدفاعية، نجد أن بوغبا قدم أداءً قيادياً مختلفاً رغم الخسارة، حيث لم يكتف بتسجيل أربعة أهداف، بل كان العقل المدبر لمعظم الهجمات من خلال رؤيته الثاقبة وقدرته على تغيير اتجاه اللعب بشكل مفاجئ.

المثير للانتباه هو التباين في أداء الخطط الهجومية، فبينما اعتمد البرتقالي على الهجمات المنظمة عبر التمريرات القصيرة والتبديلات الذكية للمراكز (كما ظهر في ثنائية عصام يعقوب وأمجد)، نجد أن الأزرق فضل لعبة التموضع السريع والاعتماد على الأخطاء الدفاعية للخصم، وهو ما يفسر تسجيل أبوشيبة لستة أهداف معظمها جاءت من كرات ثانية وارتدادات داخل الصندوق.

من الناحية النفسية، يلاحظ أن الفريق البرتقالي حافظ على تركيزه الهجومي رغم تبادل الأهداف، بينما بدا الفريق الأزرق عرضة للانهيارات الدفاعية المتكررة، خاصة في الدقائق التي تلي تسجيل الأهداف، حيث سجل البرتقالي ثلاثة أهداف خلال خمس دقائق بعد كل هدف للأزرق، مما يكشف عن مشكلة حقيقية في التركيز الدفاعي وإدارة الضغوط.

اللافت أيضاً هو الأداء المتصاعد لبعض اللاعبين مع تقدم المباراة، حيث تحول عمار من مجرد مهاجم تقليدي إلى قائد هجومي حقيقي في الشوط الثاني، مسجلاً 8 من أهدافه التسعة في النصف الثاني من المباراة، بينما تراجع أداء سهولي بشكل ملحوظ في الشوط الثاني بعد أن كان الأكثر تأثيراً في الشوط الأول.

على المستوى التكتيكي، تظهر المباراة إشكالية كبيرة في توازن الفريقين، فبينما يمتلك البرتقالي خط هجومي متكامل (عمار 9 أهداف، سهولي 3، غسان 2، عصام 1، أمجد 3)، نجد أن الأزرق اعتمد بشكل مفرط على ثلاثية أبوشيبة (6 أهداف) وبوغبا (4 أهداف) وسهيل (3 أهداف)، مما يعكس مشكلة في توزيع الأدوار الهجومية.

الدفاع كان نقطة الضعف الأبرز، حيث كشفت الأهداف عن أخطاء فردية فادحة، مثل خروج حراس المرمى في توقيتات خاطئة، وعدم متابعة المهاجمين، وضعف التغطية في المناطق الجانبية. الهدف السادس عشر لغسان الذي جاء بعد تداخل غير مدروس من عبدالعظيم، والهدف الرابع والعشرون لعبدالعظيم نفسه الذي سجل عن طريق خطأ ارتكبه في التمرير، كلها أمثلة على الفوضى الدفاعية التي سيطرت على المباراة.

في الختام، يمكن اعتبار هذه المباراة نموذجاً صارخاً لغلبة الهجوم على الدفاع، حيث قدمت لنا مدرسة هجومية حقيقية في فن تسجيل الأهداف، لكنها في المقابل كشفت عن ثغرات دفاعية تحتاج إلى معالجة عاجلة من كلا الفريقين إذا كانا يطمحان للبقاء في صدارة الدوري. أداء عمار الاستثنائي (9 أهداف) وبوغبا القيادي (4 أهداف وعدة صناعات) يبقى هو الجانب المشرق في مباراة سيذكرها الجمهور لفترة طويلة بسبب جنون الأهداف الذي طغى على كل الجوانب الأخرى.

عمار يتألق

في مباراة الفريق البرتقالي ضد الأزرق التي انتهت بتسجيل 39 هدفاً، برز عمار كلاعب استثنائي ليس فقط لكونه الهداف الأعلى بتسجيله 9 أهداف، بل لأنه أعاد تعريف معنى الهيمنة الهجومية في مباراة واحدة. ما يميز أداءه هو التنوع المذهل في طرق تسجيله للأهداف، حيث سجل بكلتا قدميه، بضربات من خارج المنطقة، ومن ركلات حرة، مما يجعله نموذجاً كاملاً للمهاجم الحديث. الأكثر إثارة هو توقيته الدقيق، حيث سجل أهدافاً في لحظات حرجة من المباراة، خاصة الهدف الذي أعاد التقدم لفريقه بعد تعادل الأزرق عند 4-4، والهدف الذي سجله في الدقيقة 72 ليقضي على آمال المنافس في العودة.

تحليلاً أعمق لأدائه، نجد أن عمار كان يتحرك كظل في منطقة الجزاء، حيث استغل كل المساحات الضيقة بين المدافعين بذكاء نادر. ثلاثة من أهدافه التسعة جاءت من كرات ثانية وارتدادات، مما يكشف عن حسه الاستثنائي بالتمركز وردة الفعل السريعة. الأرقام تكشف قصة أكثر إثارة: لمس الكرة 47 مرة فقط، لكنه سجل كل 5.2 لمسة، وهي نسبة إنجاز مهولة تعكس الكفاءة القصوى في الاستفادة من كل فرصة.

مقارنة ببقية المهاجمين في المباراة، بينما اعتمد أبوشيبة على التمريرات العميقة، وبوغبا على إمكاناته في المراوغة، كان عمار يجمع بين المراوغة الخادعة والانطلاقات المفاجئة التي تربك الدفاعات. في الهدف الثالث عشر، مثلاً، خدع الحارس بحركة جسد واحدة قبل أن يسدد بالقدم الأخرى، وهو ما يظهر براعة تقنية نادرة. تأثير عمار تجاوز الأهداف المسجلة، حيث كان وجوده على الملعب يخلق مساحات هائلة لزملائه، كما يتضح من حقيقة أن 5 أهداف لفريقه جاءت بعد مراوغاته التي جذبت أكثر من مدافع.

من الناحية النفسية، كان عمار سيد الموقف، حيث لاحظنا كيف بدأ مدافعو الفريق الأزرق في التردد عند مواجهته بشكل فردي بعد هدفه الخامس، مما خلق حالة من الرهاب الدفاعي. المثير أن 7 من أهدافه التسعة جاءت في الشوط الثاني، مما يكشف عن لياقة بدنية فائقة وقدرة على الاستمرار تحت الضغط. لو أردنا تشبيه أدائه، فهو يشبه إلى حد كبير أداء المهاجمين العالميين في ذروتهم، حيث الجمع بين الغريزة القاتلة والمهارة الفنية والقدرة على صنع الفارق في اللحظات الحاسمة.

في الختام، أداء عمار في هذه المباراة يستحق أن يدرس كحالة كاملة لفن الهجوم. لم يكن مجرد هداف، بل كان ظاهرة تكتيكية أعادت تعريف مفهوم خطورة المهاجم. تسجيل 9 أهداف في مباراة واحدة هو إنجاز نادر حتى في ألعاب الفيديو، فما بالك في مباراة حقيقية. هذا الأداء يطرح عمار ليس فقط كأفضل لاعب في المباراة، بل كمرشح قوي لأن يكون اللاعب الأكثر تأثيراً في الموسم إذا استمر بهذا المستوى. السؤال الآن: هل سنشهد المزيد من هذه العروض الأسطورية، أم أن الدفاعات الأخرى ستتعلم من دروس هذه المباراة وتجد طريقة لكبح هذا الإعصار الهجومي؟

 

شارك الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *