
الناجي حسن صالح
رئيس التحرير
• من أيِّ ملة منحرفة هؤلاء؟!!
حتى لفظ أوغاد لم يعد يسعف في الوصف..
فهم أحفاد الشناعة، وأبناء الرعاع؟
حتى شجر (النيم) أحرقوه في الطرقات، ولم يسلم من قبحهم ورذالتهم.
فها هي دار الوثائق لم تسلم من همجهم، فكفكوا التاريخ بالرصاص في (الخرطوم).. وأرادوا دلك جغرافيا المكان بالمعالم في (أم درمان) فأحالوها رماداً.. ووضعوا لؤمهم وتمدَّدت فسالتهم في الجميلة (بحري).
… ثم فجروا فجوراً عظيماً.
هل ترنَّم هؤلاء بألحان ود الأمين أو عركي.. أو وردي.. يا ترى؟
أيعقل أنهم تجولوا من قبل، في أزقة العاصمة المثلثة، وذاقوا عذوبة إطلالاتها؟
فالشوارع باتت مقفرة، عطلتها وجوههم مفتقرة الملامح، فيهيمون فيها بلا ذاكرة.
لا أظنُّهم جربوا الجلوس على شاطئ توتي، ولم يتناولوا (الداردمة) ولا (التبش) ولا (المنقة) بالشطة ولا (الباكومبا) على جانبي الكوبري، فلا لسانَ لديهم يتذوق. فكلُّ حواسهم بطعم الدماء.
وحتماً لم يأكلوا من فول الجان أو فريد، ولم يجربوا متعة أكل فول حامد في السجانة.. ولا من سمك عوضية المُبَهَّر بعبق التحنن… ولا… ولم يرضعوا إلا الخراب.
لم يتمايلوا مع ترانيم المُولِد، ولا ذهبوا لشارع الدكاترة في أم درمان لشراء ملابس العيد أو سعد قشرة في بحري أو سوق الجنوبيين في الخرطوم.
ولم ينعموا بجزر الكاسنجر وجبل توتيل، ولا زاروا جنائن البلح في مروي، ولا ركبوا الحافلات من موقف جاكسون.. ولا صادوا السمك في جبل أولياء.. ولا رأوا سفينة البوردين. وبالتأكيد أنهم لم يقرأوا كتاباً واحداً من الدار السودانية للكتب.
والمؤكد أنهم لم يتجولوا ليلاً في الساحة الخضراء، ولم يشاهدوا شلالاً واحداً في الشمال، ولا قطعوا تذاكرهم إلى معرض الخرطوم الدولي.. ولا يعرفون ما البجراوية ولا جبل مرة.
كما أنهم لم يتدلوا في محطة عشيري ولم يركبوا منها.. فهم حيارى لا وجهة لهم.
ولا يعرفون محمية الردوم الطبيعية.. ولا محمية خليج دنقوناب، ولا جزيرة مكوار الوطنية، ولا النقعة السياحية..
لم يلعبوا في استاد ميدان عقرب.. ولا تنزَّهوا في الأسكلا. ولم يحضروا حولية واحدة في جامع الشيخ قريب الله في أم درمان، ولا صلوا في مسجد السيد علي في الختمية، ولا جامع أبوروف، ولا عرجوا بجانبه على مسجد مدثر الحجاز.
ولا يعرفون أين يقع منزل السيد إسماعيل الأزهري.. ومتى أُسِّس نادي الزهرة، ولا الطريق إلى نادي الشاطئ.
ولم يزوروا متحف الأثنلوغيا.. ولا ميدان أبوجنزير، ولا جزيرة سنقيب، ولا موقف شروني.
ليتهم يعرفون شلال نرتتي أو جزيرة صاي.
هؤلاء أتوا من العدم، ومصيرهم إلى عدم.
فهم… يسوقون الناس للإماتة والإرداء بدم خَضِل.. ويهللون.
متأهبون بجشعٍ بادٍ لاستلاب ديار الناس وتجريدها مما حَوَتْه، فيحمدون الله بكل استبشار.
يغتصبون الحرائر بلا أناة، فيتلذذون الحرام وهم يتضرعون إلى الله بكل تباهٍ، متيقنون وجازمون بوافر الاستجابة.
يدمرون كلّ مبنى ويهلكون كلّ ضرع ويقتلعون كلّ زرع، ثم يبشِّروا الناس بديمقراطية يأتي بها الأوباش، وبرفاهية يهدي إليها الهمج والطغام. فيحسبون أنهم يحسنون صنعاً. فيرفعون أكفهم إلى السماء، بدماء ملطخة بالدنس ونفوس مضمخة بالقذى.
يهدمون كلّ مبنى، ويخربون كلّ قسامة في بلادي، وينخرون جوف كلِّ لُحمة، ويُجهزون على كلّ سماحة ازدان بها أهل السودان، وينحرون مكامن الطيبة التي طار ذكرها في الآفاق. ومع ذلك يرفعون أكفهم بالدعاء، وتلهج ألسنتهم بالابتهال.!!!
ومن شدة جهلهم أن يتزوج الاثنان زوجة واحدة. فيقتسمان الأيام بينهما، كما اقتسما التكاليف.. وبرغم ذلك يسألان الله أن يبارك لهما فيه. إلا أن البركة هي أننا لن نحضر عقيقتهما.
يسرقون أموال الناس نهاراً وجهاراً، ويتبجّحون بإنفاقها لماماً.. وينصّب كبيرهم نفسه أميراً وإماماً. داعياً لهم النصر أجاراً وبياناً.
… (فأنى يستجاب له)……
فأي إلهٍ يدعون؟!!
دعاء واحد في جوف الليل، من أمٍّ ثكلى، أو من والدٍ قهره الظلم والذل الواقع عليه، كفيل بأن يهتز له الكون، حيث لا حجاب بينه وبين الله.
فهو الدعاء الحق لا شائبة تعتريه. ولا فجور ينتقصه.. وشتان ما بين دعاء وآخر.
ما أتعس البشر عندما تقودهم نفوسهم الخربة إلى شرِّ أعمالهم؟ وهل هناك شر أكثر من التطاول على الله عزّ وجلّ، وارتكاب الكبائر ثمّ دعائهم له بأن ينصرهم ويمكّنهم؟
إنهم ليسوا بالدعم السريع.. إنما متعطشون للدم السريع.
أيا هؤلاء: شوهتم علينا ديننا.. قبحكم الله.
إلا أن الإنسان إذا تبين له الحق، لم يستوحش من قلة الموافقين، وكثرة المخالفين. فهو أبلج لا غباشة فيه.
فلا سلامَ عليكم.. ولا غبراءَ تقبلكم.
لا سامحكم الله يا من تركتم فينا ندوباً فاحمة، بجهلكم وشناعتكم.
لا سلامَ على الذي لا يشبه سماحتنا، ولا هزته يوماً مقاساة والدة، أصبحت أعينها ملأى بالدموع.
شارك المقال