نظرة يسار سارة عبدالمنعم

سارة عبدالمنعم

كاتبة روائية

[ 1 ]

تخلَّلَها بلغُتهِ الشَّاعرِّية، تسرَّبته بحديثِ المنطق، خرجتْ منه بناقصةِ عقلٍ، جُنُونُها صنَّفَه بالمنافِق. 

[ 2 ]

للمرةِ الألفِ نرحلُ، لا أدري لماذا أرادَ زوجي ذلك، أخبرتني أمُّه بالحقيقة، قالت إنه (نَمْلُ السُكَّر)، تباً لي، بالأمسِ شكوتُ من تسلُّقهِ لساقي.

[ 3 ]

تمَسَّكَ بيدها، أفلَتَتْ لهُ القلبَ، أحسَّ رعشتها، أغلق جَفنيه، صَرَخَ داخلُها محذراً ترفَّقِي بكفِّ الرجل  كي لا يتركك. 

[ 4 ]

كَفَرَتْ بحبِّهِ، مارَسَتْ رذيلة النِّسيان، أعلَنَتْ التَّوبة من عِشقِ نبضٍ دجَّال، صَبَأتْ، كذَّبتْ نُبوءته، ونزَف جُرحها، بدهشتهِ أقامَ عليها الحد ندماً. 

[ 5 ]

قالت، أنتَ والسِّحابُ تتشابهان، أجابها هل لونُه كلونِي؟ تبسَّمَتْ هَزَّتْ أفكارها بالنَّفي، همَسَتْ : كِلاكُما تُغريانِي بظلِّ دِثارٍ كاذبٍ، تُجيدان الرَّحيل بحُلُمي، ولا تتركان قطرةَ أملٍ للرِّجوع، دمعي برحيلِكَ يُحاكي هُطُولُه بأرضِ غيرِي، بعدَ صلاةِ استسقاء.

[ 6 ]

سأُسْقِطُ النِّظام، بعيونٍ متمردةٍ عبَّأتُ دواخِلي بذخِيرةِ النِّسيان، أشعلتُ الهِجرةَ قنبلةً ناسِفة، ابتسمتُ فرحاً بخطةِ هجُومِي، فقط مازلتُ أبحثُ عن شعارٍ أردِّدَه للشَّجب. 

[ 7 ]

رمَقَ بعينَيهَا دموع وداع تقاومُ فضحها، إقتربَ منها هامِساً : عاهدتنِي أن لا تَذرُفي دمعة، تبسَّمتْ بنحيبٍ، وهمهمتْ عَبَراتُها، «دَعها تنالُ من كفِّكَ رحمته، أمامي الكثير من العُمر يفتقِدُ قُربك».

[ 8 ]

رفضَتْ خِزانتي إعارتي ثوباً للخروج، صفعتُ بابَها بغضب، صَرخَتْ فسَاتِيني : «نتجمَّلُ بنظراتِ ذاك الراحل، دعينا لبقايا عِطرِهِ».

[ 9 ]

هاجَ الشَّوقُ عليها، أخذتهُ للبحر، أدبرَ الموجُ عنها، راوغتهُ بمجئِ الغائب خلفها، لطمتَها نسمةٌ صائِحة «لا تتشَكَّكِي بتميِيزي لعِطرِهِ».

[ 10 ]

لا تقترب من أُنثى إغتسَلتْ لتوِّها من جُرحِ ماضيها، لا تُغمض جَفن أحلامِك إن أوهمتكَ أنفاسُ قُبلتها بعِشقها لك، قاومْ ذراعي أمانها إن طوَّقتْ عُنُقكَ بعناقِ راحلةٍ تُودِّعك للمرةِ الأخيرة.

يا صديقي .. ليتك إكترثت لتحذيري، حذَّرتُك من أُنثى تتوهَّمُ فيك العِشق لتُضمِّدَ جُروح من كان قبلك، وربما تمارسُ فيك وعليك الانتقام. وأنتَ مثُلها إذن تحتاجُ لصدر امرأةٍ تُشعرك بدفءِ أمِّكَ، تُعرِّيك لبكاءٍ مرير، تحشُرُ أنفَ تنهيداتِك بعطرِها،  تُلمْلِمُك بحُضنِها لتُبعثِرُكَ شكواك بأحاديثِ جُرحٍ أتاكَ من مثلِها، عليها اللعنة إن نطقتْ يوماً اسم ماضيها بمسامِعِ نبضِك! وعليك النَّدم إن إدعيتَ أنكَ لم تسمعْ شيئاً، وأنا حذَّرتُك من عِشقٍ مجرُوحٍ يحتاجُك ليردَّ إليك جُرحَه، فلا تقترن بأُنثى إغتسلتْ للتَّوِ من جُرحِ رجلٍ يُشابِهُك.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *