معتصم عيدروس

معتصم عيدروس

كاتب صحفي

• واحدة من إشكالات المسؤول السوداني في أي موقع مهما كان متواضعاً أم مهماً، ظنه أنه وضع في هذا المكان لعبقريته ولأن لا أحد يفهم مثله، ولذلك فهو منّزه عن الخطأ، ولا يحق لأحد كائناً من كان أن بنتقده، أو يصوبه، أو يعترض على قرار أصدره، أو فكرة أوردها حتى لو كانت في منتهى الغباء والسذاجة، وكان ضررها بائناً لكل ذي بصر وبصيرة!

نموذج هذا المسؤول ستجده في السياسة.. في الاقتصاد.. في الرياضة.. باختصار في كل مناحي الحياة.. المهم هو طابع غالب والطبع غلاب.

هذا المسؤول الذي يستحق أن يرثى على حاله، وتوضع الأيادي على القلوب خوف قراراته الكارثية، وما تسببه من أضرار، ربما وضعته الصدفة في هذا الموقع، أو بفضل العلاقات الشخصية أو (التمكين).. ربما رأى المسؤول عنه لبؤسه أنه الشخص المناسب في المكان المناسب لخبراته المتراكمة التي لم يقف عليها جيداً، فليس كل من عمل في مجال سنوات طويلة يجب أن يطلق عليه لقب خبير، فقد تكون هذه السنوات تكراراً لخبرة عام واحد، لا جديد فيها ولا متجدد.

سيكون ابتلاءً عظيماً إذا ابتلي المواطنون بمثل هذا المسؤول المتحجر، الذي يتمترس غالباً خلف رأيه، ويمارس ويستمتع بالسادية، رغم أنه لا يفقه شيئاً.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فمثل هذا المسؤول هو غالباً الذي لا يتعايش مع فكرة أن يتم الاستغناء عنه، ويمكن أن يدخل في نفسيات بعدها لا يخرج منها متوازناً أبداً.

الأسوأ من هذا النموذج، المسؤول الكذاب، وهو يكذب ويعرف أنه يكذب، ولا يهمه أن كذبته مهما طالت فستكشف.. لا يهمه أن يفقد فيه المواطن الثقة، فمثله لا يهتم لأمر المواطن في شيء طالما أنه يعيش في برجه العالي ويصدر الأوامر لتنفّذ.

ثالثة الأثافي عندما يكون المسؤول كاذباً، وهذه الصفة ذميمة حتى عند الشخص العادي، وفي الأثر قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنا أستسر بخلال أربع: الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، والكذب، فأيتهن شئت تركت لك يا رسول الله؟

قال: دع الكذب.

ولعل هذه الصفة أصبحت منذ دخل السودان هذه الحرب شائعة تطلق بدون أن يرف لصاحبها جفن، بل أصبحت مجالاً للعب بمشاعر المواطنين، فكم من مرة سمعنا عن تحرير مدينتنا لنجد أننا نعيش كذبة كبيرة.. ولن أنسى ذلك اليوم بعد دخول (سيرة) الميليشيا المدينة، والذي انتشرت فيه شائعة كبيرة تفيد بخروج الجن-جويد من المدينة، ليزعم أحدهم أن الجيش في القسم الأول و.. نمشي شارع النيل الليلة.. وفجأة انتشر تسجيل كالنار في الهشيم لأحدهم، يخاطب ابن خالته المزعوم وهو يبكي ويعيط، كما في مشهد الكوميدي عادل إمام ونحن نعيط، وهو يقسم بأغلظ الأيمان أنه الآن داخل مدني المحررة ولا يعرف كيف يعبر.. فخرجت مدن السودان في مسيرات عفوية  حقيقية وليست مرسومة، احتفاءً بهذا  النصر، ليكتشفوا بعد  قليل أن ما تم هو أكذوبة كبرى، قصد منها التلاعب بمشاعر السودانيين.. وما أكثر من لعبوا بمشاعرنا من الذين استغلوا غياب الاتصالات لعنة الله عليهم إلى يوم الدين.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *