ناجي الجندي

د. ناجي الجندي

كاتب صحفي

• في العام 1966م تولى الصادق المهدي رئاسة وزراء السودان وعمره 31 عاماً، بعد أن تجاوز اللوائح والقوانين ودستور السودان فالغاية تبرر الوسيلة، ولما انقلب عليه عمر البشير واستلم السلطة منه في العام 1989م، استنكر الصادق المهدي ذلك وتمسك بالدستور وحقه في الحكم.

في العام 1989م لما استلم الإسلاميون الحكم في السودان بقيادة العميد عمر البشير، سمّوا أنفسهم (ثورة الإنقاذ)، وحين (إحلوت) لهم طعامة السلطة لم ينقذوا أحداً، فقتلوا ونهبوا واستباحوا الحرمات وشردوا الملايين وقهروا العباد، ولما تم عزل عمر البشير في العام 2019م قال لمعتقليه: (خلوا بالكم على البلد)، أي بلد يا هذا؟

ولما دخل الجنجويد في رحم الجيش السوداني في العام 2013م، ادعوا معرفتهم أكثر من الضباط الـ(جد جد) ـ ضباط الكلية الحربية ـ وليس (ضباط خلاء)، وقاموا بعزل بعضهم، وضرب بعضهم، واعتقال بعضهم، ولما أتيحت لهم فرصة البطش قاموا بأكبر محرقة في تأريخ السودان يوم فض اعتصام القيادة العامة 2019م، ويوم أن انقلب الجيش السوداني عليهم وضربهم قالوا قولتهم المشهورة (بتحاربنا ليه يا البرهان؟)، ونددوا بضرب الجيش لهم؛ معتبرين ذلك انتهاكاً صارخاً  للأعراف والقوانين الدولية.

أمريكا لما غزت إسرائيل غزة وقتلوا وشردوا وجوعوا أهلها، قالت: (لإسرائيل حق الدفاع  عن نفسها)، وأمريكا تعلم تماماً أنها تدافع عن مغتصب ومتعدٍّ وظالم، بل إن أمريكا نفسها فرضت عقوبات على قاضي المحكمة الجنائية حينما حرر مذكرة اعتقال موجبة في حق نتنياهو. وأمريكا نصّبت نفسها قاضي العالم الحاكم العادل الديمقراطي. وهي نفسها التي دخلت العراق وعاثت فيه كما يحلو لها، وجعلتها أثر بعد عين، لتصير كما نراها اليوم (شبه دولة)، وأمريكا نفسها تعدت على باكستان، وتخطت الحدود لتغتال أسامة بن لادن وتعود دون مراعاة لحرمة الدول واستقلالها وخصوصيتها، كما دخلت أفغانستان مرة ومرتين وثلاثاً وألف مرة منتهكة كل شيء، وضربت الخرطوم بحري، ومسحت على فمها كأنما لم تفعل شيئاً وعادت لقواعدها، وما زالت تخدع العالم أنها (الكبير أوي)، الكبير الذي يعظ ولا يتعظ، ويعلّم ولا يتعلم، ويأمر ولا يؤمر، ويصيب ولا يخطئ، ويقرر ولا أحد يقرر له.

في 2022م الروس دخلوا أوكرانيا (قوة عضل)، وبمسوغات (الكديسة مع الفأر)، ضربوا بالقانون الدولي عرض الحائط، وحتى قانون الإنسانية والعقل وحق الغير في تطوير وتثبيت وتقدم نفسه، ولما ضربت أمريكا إيران ـ حليفتها ـ قالوا (من المثير للقلق بشكل خاص أن هذه الضربات نفذتها دولة عضو دائم في مجلس الأمن، وأن هذا يتعارض مع أمن المنطقة والقانون الدولي).

هذا غيض من فيض على بلاوي الزمن العاهر، وازدواجية المعايير في التعاطي مع الواقع، عندنا وعند غيرنا في المجتمع الدولي، والذي يُوصِل لنتيجة واحدة هي أن لا ثقة في أحد، ولا خير في خلف ولا سلف، كلهم واحد، كلهم كذابون، وأن الجاهل لا يقود، والخائن ليس أهلاً للأمانة.

 فالمصالح الشخصية والخاصة تغني بأن تكون هي فوق القانون والنظام والدستور والدين والإنسانية، فلا وازع علم يُغْني، ولا وازع دين ولا إنسانية، وتذكر في نفسك بعد التنصيب، هل ستقول يوماً ما (بتحاربنا ليه يا البرهان؟).

رأيكم شنو نخلي عدم القانون هو القانون؟ وهذا يرهق الكثيرين فيعودون للقانون، لأنهم جبلوا على مخالفة القاعدة الصحيحة.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *