مصور
Picture of بقلم: خالد شقوري

بقلم: خالد شقوري

شاعر وكاتب صحفي

• عندما يكتب الأديب في حق إمرأة من نسل الكرام بأنامل الرسام ويجسد المشهد بعين الكاميرا.. ويلون الأفق بألوان الوفاء.

في عالم يزداد تسارعاً وتفقد فيه الكلمات أحياناً بريقها، تأتي كلمات المصور الفوتوغرافي فريعابي محمد أحمد لتذكرنا بقوة اللغة وقدرتها على تجسيد المشاعر الإنسانية العميقة. في نصه: مدينة.. (النص المعتق)، يكتب فريعابي مرثية لاخته، التي سماها “النص المعتق”، ليسرد فيها قصة امرأة استثنائية، كانت تمثل عالماً من العطاء، الحياء، والحب. النص ليس مجرد كلمات، بل هو لوحة فنية مرسومة بحروف من نور، تعكس حياة أخت كانت بمثابة مدينة كاملة، مليئة بالخير، الحنان، والإنسانية.
اختار الكاتب اسم “مدينة” – أخته – عنواناً، وهو اختيار يحمل دلالات عميقة. المدينة ليست مجرد مكان، بل هي عالم متكامل من العطاء والحياة. كانت أخته، مثل المدينة، تضم بين جنباتها كل معاني الخير، السخاء، والرحمة. هي مكان آمن، مصدر للعطاء، ومركز للحياة التي لا تتوقف.

طوال النص، يبرز العطاء كقيمة مركزية في حياة “مدينة”. كانت تعطي بلا حدود، حتى في أصعب الظروف. الكاتب يصفها بأنها كانت “تمشى على رصيف المروءة حتى تسدد دين الحياة”، مما يعكس إيمانها بأن العطاء هو جزء من مسؤوليتها تجاه الحياة نفسها. كانت تعطي ليس فقط الماديات، بل أيضاً المشاعر، الكلمات، والراحة النفسية للآخرين.
“مدينة” كانت تجسد الحياء والأخلاق في أبهى صورها. الكاتب يصفها بأنها “مملوءة بالحياء”، وأنها كانت تتحلى بأعلى درجات الأدب والاحترام. حتى في تعاملها مع الآخرين، كانت تقدم العطاء بابتسامة، دون أن تنتظر أي مقابل. هذا الحياء لم يكن ضعفاً، بل كان قوة جعلت منها شخصية محبوبة ومحترمة من قبل كل من عرفها.
في النص، نجد مشاعر الحزن والفرح متجاورين. “مدينة” كانت تعيش حياة مليئة بالتحديات، لكنها لم تدع الحزن يسيطر عليها. كانت تمسح دموع اليتيم، وتقدم العون للمحتاجين، حتى في لحظات ضعفها. الكاتب يذكر أنها كانت “تهوى كتابة السطر الأخير على المآقى”، مما يعكس قدرتها على تحويل الألم إلى عطاء.
النص يتميز بلغة شعرية غنية بالصور البلاغية التي تجعل القارئ يشعر وكأنه يتجول في عالم من المشاعر. الكاتب يستخدم تشبيهات مثل “مزاهر من غبطة”، و”غيما من المحبة”، مما يعطي النص طابعاً بصرياً قوياً، وكأنه صورة فوتوغرافية مكتوبة. هذه اللغة تجعل القارئ يتفاعل مع النص ليس فقط بعقله، بل أيضاً بقلبه.
في النهاية، “مدينة” لم تعد موجودة جسدياً، لكنها خالدة في قلوب من عرفوها. الكاتب يصفها بأنها “ذكرى من ذهب”، مما يعكس قيمتها التي لا تفنى. هي لم تكن مجرد أخت، بل كانت رمزاً للحب، العطاء، والإنسانية.
نص مدينة.. (النص المعتق)، ليس مجرد مرثية، بل هو احتفاء بحياة امرأة كانت بمثابة مدينة كاملة من العطاء والحب. من خلال كلماته، يقدم فريعابي محمد أحمد صورة حية لأخت استثنائية، كانت تقدم للعالم أكثر مما تأخذ منه. النص يذكرنا بأن أعظم الإرث الذي يمكن أن نتركه هو ليس الماديات، بل القيم التي نعيش بها وننقلها للآخرين. “مدينة” كانت، وما زالت، مثالاً للإنسانية في أبهى صورها.
مدينة.. ذكرى من ذهب.. هادئة.. كخيال يرتب ألفاظه.
هذه الكلمات تبقى خالدة، مثل ذكرى أخت كانت، وستظل، مصدر إلهام لكل من عرفها أو قرأ عنها.

مدينة ..( النص المعتق)

بحرف/ فريعابي محمد احمد
……….
كانت تمشى على رصيف ( المروءة)حتى تسدد (دين) الحياة

فقد تعلمت (العيش) بما يستطاع من (العطاء)
كانت يمناها لا تدرى بشمالها حين صعّدت (البذل) من لغته.. إلى اشغالها
فالكمال كفاءة (السخاء)
والذكرى..هى النسيان مرئياً
فلا (من) ولا (تعريض)
مدينة
كانت مملوءة بـ (الحياء) وقد حازت فيها على الدرجة الأولى الممتازة
كانت على أناملها.. مزاهر من غبطة

فهي لا تحب الوقوف على أطلال (الحوجة)
فقط .. تمتد (الحاجة) عندها إلى ماقبل (كسر الخاطر)
فـ (الأدب) على شفتيها.. يعرض براهينه على الممكنات…
على( ملاحة) الإبتسامة
سيرتها المعطرة بالزبرجد مطرزة بحرير، (إنا نراك من المحسنين،،.)
نحن مع امرأة استثنائية في زمن المألوفين

حين تتذكر أصابعها ..الكلام الذى لم (تقله)
في سراب اليباس وصحارى (العوز)
كانت تهوى كتابة السطر الأخير على (المآقى) ليتمسح بها دمع (اليتيم)
حتى يسيل منها (العفو) على الحمد
على .. شكراً.. جزاك الله خيراً
لا ترتدي (قناع ) الترضية الحفيانة
ولاتبتسم… وفق الطلب
كان تهفو إلى (رجاء) تحت وطأة الفجر..
وهي تصلي النافلة…(ضيفاً) على ذاتها

كانت حين تزورها في بيتها. (تربت) على (كتف) المسرة
فأحبها… كل من عرفها
وظلت اليابسة تحتها… (غيماً) من المحبة
تمشى على النسيم فى.. أحلامه
وتصعد من وصية (الفقر).. ليغطي ساقها الخجول
كان السيف.. ينكسر أمام (وقارها) النبيل ..حين ينشد اللون الإفصاح…
وينظر الفرح… إلى ما (وراء) الوصف

هي لون.. السلام إذا احتاج الكلام إلى (فصيلة)
كانت (تمرننا) على الحنين والتواضع
وتجتث الحزن من سلالة الأرض
فكل فعل… تفعلها
ربوة… وحديقة

كان العطاء عندها.. مناشف تمسح الرذاذ عن (المساكين)
حين يخرج (السؤال) من حمام السحاب
لتستيقظ الحواس على نداء العسل

مدينة .. ذكرى من ذهب
هادئة… كخيال يرتب ألفاظه
دوماً تجدها تشتل (المساعدة) بين الأحباب
تفاجئنا حين ننسى (عواطفنا) وتغسلنا من تراب (حب الذات)
المودة عندها.. أدت مهمتها
مدينة… وحب الخير
مدينة كانت هناك… هي كانت هنالك حيث الأبجدية.. حبلى
بـ (الأنين)
كانت.. مدينة
جميلة
وسيمة
وهي تفيض على من حولها من (المعوزين)
وتغمر الحليب.. بالحليب

مدينة تضحك كالبرتقالة
حين تغدو الألوان .. وجهات نظر
وتنقح الخريطة أخطاء (العيب)
كانت متداخلة في قوس قزح..
(أمواجاً)… من العرفان
اسمها..
ذكرى … لذات في (ذرى) الجنان

لها الرحمة والمغفرة

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *