

بقلم : زين العابدين الحجّاز
• (آسيا محمد توم الطاهر الكتيابي) – وهو اسمها الحقيقي بالكامل حسب شهادة ميلادها – ولدت في أم درمان بحي ودنوباوي عام 1943. ينتمي والدها الى عائلة الكتياب و والدتها بتول محمد أحمد الشيخ الجعلي تنتمي الى عائلة الشيخ الجعلي والشيخ عمر موسى راجل الكريدة. جاءت تسميتها بآسيا عبد الماجد نسبة لعبد الماجد الذى تزوج من والدتها بعد انفصالها عن والدها محمد توم وقام بتربيتها وعمرها لم يتجاوز الثلاث سنوات .
تلقت دراستها الأولية بمدرسة عبد المنعم الأولية بالخرطوم (3) جوار نادي الأسرة ودرست المرحلة المتوسطة بمدرسة كرري المتوسطة ومن معلماتها في تلك المرحلة سعاد ابراهيم عيسى وبثينة مصطفى الهادي (شقيقة مهدي مصطفى الهادي) وبثينة خالد (شقيقة منصور خالد) .
في العام 1959م التحقت بكلية المعلمات بأم درمان وعملت بعد تخرجها في نفس الكلية في مجال التدريس في العام 1962 م . في عام 1968 التحقت بأكاديمية الفنون المسرحية بالقاهرة بقسم التمثيل في بعثة دراسية بمصر على حسابها الشخصي وكانت الأولى على دفعتها عند تخرجها عام 1972 وضمت دفعتها النجوم المصريين أحمد زكي وشهيرة وعفاف شعيب وأتى النجم محمد صبحي وراءها بدفعة . نالت شهادة الماجستير من معهد الخرطوم الدولي لتعليم العربية والدراسات الإضافية وعملت كموظفة في وزارة الثقافة والاعلام ثم عملت لفترة وجيزة بمركز ثقافة الطفل .

عشقت آسيا عبد الماجد التمثيل منذ طفولتها وكانت تشارك خلال دراستها الأولية بمدرسة عبد المنعم بتمثيل كل ماهو موجود في كتب المطالعة وفي تلك الفترة كان يستعين بها خضر الحاوي أثناء تجواله على المدارس حيث كانت تقدم بجانبه فقرات درامية قصيرة وعند دراستها بالمرحلة المتوسطة بمدرسة كرري كان هنالك مسرح تمارس فيه كل الأنشطة الثقافية الخاصة بالمدرسة وانضمت إلى جمعية التمثيل التي كانت تحت رعاية الأستاذة بثينة خالد وكانت تقدم روائع المسرح العربي والعالمي مثل (شجرة الدر) و(كليوباترا) و(سندريلا) ونسبة لإجادة وتميّز آسيا عبد الماجد العالي في التمثيل كانت تؤدي أدوار الرجال في المسرحيات التي تقدم مع زميلاتها . نالت آسيا عبد الماجد إعجاب الأستاذة فاطمة أحمد ابراهيم وكتبت عنها مقال في مجلة (صوت المرأة) ذكرت فيه أنها فنانة واعدة ومتعددة المواهب وتوقعت لها مستقبلا كبيرا بعد أن شاهدتها تمثل في حفل تخرجها من كلية المعلمات وفي ذلك الحفل حضر أيضا الشاعر الكبير الراحل محمد مفتاح الفيتوري لتغطيته بصفته رئيس تحرير مجلة (الإذاعة) مع صديقه الفنان الراحل محمد الحويج وأعجب بتمثيلها وشجاعتها وكتب عنها مقال في المجلة بعنوان (مواهب متفتحة) ثم تعرّف عليها وتوطّدت العلاقة بينهما إلى أن توّجت بالزواج السعيد وأنجبت له ابنه تاج الدين (ايهاب) و ابنته سولارا
عن زواجها من الفيتوري قالت آسيا عبد الماجد : ( في حفل تخرجنا من كليات المعلمات بأم درمان كنت أقوم بدور في مسرحية (الدحشورة) مع مجموعة من الطالبات وهي مسرحية تحارب العادات الضارة في المجتمع وكنت أحب الرقص وأجيده ومن خلال دوري في المسرحية كنت أحلّق على بساط الريح وأطوف كل مساحات السودان وكان الفيتوري وبإعتباره رئيساً لمجلة (الإذاعة) حاضرا مع مجموعة من الصحفيين لتغطية الاحتفال وقد كان من عادته عندما يذهب لحضور أي احتفال أن يصطحب معه كل أسرة تحرير المجلة فكل منهم يكتب عن المناسبة من زاوية تخصه. لا أعرف إن كان قد أعجب بي أم بدوري في المسرحية أم بشجاعتي في التمثيل أم هي الأقدار أم القسمة.. على العموم الفيتوري يقول: (إنها الأقدار) … لم أكن أطمع في زواج وقتها فقط كنت أتطلع لأداء رسالتي في التمثيل وتحقيق ما أصبو إليه ولكن أقول بأنني كنت (النجمة) في تلك الليلة فقد كانت ليلة محضورة حضر فيها كل طلاب المدارس وأسرهم وكل الذين يقطنون حول الكلية ).
عند بدء عمل تلفزيون السودان في عام 1963م كانت تشارك آسيا عبد الماجد في (مسرح المجتمع) الذي كان يقدمه حلمي إبراهيم مع زميلاتها نفيسة محمد محمود ونعمات حماد إلى جانب سلسلة (رمضانيات) للفاضل سعيد وكن يشاركن في تلك الأعمال دون مقابل مادي لمدة عاميين متتاليين لعدم وجود ميزانية وكانت تقدم تلك الدراما على الهواء مباشرة . لها في الإذاعة مساهمات ثرّة عبر برنامج (محكمة المجتمع) من خلال فقرة درامية إضافة لبرنامج (المرأة) الذي كانت تقدمه عزيزة درويش من خلال فقرة درامية أيضا وشاركت في بطولة عدد من المسلسلات مثل (فاطمة السمحة) و(البيت المسكون) و(المقاصيف) .
احتفالا بمرور عام على ثورة أكتوبر المجيدة قدمت في العام 1965م مسرحية (بامسيكا) وهي أول مسرحية تعرض على خشبة المسرح القومي بأم در مان الذي كان حتى تلك الفترة تقام عليه الحفلات الغنائية فقط وكانت البطولة النسائية فيها لآسيا عبد الماجد وكانت تلك المسرحية فاتحة خير للمسرحيين حيث قام خالد ابو الروس بعمل ندوة بعنوان (أبشروا بالمسرح) وكتبت آمال عباس بمدح وإطراء عن آسيا عبد الماجد كممثلة ومعلمة ومثقفة ودعت كل الأسر للحضور للمسرح . كان يوم 1967/10/22 م يوم خالد في تاريخ المسرح السوداني حيث تم وضع ما يسمى بالموسم المسرحي الفني وكانت باكورته مسرحية (المك نمر) من تأليف إبراهيم العبادي ومن اخراج الفكي عبد الرحمن ومن بطولة آسيا عبد الماجد وعبد الوهاب الجعفري ومكي سنادة وآمنة الحاج و السر قدور وقد حققت تلك المسرحية نجاحا منقطع النظير . بعد ذلك توالت العروض المسرحية فكانت مسرحية (سنار المحروسة) تأليف واخراج الطاهر شبيكة ومن بطولة آسيا عبد الماجد وعوض صديق ومكي سنادة وآخرين ومسرحية (إبليس) من تأليف خالد ابو الروس ومن اخراج أحمد عثمان عيسى ومن بطولة آسيا عبد الماجد وابو العباس محمد طاهر وابراهيم حجازي واسماعيل خورشيد وآخرين ومسرحية (أكل عيش) تأليف واخراج الفاضل سعيد ومن بطولة الفاضل سعيد وابراهيم حجازي ويس عبد القادر ليتم وضع اساس لنهضة مسرحية جديدة وكتابة تاريخ جديد للمسرح السوداني . يسجل لها تاريخ المسرح بأنها أول ممثلة سودانية تصعد على خشبة المسرح القومي وفي تلك الفترة اتجهت آسيا عبد الماجد إلى المسرح بصورة أكبر لجاذبيته وكان يطلق الصحفيين عليها في تلك الفترة لقب ممثلة السودان الاولى.
في موسم 70/69 قامت آسيا عبد الماجد ببطولة مسرحية (خراب سوبا) من تأليف خالد ابو الروس وأثناء دراستها بأكاديمية الفنون المسرحية بالقاهرة شاركت بدور ثانوي في مسرحية (البكّاشين) على مسرح الخيّام وهي بطولة وحش الشاشة العربية فريد شوقي .
آخر ظهور تلفزيوني لها كان في منتصف السبعينات عبر سهرة أمسيات التي كان يقدمها المذيع الراحل متوكل كمال وشارك معها في تلك السهرة الفنان سيد خليفة .
تعتبر آسيا عبد الماجد رائدة من رائدات التعليم قبل المدرسي حيث افتتحت أول روضة نموذجية (روضة أم ايهاب) في العام 1967 بحي الاملاك ببحري والتي خرجت أجيال وأجيال ساهمت في تربيتهم وتنشئتهم على احسن مايكون و كانت توجد خلال تلك الفترة فقط ثلاث رياض أطفال نموذجية في العاصمة المثلثة كلها (أم إيهاب) في بحري و(دار الحنان) في الخرطوم و(أسماء بنت الشمالية) في أم درمان وكان تشجيع زوجها محمد الفيتوري داعما كبيرا لها للمضي قدما في هذا الطريق بثقة وثبات وتدين بالكثير للمربّي محمد توم التجاني راعي الروضة والذي قدم لها مساعدات جمّة عند تأسيسها . انتقلت الروضة إلى حي الشعبية في العام 1987م بجوار دار المكفوفين بالمؤسسة بحري . بعدها إختفت الممثلة آسيا عبد الماجد على الرغم من أنها تمتلك حاسة فنية يندر وجودها وما يؤلم أن الكثير من السودانيين لا يعرفونها .
توفيت آسيا عبد الماجد مساء يوم 3 مايو 2023 متأثرة بجراحها إثر إصابتها بشظايا قذيفة سقطت على بيتها في العاصمة السودانية الخرطوم جراء اشتباكات شهدها السودان بدءا من منتصف شهر أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع . وكذلك أبنها تاج الدين محمد مفتاح الفيتوري توفى يوم 6 يناير 2023 نتيجة القصف المدفعي في الخرطوم بحري . لهما الرحمة و المغفرة.
شارك المقال