إلى متى هذا التهادن في مواجهة الخيانة؟

347
الناجي صالح

الناجي حسن صالح

رئيس التحرير

• السودان اليوم يقف على حافة الهاوية، تنازعه أظافر الغدر الإماراتي التي لا تفتأ تنقب في جسده لتفريغه من روح السيادة والعزة. فبعد أن انكشفت أدلة المؤامرة كالشمس في كبد السماء، وأصبح تورط الإمارات في دعم الإرهاب وتفكيك الاقتصاد حقيقة لا يجادل فيها إلا جاهل أو خائن، يظل السؤال يطرق أبواب الضمير الحي: كيف يبقى السودان مكتوف اليدين أمام عدو يعلن بغضه كل يوم بدماء الأبرياء وخراب المدن؟
لقد تحوّلت تلك «العلاقات الخبيثة» إلى سكين مسلولة على رقبة الوطن، يمسك بها المستعمر الجديد بيد طالحة. بنك الخرطوم – ذلك الوحش المالي الذي تحكمه أبوظبي – لم يعد مجرد مؤسسة مصرفية، بل صار أداة لتمويل المليشيات الجائعة، وآلة لطحن العملة الوطنية، وذراعاً طويلاً تمتد به الإمارات لتخنق أي أمل في نهضة سودانية. فهل يعقل أن تظل هذه الأداة الخبيثة تعبث باقتصاد البلاد بينما الشعب يئن تحت وطأة الجوع والدمار؟
أمّا استثماراتهم التي تتخفى وراء أقنعة التنمية، فهي ليست سوى ذئاب مفترسة في ثياب حملان وادعة. إنِّها تعبث بثروات الأرض السودانية، وتحوِّل عائداتها إلى رصاص يطلق على صدور أبناء هذا الوطن الأبي. فكيف تقبل مصافحة يد تلطخها دماء الضحايا؟ وكيف تترك الأبواب مفتوحة أمام من يخطط ليل نهار لتمزيق النسيج الوطني؟
إن القرار لا يحتمل مزيداً من التردد، فالحقيقة واضحة كضوء الفجر. لا بدَّ من قطع العلاقات الدبلوماسية فوراً، ومصادرة كل ما تملكه الإمارات على أرض السودان، وتحويله إلى تعويض عن الدماء التي سالت، والأرواح التي ذهبت، والأحلام التي دُفنت تحت أنقاض الخيانة. فما قيمة الدبلوماسية مع من يجعل من مؤسساته غرفة عمليات لضرب الأمن القومي؟
أما موقف المتفرج تجاه هذه الجرائم، بلا ظنة تُبدى ولا إبلال يُرى، هو تواطؤ يشبه جريمة ترتكب في وضح النهار. فالأمم المتحدة نفسها لم تعد تخفي الحقائق، والتقارير الدولية أصبحت تؤكد بأن أبوظبي شريك رئيسي في جرائم الحرب. فهل ننتظر مزيداً من الدمار حتى نفيق؟ أم أن هناك من ينتظر أن يباع الوطن قطعة وراء الأخرى، قبل أن يتحرك؟
لقد آن الأوان ليقف السودان كالطود الشامخ في وجه هذه العاصفة. فلنكن أحراراً بأرضنا، أو نكون خونة في سجل التاريخ. فالشعب الذي قدَّم التضحيات الجسام لا يليق به إلا قيادة تدرك أن العزة لا تُشترى بدماء الأبرياء، وأن السيادة لا تُباع بثمن بخس دراهم معدودة. إنَّها معركة وجود، فإمَّا أن نكون أو لا نكون.
السودان أكبر من أن يكون رهيناً لمصالح دويلة لا تعرف إلا لغة الاستغلال. فالدول التي تحترم نفسها لا تهادن من يقتل أبناءها ويدمِّر مستقبلها.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *