أهمية ارتفاع مستوى التعليم وتطوير الجامعات من خلال تطبيق معايير الجودة

23
فكري كباشي الأمين

أ. د. فكري كباشي الأمين

خبير اقتصادي

• معلوم للجميع الظروف التي تمر بها مؤسسات التعليم العالي، والتحديات الجسيمة التي تواجهها، وأتمنى  البدء منذ الآن في العمل سوياً من أجل رفعة الجامعات والارتقاء بها أكاديمياً وإدارياً… والعمل بروح الفريق الواحد المتجانس والمتآلف، من أجل تمهيد الطريق لاستمرار العملية التعليمية في كل الجامعات حسب ظروفها، والعمل على اقتراح الحلول  لإعانة الإدارات بكافة الجامعات، من خلال طرح المبادرات والخطط الكفيلة للارتقاء بمستوى التعليم على مستوى واحد  في كل من العملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع.. ولذلك أعتقد أنه ينبغي على الجامعات السودانية السعي الجاد إلى تحقيق الأهداف التالية:

أولاً: العمل على معالجة الأمر الذي تعاني منه الجامعات، المتمثل في تراكم الدفعات نتيجة للأسباب المعروفة، مما أدى إلى إحداث ربكة في التقويم الجامعي، وعدم انتظام العملية التعليمية…. ويمكن طرح خيار التعليم الإلكتروني للمعالجة في  التعليم الجامعي،  ومواكبة تطورات الطريقة التي يحبذها طلاب التعليم الجامعي والخريجون في التعلم، حيث وفرت التكنولوجيا نظام تعليم حديثاً، والذي يتمثل فى التعليم الإلكتروني أو التعليم الافتراضي.. ووفقاً للتقارير التي نشرت في أواخر العام ٢٠٢٠م، بأن هناك وحول العالم ٥ آلاف معلم حول منصة التعليم الإلكتروني، و ٢٤ مليون مستخدم،  وأكثر من ١٤٥ شريكاً في ١٩٦ دولة. وهذا يعكس مدى الانتشار الكبير للتعليم الإلكتروني، والذي تتميز طبيعته بالمرونة، مما ساهم في الزيادة المطردة في أعداد رواده في السنوات الأخيرة، وذلك أنه يسمح للطلاب  بالدراسة خلال الوقت الذي يناسبهم وأينما كانوا، مقارنة بالقيود التي تحيط بطبيعة التعليم الجامعي التقليدي، وبذلك يكتسب المزيد من المرونة والسهولة… وعليه لا بدّ من النظر في كيفية استمرار التعليم في هذا السياق عن طريق إتاحة الفرصة لنظام التعليم الإلكتروني ولو جزئياً، الأمر الذي يساعد في حل مشكلة الزيادة المتوالية لأعداد الطلاب وتراكم الطلاب، والذي أصبح ثلاث دفع، خاصة أولئك الذين لديهم الرغبة فى إتاحة الفرصة  للحصول على التعليم الجامعي ولديهم مشكلة في الوصول إلى الجامعات، نتيجة لارتفاع تكاليف الترحيل والإعاشة، في ظل انخفاض مستويات الدخل، نتيجة لارتفاع معدلات التضخم.

ثانياً: تطبيق معايير الجودة في التعليم العالي بالسودان، والتي أقرتها الهيئة الوطنية للاعتماد والتقويم بوزارة التعليم العالي، سواء أكان التقويم المؤسسي أو البرامجي. ولا يخفى عليكم أن أمر الجودة في مؤسسات التعليم العالي يعد من الاتجاهات الحديثة، التي لاقت رواجاً كبيراً عاماً لتطوير إدارة المؤسسات عن طريق بناء ثقافة عميقة عن الجودة بمعناها الشامل، وإيجاد قاعدة من القيم والمبادئ التي تجعل كل فرد في المؤسسة الجامعية يعلم أن الجودة مسئوليته. وقد أخذت الدول المتقدمة بتطبيق هذه المفاهيم في التعليم مع بداية التسعينات من القرن الماضي، ويمكن القول بأن  الجودة الشاملة تركز على أن ترضي توقعات المستفيدين من معلمين وإداريين وطلاب وأولياء أمور وغيرهم. 

كما يمكن أن تنجز إدارة الجودة الشاملة بتكلفة منخفضة، من خلال اشتراك كل الأشخاص في العملية الإدارية، والتحسينات المستمرة لكل من المستخدمين والطلاب والمشاركين بشكل نشط. 

كما أن مفهوم الجودة في التعليم العالي وردت في شأنه العديد من التعريفات، فقد عرف روديس إدارة الجودة في التعليم العالي بأنها تعني: (عملية إدارية استراتيجية، ترتكز على مجموعة من القيم، وتستمد طاقة حركتها من المعلومات التي تتمكن في إطارها من توظيف مواهب العاملين، واستثمار قدراتهم الفكرية في مستويات التنظيم المختلفة على نحو إبداعي، لتحقيق التحسين المستمر في المؤسسة التربوية). 

كما يمكن تحديد مفهوم الجودة الشاملة في التربية على أنها: مجموعة من المعايير والخصائص الواجب توافرها في جميع عناصر العملية التعليمية في المؤسسة التربوية، وذلك في ما يتعلق بالمدخلات والعمليات والمخرجات التي من شأنها تحقيق الأهداف المطلوبة للفرد والمؤسسة والمجتمع المحلي، وفقاً للإمكانات المادية والبشرية.  كما يمكن القول بأن إدارة الجودة الشاملة تعبّر عن: (فلسفة إدارية تسعى إلى التطوير المستمر للعمليات الإدارية، وذلك بمعرفتها بمراجعتها وتحليلها عبر الوسائل والطرق لرفع مستوى الأداء، وتقليل الوقت لإنجازها بالاستغناء عن جميع المهام والوظائف غير الضرورية، وذلك لتخفيض التكلفة، ورفع مستوى الجودة، مستندين في جميع مراحل التطوير على متطلبات واحتياجات المستفيد).

وأيضاً يعرف مفهوم الجودة الشاملة بأنها: (جملة من المعايير والخصائص التي ينبغي أن تتوفر في جميع عناصر العملية التعليمية بالجامعة، سواء ما يتعلق بالمدخلات أو العمليات أو المخرجات التي تلبي احتياجات المجتمع ومتطلباته، ورغبات المتعلمين وحاجاتهم، وتتحقق من خلال الاستخدام الفعال لجميع العناصر المادية والبشرية بالجامعة).

مما سبق يمكن القول بأنه ليس هناك تعريف محدد لإدارة الجودة الشاملة في النظم التعليمية على وجه العموم، حيث يختلف باختلاف النظرة إليه، وبذلك تعتبر إدارة الجودة في المؤسسات التعليمية بأنها عبارة عن عملية إدارية تسعى إلى التطوير المستمر للعمليات الإدارية والتعلمية، ترتكز على مجموعة من القيم والمبادئ، وتقوم على الجهد الجماعي بروح الفريق، وتوظيف مواهب العاملين، واستثمار قدراتهم لتحقيق التحسين المستمر في كافة عناصر العملية التعليمية من مدخلات وعمليات  ومخرجات، والتي تلبي حاجات المستفيدين ورغباتهم.

ومن أجل الوصول إلى نظام تعليمي متطور، يجب أن تخضع جودة التعليم الجامعي إلى نمط إدارة لا يهتم بجانب دون آخر، أي نمط إداري يأخذ العملية التعليمية ككل متكامل ونظرة شاملة ونظامية تتعلق بالطالب والأستاذ والوسائل والمناهج والبرامج والعلاقات والاتصالات وسير المعلومات وتنظيم الأماكن والرغبات وغيرها من الجوانب الأخرى، ولن يكون هذا النمط الإداري في اعتقادي غير إدارة الجودة الشاملة التي أثبتت نجاعتها وأهميتها كفلسفة شاملة قابلة للتطبيق، تأخذ العمليات في ترابط وثيق من خلال هدف التحسين المستمر الشامل لكل جوانب العملية التعليمية.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *