
د. ناجي الجندي
كاتب صحفي
• ما هو الخطأ الذي ارتكبته إسرائيل حتى نكرها نحن المسلمون هكذا؟ وماذا فعل الجنجويد في بلادنا السودان حتى يكرهها كل السودانين بمختلف مشاربهم ـ إلا ناس كدا ـ كره العمى؟، وما هي جريمة أبي لهب حتى يُقالُ له: تبت يدك يا أبا لهب، وستصلى نارًا ذات لهب؟، هذا المثلث من الملعونين هم نموذج لآلاف الملعونين غيرهم.
أعتقد ـ وأكثر الاعتقادات إثم ـ أن الرابط واحد هو الظلم والفساد، حيث أن الظلم ظلمات يوم القيامة، إسرائيل ظلمت لما فسدت وقتلت واحتلت، والجنجويد ظلموا وفسدوا وسرقوا وقتلوا وكذبوا، وأبو لهب ظلم حين آذى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم واستهزأ به وتهجم عليه. كذلك ظلم وفسد غيرهم وما أكثرهم!.
الظلم والفساد كبير عند الله وكبير عند الناس لذلك لم تنتظر النفس البشرية السوية قيد وقتٍ حتى كرهت هؤلاء الملعونين جميعًا، وما يهمنا اليوم هم الجنجويد جنود الشيطان في الأرض، الجنجويد الذين فعلوا كل شيء يُحارَب الله به، لم يثنهم حفظ بعضهم للقرآن الكريم وهم يعلمون أن أول من يُسَعَّرُ به نار جهنم هو حافظ لهذا القرآن، فلن ينجيك حفظك للقرآن من النار، فلا تفرح!، لم يثنهم أن بعضهم أبناء هذا الوطن، ولم يثنهم أن بعضهم رضع من ثدي الجيش الذي يحاربونه.
ما فعله الجنجويد في أرض السودان موثق سيذكره التأريخ في أسوأ الصفحات السود من تأريخ بلادنا وسيظل محفورًا في هذا الجيل الذي شاهد بأم عينه ما حدث، بل عايش ذلك ومُورِست فيه كل هذه الفظائع، هناك طفل أُخذت منه أمه وتركوه وحيدًا، وآخر فقد الحليب وآخر تشرد مع أسرته بلا مأوى ولا كافل، موظفون فقدوا وظائفهم وممتلكاتهم وسكنوا تحت الأشجار، كُتب عليهم أن يهجروا جميل الحياة ويتضوروا جوعًا وهمًا وانتظارًا، نساء حملن المشاق سيرًا على الأقدام وثكلى موتاهم وفقد حبيب وقريب وابن وبنت، وموتى بسبب نقص العلاج والعناية ومشاق السفر والتنقل، بل فقد بعضهم المخيمات والمعسكرات التي كانوا يعيشون فيها وحرمواهؤلاء حتى من وصول الإغاثات الإنسانية من الأمم المتحدة الوصول إليهم، وأخلاق تغيرت بفعل الحرب من يصينها ومن يعيدها لأصلها الألمعي الطاهر الطيب؟، من؟.
دعك مما آلت له دواوين وممتلكات الدولة فلا أعظم وأهم من النفس، النفس البشرية التي جاء الإسلام ليحافظ عليها فكانت فعائلهم ضد التوجه الرباني للرسالة الإسلامية وللقيم الدينية، إن فظائع الجنجويد أكبر من أن تحتويها سطور أو مقال، وأعظم من أن يوصفها واصف، وأسوأ ما فيها أن الجنجويد لم يحاربوا خصمهم ولكنهم حاربوا المواطن، ولم يتفرغوا لانتصارات ومكاسب عسكرية ضد منافسهم بل كان شغلهم الشاغل هو المواطن الذي تأذى منهم بكل أنواع الأذى، كان شعارهم النهب لا الحرب، والسلب لا الغُلب، فهذه الغاية بررت الوسيلة عندهم لذلك كانوا يفعلون كل شيء، ولذلك أيضًا خسروا كل شيء حتى قالوا: يا ليتنا كنا ترابًا، وصاروا ما بين متفحم ومقتول ومذبوح وهاربٍ مولي الدبر ومزاحم على رصيف جسر جبل أولياء، هكذا كانوا فلم تنتصر رغباتهم، ولم يفلحوا. كيف يفلحوا وكانت تسابقهم اللعنات والدعوات من شعبنا الصبور المنتصر ليل نهار!؟، فخابوا وندموا، لكن ندِم البغاةُ ولات ساعة مندم.
شارك المقال