أهمية تطبيق معايير الجودة في مؤسسات التعليم خلال الفترة القادمة بالسودان

347
فكري كباشي الأمين

أ. د. فكري كباشي الأمين

خبير اقتصادي

• معلوم للجميع الظروف التي تمر بها مؤسسات التعليم العالي، والتحديات الجسيمة التي تواجهها؛ والتي تقتضي التكاتف والتعاون لتجاوزها.. وأتمنى أن يتم طي صفحة الماضي بخيرها وشرها بعد انتهاء هذه الحرب اللعينة، والبدء في العمل سوياً من أجل رفعة الجامعات والارتقاء بها أكاديمياً وإدارياً… ونبذ التشرذم والتشظي، والعمل بروح الفريق الواحد المتجانس والمتآلف، من أجل تمهيد الطريق لاستمرار العملية التعليمية، ومعالجة تراكم الدفعات من خلال العمل بروح الفريق في كل الجامعات حسب ظروفها، والعمل على اقتراح الحلول  لإعانة إدارات الجامعات من خلال طرح المبادرات والخطط الكفيلة للارتقاء بمستوى التعليم على مستوى واحد  في كل من العملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع.. ولذلك أقترح أن يتم خلال الفترة التالية وكأمر عاجل، العمل على تحقيق هدفين، وهما:

أولاً: العمل على معالجة الأمر الذي تعاني منه الجامعات؛ المتمثل في تراكم للدفعات نتيجة للأسباب المعروفة، مما أدى إلى إحداث ربكة في التقويم الجامعي، وعدم انتظام العملية التعليمية. ويمكن طرح خيار التعليم الإلكتروني للمعالجة في  التعليم الجامعي،  ومواكبة تطورات الطريقة التي يحبذها طلاب التعليم الجامعي والخريجون في التعلم، حيث وفّرت التكنولوجيا نظام تعليم حديثاً، والذي يتمثل فى التعليم الإلكتروني أو التعليم الافتراضي.. ووفقاً للتقارير التي نشرت في أواخر العام ٢٠٢٠م، بأن هناك وحول العالم ٥ آلاف معلم حول منصة التعليم الإلكتروني، و٢٤ مليون مستخدم،  وأكثر من ١٤٥ شريكاً في ١٩٦ دولة. وهذا يعكس مدى الانتشار الكبير للتعليم الإلكتروني، والذي تتميز طبيعته بالمرونة؛ مما ساهم في الزيادة المطردة في أعداد رواده في السنوات الأخيرة، وذلك أنه يسمح للطلاب  بالدراسة خلال الوقت الذي يناسبهم وأينما كانوا، مقارنة بالقيود التي تحيط بطبيعة التعليم الجامعي التقليدي، وبذلك يكتسب المزيد من المرونة والسهولة.. وعليه لا بدّ من النظر في كيفية استمرار التعليم في هذا السياق عن طريق إتاحة الفرصة لنظام التعليم الإلكتروني،  الأمر الذي يساعد في حل مشكلة إغلاق الجامعات في العديد من المدن التي طالتها هذه الحرب اللعينة، وتلبية رغبة أولياء الأمور والطلاب؛ خاصة أولئك الذين لديهم الرغبة في إتاحة الفرصة  للحصول على التعليم الجامعي ولديهم مشكلة في الوصول إلى الجامعات نتيجة لتداعيات هذه الحرب اللعينة.

ثانياً: تطبيق معايير الجودة في التعليم العالي بالسودان، والتي أقرتها الهيئة الوطنية للاعتماد والتقويم بوزارة التعليم العالي، سواء أكان التقويم المؤسسي أو البرامجي، ولا يخفى عليكم أن أمر الجودة في مؤسسات التعليم العالي يعدّ من الاتجاهات الحديثة، التي لاقت رواجاً كبيراً عاماً، لتطوير إدارة المؤسسات عن طريق بناء ثقافة عميقة عن الجودة بمعناها الشامل، وإيجاد قاعدة من القيم والمبادئ التي تجعل كل فرد في المؤسسة الجامعية يعلم أن الجودة مسئوليته، وقد أخذت الدول المتقدمة بتطبيق هذه المفاهيم في التعليم مع بداية التسعينات من القرن الماضي، ويمكن القول بأن الجودة الشاملة تركز على أن ترضي توقعات المستفيدين من معلمين وإداريين وطلاب وأولياء أمور وغيرهم، كما يمكن أن تنجز إدارة الجودة الشاملة بتكلفة منخفضة، من خلال اشتراك كل الأشخاص في العملية الإدارية، والتحسينات المستمرة لكل من المستخدمين والطلاب والمشاركين بشكل نشط، كما أن مفهوم الجودة في التعليم العالي وردت في شأنه العديد من التعريفات؛ فقد عرف روديس إدارة الجودة في التعليم العالي بأنها تعني: (عملية إدارية استراتيجية، ترتكز على مجموعة من القيم، وتستمد طاقة حركتها من المعلومات التي تتمكن في إطارها من توظيف مواهب العاملين، واستثمار قدراتهم الفكرية في مستويات التنظيم المختلفة على نحو إبداعي، لتحقيق التحسين المستمر في المؤسسة التربوية)، كما يمكن تحديد مفهوم الجودة الشاملة في التربية على أنها: مجموعة من المعايير والخصائص الواجب توافرها في جميع عناصر العملية التعليمية في المؤسسة التربوية، وذلك فيما يتعلق بالمدخلات والعمليات والمخرجات التي من شأنها تحقيق الأهداف المطلوبة للفرد والمؤسسة والمجتمع المحلي، وفقاً للإمكانات المادية والبشرية، كما يمكن القول بأن إدارة الجودة الشاملة تعبِّر عن: (فلسفة إدارية تسعى إلى التطوير المستمر للعمليات الإدارية، وذلك بمعرفتها ومراجعتها وتحليلها عبر الوسائل والطرق لرفع مستوى الأداء، وتقليل الوقت لإنجازها بالاستغناء عن جميع المهام والوظائف غير الضرورية، وذلك لتخفيض التكلفة، ورفع مستوى الجودة، مستندين في جميع مراحل التطوير إلى متطلبات واحتياجات المستفيد).

وأيضاً يعرف مفهوم الجودة الشاملة بأنها: (جملة من المعايير والخصائص التي ينبغي أن تتوفر في جميع عناصر العملية التعليمية بالجامعة، سواء ما يتعلق بالمدخلات، أو العمليات، أو المخرجات التي تلبي احتياجات المجتمع ومتطلباته، ورغبات المتعلمين وحاجاتهم، وتتحقق من خلال الاستخدام الفعال لجميع العناصر المادية والبشرية بالجامعة).

مما سبق يمكن القول بأنه ليس هناك تعريف محدد لإدارة الجودة الشاملة في النظم التعليمية على وجه العموم، حيث يختلف باختلاف النظرة إليه، وبذلك تعتبر إدارة الجودة في المؤسسات التعليمية بأنها عبارة عن عملية إدارية تسعى إلى التطوير المستمر للعمليات الإدارية والتعليمية، ترتكز على مجموعة من القيم والمبادئ، وتقوم على الجهد الجماعي بروح الفريق، وتوظيف مواهب العاملين، واستثمار قدراتهم لتحقيق التحسين المستمر في كافة عناصر العملية التعليمية من مدخلات وعمليات  ومخرجات، والتي تلبي حاجات المستفيدين ورغباتهم.

ومن أجل الوصول إلى نظام تعليمي متطور، يجب أن تخضع جودة التعليم الجامعي إلى نمط إدارة لا يهتم بجانب دون آخر، أي نمط إداري يأخذ العملية التعليمية ككل متكامل، وبنظرة شاملة ونظامية تتعلق بالطالب والأستاذ والوسائل والمناهج والبرامج والعلاقات والاتصالات وسير المعلومات وتنظيم الأماكن والرغبات وغيرها من الجوانب الأخرى، ولن يكون هذا النمط الإداري في اعتقادي غير ادارة الجودة الشاملة، التي أثبتت نجاعتها وأهميتها كفلسفة شاملة قابلة للتطبيق، تأخذ العمليات في ترابط وثيق، من خلال هدف التحسين المستمر، الشامل لكل جوانب العملية التعليمية.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *