كادوقلي تستغيث .. والدعم السريع تهاجم بابنوسة

11
تكايا ام درمان

متابعات – «فويس»

تعيش مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان أوضاعاً إنسانية وصحية متدهورة بسبب الحصار المفروض عليها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023، مما أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية والصحية بصورة خطرة. وبحسب مواطنين فإن الأوضاع المعيشية في المدينة بلغت مستويات حرجة، في ظل النقص الحاد في السلع الأساسية والدواء، وشح كبير في السيولة النقدية، فضلاً عن انقطاع شبه كامل للخدمات الحيوية كالكهرباء والمياه والاتصالات. وتشهد المستشفيات نقصاً شبه كامل في الأدوية المنقذة للحياة، والمحاليل الوريدية والأوكسجين، مما تسبب في ارتفاع ملحوظ في عدد الوفيات خلال الأشهر الماضية. وأشار المواطنون إلى أن سيطرة “الدعم السريع” على مدينة الدبيبات، التي تعد البوابة الشمالية الرئيسة للولاية عطلت بصورة كاملة حركة الإمدادات من السلع الأساسية والأدوية إلى مدينتي الدلنج وكادوقلي، كما أدى انقطاع الطريق الرابط بين كادوقلي وسوق النعام الحدودية مع جنوب السودان إلى عزلها تماماً، ومنع وصول أي دعم غذائي أو طبي منذ أبريل.

احتدمت المواجهات أمس الإثنين بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” على محاور القتال المختلفة، إذ شنت الأخيرة هجوماً عنيفاً على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان التي يسيطر عليها الجيش مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة، إلى جانب الطيران المسير، كما سيطرت “الدعم السريع” على منطقة كرب التوم الاستراتيجية الواقعة قرب “المثلث الحدودي” بين السودان وليبيا ومصر، مما يعد تطوراً عسكرياً مهماً في سياق الصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من عامين.

وبحسب مصادر عسكرية فإن معارك ضارية اندلعت بين الطرفين في الأجزاء الشمالية والشرقية من مدينة بابنوسة التي تحتضن الفرقة 22 – مشاة التابعة للجيش، حيث قصفت مسيرات تابعة لـ”الدعم السريع” بصورة عنيفة مقر قيادة الجيش، فيما تدخلت مسيرات الأخير (الجيش) واستهدفت تجمعات القوات المهاجمة في أنحاء متفرقة من البلدة. وأشارت المصادر إلى أن “الدعم السريع” حشدت، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، أعداداً كبيرة من المسلحين، بعضهم وصل من إقليم دارفور. وبثت منصات تابعة لـ”الدعم السريع” مقاطع فيديو أظهرت انتشار جنودها في عدد من أحياء بابنوسة وبعض المقار الحكومية في المنطقة، من بينها رئاسة شرطة السكة الحديد.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024 شنت “الدعم السريع” هجمات عنيفة على بابنوسة، لكن الجيش تمكن من صد الهجمات التي استمرت نحو أسبوع، ومنذ ذلك الوقت، توقفت المواجهات البرية بين الطرفين بعد انسحاب “الدعم السريع” وتمركزها في مدن مجاورة كالمجلد والفولة عاصمة ولاية غرب كردفان. وتسيطر هذه القوات أيضاً على معظم مناطق غرب كردفان، بما في ذلك عاصمة الولاية الفولة، ومدن المجلد والميرم ولقاوة والخوي والنهود وود بندة، بينما يسيطر الجيش على بابنوسة وبعض حقول النفط في منطقة هجليج.

محور المثلث

وفي تطور جديد أعلنت “الدعم السريع” أمس سيطرتها على منطقة جبال كرب التوم، ونشرت على منصة “تيليغرام” تسجيلاً مصوراً يظهر لحظة اقتحام جنودها معسكر كرب التوم، واستيلائها على ذخائر ومركبات عسكرية وعتاد حربي من الجيش السوداني. وقال شهود إنها سيطرت على المنطقة عقب انسحاب القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش إلى منطقة جبل عطرون التي تسيطر عليها منذ مايو (أيار) الماضي.

وتقع منطقة كرب التوم شمال غربي ولاية شمال دارفور في عمق الصحراء وعلى تخوم الولاية الشمالية، حيث تبعد 500 كيلومتر عن مدينة دنقلا. وتعد المنطقة نقطة وصل استراتيجية بين إقليم دارفور وشمال السودان، كما تشكل منفذاً برياً مهماً باتجاه ليبيا ومصر.

وتأتي هذه السيطرة بعد أسبوع واحد من إعلان “الدعم السريع” سيطرتها على “المثلث الحدودي” الرابط بين السودان وليبيا ومصر، عقب انسحاب الجيش من المنطقة في إطار ما وصفه بإعادة الترتيب لمواجهة العدوان.

إلى ذلك أشارت “شبكة أطباء السودان” إلى أن النازحين في منطقة “المثلث الحدودي” يعيشون أوضاعاً مأسوية في أعقاب سيطرة “الدعم السريع” عليها، مما أدى إلى موجة نزوح واسعة إلى الولاية الشمالية. ووفقاً للشبكة، فإن 1986 نازحاً، بينهم 156 طفلاً، فروا من منطقة المثلث باتجاه مدن وقرى بالولاية الشمالية.

محور دارفور

أما في محور دارفور فقد ساد التوتر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث كثفت “الدعم السريع” تحليق طيرانها المسير في سماء المدينة لليوم الثاني على التوالي، فضلاً عن القصف المدفعي العشوائي الذي استهدف الأحياء السكنية، مما أوقع عدداً من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. وبحسب مصادر محلية، فإن عدد ضحايا قصف مسيرات “الدعم السريع” مركز إيواء للنازحين بمدينة الفاشر الأحد الماضي ارتفع إلى 18 قتيلاً وعشرات المصابين، بينهم خمسة أطفال وسبع نساء، وأحدث القصف دماراً هائلاً طال الغرف التي كان يقطنها النازحون، كما أدى إلى تدمير الأكواخ المبنية من المواد المحلية. وكانت مسيرة استراتيجية تتبع لـ”الدعم السريع” أغارت على مركز إيواء يضم ما يزيد على 1000 نازح، معظمهم فارون من مخيم زمزم جنوب غربي الفاشر، مما أوقع خسائر فادحة في الأرواح. وتسعى “الدعم السريع” إلى السيطرة على الفاشر كآخر معاقل السلطة المركزية في الإقليم، حيث تقود باستمرار مواجهات عنيفة، لكن الجيش وحلفاءه من الحركات المسلحة ظلوا يتصدون لتلك الهجمات.

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *