• طرق هذا الخاطر بقوة على الذهن، وواقع الحال المأزوم يتطلع إلى منافذ يمكن من خلالها بلوغ المهبط الآمن بهذه الوديعة الغالية، والفرصة الفريدة التي توفرت لنا من إحساس الآخر بمعاناتنا، فأتاحت لنا مظلة التسليم بعدالة قضيتنا، والتسامح والقبول الكريم بالتواضع والاستماع لقضيتنا في أعلى مرفق دولي متاح، فرصة ما أظنها توفرت لأي جسم غير رسمي كما توفرت للسلطان سعد عبدالرحمن بحر الدين، بمخاطبته الجمعية العامة للأمم المتحدة، لطرح قضية الإبادة الجماعية التي تعرّض لها سكان دارمساليت على يد الدعم السريع.
إن تلك الفرصة على عظمها ما كان يجب أن تنتهي إلى أرشيف الأحداث، ونحن في أمس الحاجة إلى توظيفها، والعبور بقضية الأهل والمنطقة على تلك المشروعية الأممية التي أتاحتها فرصة الخطاب.
إن وضع اللاجئين بتشاد، وكذلك وضع النازحين داخلياً بالسودان من منطقة دار مساليت يزداد سوءاً وتردياً مع كل مطلع شمس، خاصة مع تبنّي الرئيس التشادي محمد كاكا موقف أبوظبي.
إن قضية اللاجئين أولئك يجب إعادة تحريكها من مستوى طاولة الأمم المتحدة، وقد رأينا درجة استعداد الأمين العام للأمم المتحدة للتفاعل مع قضية السودان، أياً كانت الزاوية التي ينظر بها للحدث. عليه فقد يكون من الأوفق وبأعجل ما تيسّر، إعادة مخاطبة السلطان سعد الأمين العام للأمم المتحدة، طالباً دعمه، ومواصلة تبنيه لقضية المنطقة ولاجئيها.
كما يمكن مخاطبته المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد الأفريقي، وحثه على الانفعال أكثر بهذه القضية في مفتتح نشاطه الجديد.
إن أكثر ما يربك حراكنا تجاه قضاينا الملحة، لهو غياب
مفتاح القبول للآخر، والذي ظل ويظل الغاية التي حفيت أقدامنا على أثره، وزاغت أبصارنا خلف خيالاته. ويبقى مطلوبنا منه أن نتلمس به الطريق الذي يوصلنا إلى إجماع نتراضى عليه، ويقوم على اعترافنا بإيجابياته، والقناعة باستحالة الوصول إلى أهدافنا بمسلك سواه.
مع كل صباح جديد تحمل الوسائط نقاطاً لتلاقي فرقاء في ميادين شتى، في الاقتصاد كما الرياضة، وفي العلوم والسياسة، وفي كل الميادين، وعلى امتداد صفحات الإعلام، ويبقى الشيء النشاز الوحيد هو ظهور نقطة تلاقٍ لفرقاء هذا الوطن المسمى السودان.
إن مساحة الأحداث الساخنة التي يتمخطر فيها السودان، كان يمكن أن تشهد بين كل لحظة وأخرى حدثاً، أو نقلة يمكن أن تسجل موقفاً أو عبوراً نحو تسوية أو اتفاق.
إلا أن الراصد ليتعجب من تزايد مساحات الخلاف، وتباعد نقاط التلاقي، وكأنها تعمل بمتوالية هندسية.
الأمر الذي نفقد به فرصاً لا تقدر بثمن عند غيرنا، إلا أننا نعبر عليها عبور المتجاهل إن لم يكن عبور الغافل.
ربما لا يزال هناك بعض الوقت لإعادة اهتبال فرصة مخاطبة الأمم المتحدة بتلك القضية المحددة، حيث يمكن بأقل تقدير إضافة مشفى، أو مدرسة، أو بئر لأولئك اللاجئين.