العجب عبدالكريم

العجب عبدالكريم العجب

كاتب صحفي

• تزاحمت وتناسلت الأفكار أميبيا وأنا أحاول أن أجد واحدة تصلح للكتابة!! وفي حيرتي هذه وجدتهم مجموعة من الشباب متحلقين حول عمود الإنارة في بداية الشارع، وصلتهم بعد التحية التي ردوها بكل محبة واحترام، عادوا لنقاش كان دائراً بينهم بعد أن ترجل أحدهم مسابقاً الآخرين عن مقعده لي، شكرتهم وسحبت الكرسي مبتعداً قليلاً عنهم حتى يواصلوا ما انقطع من نقاش. ابتعدت وإمعاناً مني في جعلهم يركزون في موضوعهم أخذت أبدي انشغالي بالتلفون متصفحاً، ومفتعلاً تركيزاً بجدية.. ومطرقاً أذنيَّ لحوار دار بينهم، ابتدره الذي كان يتحدث حين حضوري: يا شباب نرجع لموضوعنا، نحن دعيناكم الليلة لطرح فكرة عامة، وهي خدمة حينا، وأخرى خاصة هي تكوين جسم يمكن من خلاله نخدم الحي ويخدمنا في زيادة ترابطنا، وانتو شايفين الناس بقت كيف بعد الحرب… 

أخذت في التبسم إعجاباً بهذا الأسلوب في طرح الموضوع العميق ببساطة تجبرك علي التعاطي معه، وزاد عجبي كلمات أول المتداولين للنقاش، الذي بدأها بالتحية والشكر لأصحاب اللمة، وأبدى ملاحظة في غاية الأهمية، مفادها لا بدّ من جذب الشباب وتوحدهم، وضرب مثالاً لعدم الوحدة بأنَّ الشباب داخل الحي بكل أسف لا يتعارفون فيما بينهم.. أخذت الآراء تتوالى من هذا وذاك، وبين مخالف لكيفية التطبيق، ومن يعتبر أن العمل المؤطر تنظيمياً بلجنة ولائحة وقانون غير مجدٍ، ومن يدعو للعمل من داخل لجنة الحي المنتخبة حديثاً. وظل الناقش دائراً في هذا الإطار دون الخروج من الدائرة التي أغلقوها بقلة الخبرة.. وأنا أتابع من خلف شاشة تلفوني، ومن بين أذنين حرصت إلا تفوتهما كلمة.. 

كاد النقاش أن يفقد حميمته التي بدأ بها، وأصبح محصوراً ببين أكثر اثنين مختلفين في استيعاب الفكرة. وعندها استأذنتهم في منحي فرصة للحديث، وبذات ترحيبهم بكل ود عند مقدمي دعوني للاقتراب منهم ومشاركتهم النقاش.. بدأت حديثي لأبسط الأمر لهم بأن كل المتحدثين منهم لم يختلفوا بأن الفكرة خلاقة، ولا بدّ من تنفيذها، وآخر جدال كان حول فهم الفكرة وكيفية التنفيذ، بمعنى أنكم متفقون. 

بدأت في التبسيط أكثر حتى أجعل الثقة عندهم تعلو، واحترام الرأي الآخر يكون هاديهم للخروج بالرأي الصائب، وأثنيت على الفكرة، وأكدت على عدم تجاوز أحد، والحرص على استقطاب كل شباب الحي، والبدايات دائماً صعبة، لكنها محفز للوصول للغايات.. ودعوتهم لمواصلة نقاشهم بعد أن وجدت منهم إنصاتاً غيّر عندي ما يتردد حول افتقار الشباب للوعي. 

استمر نقاشهم، وقبل أن يختموا دعوني حتى أطلع على ما توصلوا إليه.. وبدأ من انتخبوه لأمانة إعلامهم الحديث بأنهم كوّنوا مكتباً تنفيذياً لهم، وحرصوا فيه على توزيع المناصب بين مربعات الحي، واختيار الأكفأ، واقترحوا بعض البرامج للبداية والتي تتطلبها المرحلة، وبدأوا ببرنامج مهم جداً والخريف بدأت وعثاته مرضاً ونواقله، واقترحوا حملة لإصحاح البيئة، بجانب تكية تمنح الأمل للذين يتهيبون العودة وللذين تمنعهم العفة والحياء أن الجار للجار.. 

بعد تنويرهم زادت عندي الرغبة في إنجاحهم ونجاح مسعاهم، فخاطبت فيهم العنفوان ورغبة العمل، ووضعت بين أيديهم خارطة طريق لكيفية البداية، ومنفستو التنفيذ لبرامجهم، ووضع جهدي المتواضع وخبراتي بين أيديهم سنداً ودعماً.. تفرقوا على وعد أن تكون لهم بصمة وإنجاز في حيهم الذي يحتاج الكثير.. تفرقوا واجتمعت عندي فكرة مقال وما خلفته الحرب من دمار أصلحته بفتح عقول شباب أصلاً متفتحة منذ ديسمبر، الذي أعلن عن القادم هو عصرهم وحقهم الذي تعاهدوا على اقتلاعه.. 

الحرب كلها مسالب، لكن ما لمسته وعايشته في جلستي مع هؤلاء الشباب، يعتبر أحد محاسنها، الاتحاد هو معول التعمير، وانتظار الحلول هو ما أقعدنا.. الترابط والمبادأة والإقدام هي طريق الوصول للأمام. 

ميلاد فهم جديد في الانتماء للوطن بدأ منكم شباب حي ١١٤، وما لمسته من إيجابية تسر العين. 

 سيروا وكلنا سند لكم

مع ودي

وإلى لقاء في براحات ضل أرحب.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *