نظرة يسار سارة عبدالمنعم

سارة عبدالمنعم

كاتبة روائية

• لستُ زهرةً تُغازلها المرايا، ولا قمرًا يتغزّل به الساهرون.

أنا امرأةٌ لم تشفَ من حزنٍ قديم، ينهش في قلبٍ تعلّم كيف يخادع نفسه، فيُمسك بيد رجلٍ بعد آخر، لا حبًّا، بل طمعًا في ومضة فرحٍ – ولو شحيحة.

يوقدون من أجلي الشموع، ويغزلون من أناملي نشوةَ رقص، وتتعطّر ضحكاتي بدلالٍ تعرفه أنوثتي.

تهمس كبريائي أنّني النعمة التي لم يستحقها من أهداني جرحًا دامياً.

يمطرونني بكلمات عشق، ويعلّقون على عنقي أوسمةَ جمالٍ فريد، كأنّني نجمةٌ يهتدي بها الجميع.

لكنّ أحدهم باعني… وبثمنٍ هو الفراق.

كان بينهم من جعلني طفلةً بين ذراعيه، يلقّمني الحنان كما لو كان أبي، ويشتعل غيرةً كما لو كان أخي، ويطفئ ضجيج دموعي بكفٍّ يهمس : «أنا معكِ، لا تخافي».

كان يعيد إليّ شعور أنّ من باعني لم يمنحني شيئًا يستحق البقاء، وأنّ خطيئتي لم تكن فقدان الحب، بل تصديقي لوهمه.

رفعتُ شكواي إلى الله، الذي وعدني بحنوٍّ يفوق حنوّ أمي، فإذا بالألم امتحانُ صبرٍ، ودرجٌ أرتقيه نحو قدرٍ أجمل.

لكنّني – بعجلةِ القلب – لم أنتظر، فكنتُ أنا المدانة، لا هم.

اليوم… وجدتُ الفرح يتقمّصني.

لم يكونوا جميع من عرفتهم عشّاقي، لكنّهم جميعًا تفرّدوا في رجلٍ واحد.

رجلٌ حلمتُ به حتى ذبل الحلم في يدي، وانقضى العمر وأنا أبحث عنه بين الملامح والوجوه.

رجلٌ جعلني أزهد في كل ذكرى حدادٍ على عشقٍ قديم، وعلّمني أنّ الحزن شرفٌ حين يترك في القلب عقلًا يعرف التمييز، وقلبًا يعرف الاختيار.

أحبّي رجلًا… كي تصيري أجملَ امرأة.

هكذا همستُ لنفسي، وأنا أتحسّس وجه أفراحي، كطفلةٍ تكتشف المرآة، وامرأةٍ مراهقة تهمس بغرور:

«يحبّني رجل».

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *