

حوار: محمد نجيب محمد علي
• تعد الفنانة نانسي عجاج أميز فنانات جيلها ، وهي قد تربت موسيقيا علي يد والدها الفنان الراحل بدر الدين عجاج ، مما أتاح لها التعرف علي الموسيقي العربية والعالمية والسودانية ، وظهرت هذه البصمة الواضحة في أغانيها والحانها ، ونانسي مثقفة ودارسة للتاريخ كما أنها تتميز بالتلقائية والروح المرحة والإبتعاد عن التعقيد مما أعطاها الإنتشار الواسع بين جميع الفئات وقال عنها الراحل محمد وردي أنها مطربة بإمتياز وهي تعد سفيرة للغناء السوداني في العالم العربي وسبق أن أطلقت عليها منظمة اليونسكو سفيرة النوايا الحسنة . إلتقيتها وكانت هذه حصيلة الحوار:
• ماذا عن الأغنية الأولى التي ترنمت بها نانسي ..كيف كان إحساسك حينها وماذا عن الكلمات الأولى؟
– لا أذكر تحديداً، لا أول اغنية ولا أول تاريخ بالضبط، أعتقد انني دائماً كنت أغني أو أمارس العزف وفي أحيان قليلة أخرى التلحين. لكني أذكر أن أول أغنيات قدمتها علي المسرح كانت مجموعة من الكلاسيكيات (covers)، من بينها (وداعاً روضتي الغنا، يا روحي انصفني ، مختارات من الحقيبة). أما أول أعمالي الخاصة، فكانت «رفقة» للشاعر يحي فضل الله.
• لقد قمت بأداء أغنية يا زمن لإبراهيم عوض هل يمكن المقارنة بين الطريقتين في الأداء؟
– لا أميل إلى المقارنة، الأغنية قدمت في حقبتين زمنيتين مختلفتين، بتنفيذ ومزاج موسيقي مختلف، وجيلين مختلفين من المستمعين ووسط فني مختلف.
ولم المقارنة؟ فالأداء الجميل هو الذي يرسخ الأغنية في الوجدان. فقد غناها الفنان الذري، فسحرت و عاشت في الوجدان. وما أنا إلا امتداداً للأجيال السابقة.
• أداء نانسي يتفق مع تقنيات أداء الأغنية العالمية المعاصرة. ولكن محتويات الأغنية هي بنفس مقاييس محتوى الأغنية المحلية. كيف يمكن إعادة التوازن لأداء نانسي عجاج ؟

– إعادة توازن؟ اظننا نحتاج أولاً، أن نحدد ما المقصود من عبارة «توازن في الأداء». في إعتقادي، أن التوليف بين القديم والحديث، الخصوصية والإنفتاح أو الخاص والمختلف، التجريب المدروس، كلها من علامات العافية والتطور لأي تجربة فنية. وليس العكس ( عدم التوازن أو الخلل). والموسيقي كائن حي يقبل التوليف مع أنماط ومتباينات كثيرة وإن إختلفت مسمياتها. محلي ، عالمي.. أظنني أنحاز للتجريب كسراً للرتابة وبحثاً عن جديد. هذا مع الإحتفاظ بالخصوصية الفنية الثقافية.
• هل أنت تنافسين على المستوى المحلي أم على المستوى الدولي العالمي وكيف؟
– أنا أنافس على مستوى أي موسيقي جميلة. بالعمل، الاجتهاد ، التجويد.
• الغناء مثل الأجناس الإبداعية الأخرى يتجاور ويتحاور مع غيره من الفنون ما هي صلتك كمغنية بالفنون الأخر»؟
– من حيث الممارسة، علاقتي بشكل عام تنحصر تحت قائمة الفنون الموسيقية، (العزف ، التلحين). غير ذلك، فعلاقتي بأنواع الفنون الأخرى تنحصر في المتابعة، وأعتبر نفسي متابعة جيدة لها.
• لابد للفنان المبدع من ثقافة محيطة وشاملة تستطيع أن تعمق من رؤيته الفنية.ماذا تفعلين أنت في هذه الحالة؟
– أفعل أشياء مختلفة ، تتصدرها القراءة والإطلاع. السفر والموسيقى. التعلم بشكل دائم، الملاحظة والتحليل والاحتكاك مع التجارب المختلفة.
• هل بالضرورة للمطرب أن يكون صاحب رؤية سياسية؟
– ليس بالضرورة طبعاً، وإن كانت من نتائج وضروريات الاحتكاك والتفاعل بالعالم الخارجي ككل. لكن عليه أن يكون صاحب رؤية انسانية، متسقة مع كل قيم الخير والعدل والسلام.
• هل المطرب عليه أن يكون قدوة تربوية خاصة في المجتمعات التي تحتاج إلى استنارة ثقافية وحضارية؟
– يا حبذا، فسيكون أكثر فعالية وأكثر تاثيراً بسبب الإنتشار والقبول. بالمقابل وبصورة شخصية سيكون أكثر إتساقاً مع أهداف الفن وأكثر التصاقاً بالناس.

• مارأيك في سقف المنافسات الفنية؟
– منخفض وبلا مبررات. يخيل لي أن السبب هو الركون للسائد، المحاكاة ومحدودية الخيال.
• مارأيك في الأداء التقليدي للأغنية السودانية؟
– يعجبني عند سماع الأغنيات القديمة وبأصوات مطربيها الأصليين. غير ذلك. أعتقد أن مساحة التجريب والتطوير في الأداء الصوتي والتنفيذ الموسيقي أكبر من المساحة المتاحة في النص واللحن (في حالة الأغنية ) لهذا السبب، تجدني ضدها، تحديداً في الاعمال الحديثة أو القديمة المستحدثة. وهي تعني إشارة للكسل الفني أو لفقر الخيال أو الأدوات أو الموهبة.
• من هم أكثر المطربين والمطربات حرية وابداعاً في الأداء؟
-كاداء صوتي، والذي يعني عندي (الحيوية والخيال في التوظيف الصوتي)، وبعيداً عن تقييم هؤلاء المبدعين أو تقييم إنتاجهم الفني، فعلي رأس القائمة: محمد وردي ، عبدالعزيز محمد داؤود، إبراهيم عوض وسيد خليفة.
• هناك ملحن يحذف صوت المغني داخل اللحن ولا يعطيه أي حرية بأن يصبح المغني هو نفسه ولكنه يحاول أن يجعله نسخة من الملحن؟
– لا اظن، خاصةً إن وضعنا في الاعتبار أن مرحلة وضع اللحن تسبق مرحلة الأداء النهائي). والمنطق يقول إن اللحن وضع على أساس النص وليس من سيغنيه. يمكن أن نقول هناك مطرب لم ينجح في اختيار ما يناسبه من ألحان. أو لم ينجح في وضع احساسه أو بصمته في العمل.
• من هو مطربك السوداني المفضل ولماذا؟
– المفضلين كثر، استمعت إلى معظم الفنانين، وكلهم شكلوا جزءاً من وجداني وحصيلتي، لكني أيضاً كتيرة الاستماع لسيد خليفة. يعجبني في أعماله التنوع الكبير في النصوص والألحان. وأجد صوته وأداءه آسراً جداً. أظنها مسألة ذوق.
• من هم المطربين الجدد الذين ترين لهم مستقبلاً؟
– هنالك أصوات جميلة، وتجارب واعدة فيها ما فيها من الإجتهاد. لكني لا أرى أي فتوحات كبيرة، خصوصاً في ظل إهمال المفردة، واللحن، واستسهال العملية الفنية ككل.

• هل تستمعين إلى مطربات ومطربين عرب وما مدى تأثير هذا عليك كمطربة سودانية؟
– استمعت في سنين صباي الأولى إلى الموسيقى العربية. لكن في وقت لاحق أدركت ، أنها مختلفة جداً وبعيدة عن الموسيقى خاصتنا، على الرغم من اتفاقنا إلى حد ما في اللغة. فاصبحت استمع إليها كما موسيقى العالم الأخرى. كما أنها في ذاكرتي ليست بالخصوصية التي تجعل لها تأثيراً في موسيقاي.
• لماذا لا تمنحين عملاً مسرحياً استعراضياً غنائياً متكاملاً لا سيما وأنت تملكين كل صفات البطولة المسرحية؟
– ليست لدي رغبة في الوقت الحالي، في الدخول في مشاريع فنية أخرى. أفضل التركيز حالياً على إنتاج الأعمال الموسيقية والأغنيات الجديدة.
• ما علاقتك بالصحافة الفنية عربياً وسودانياً؟
– بشكل عام، علاقتي جيدة بالصحافة الفنية.
• ماتأثير الغربة والارتحال على المبدعة نانسي؟
– تأثير كبير بالطبع، الغربة والتنقل بايجابياتهما وسلبياتهما قد شكلا جزءاً ومرحلة مهمة في حياتي، تكويني ووعيي بالاشياء.
• البعض يرى أن مظهرك الحضاري لا يتماشى مع غنائك للتراث ؟
– لا اتفق مع ما يراه هذا البعض. ولا علاقة بالمظهر بتحديد تناول عمل أو نجاحه، ولنا في اندريا خير مثال.
• تم تسميتك فى مرحلة سابقة من قبل اليونسكو سفيرة للنوايا الحسنة ترى ما هو الدور الذي لعبته نانسي فى هذا المجال؟
– هو دور توعوي في المقام الاول. كما هو معلوم، يونسيف تعمل في مجالات التوعية بصحة، حماية ومجمل المواضيع المتعلقة بالأطفال. والغرض من تعيين سفراء النوايا الحسنة، هو الاستفادة من النجومية والانتشار لدى هولاء الفنانين والمشاهير، لتسليط الضوء، وزيادة التوعية بتلك القضايا.
شارك الحوار