• الكتاب مجموعة دراسات للمؤلف تبحر في تاريخ الرواية في فترة عنوانه و الانتقال الهائل الذي مرت به و إكتمال الصورة العامة خلال تطورها..
يبدأ الكتاب بعرض الابداع النسوي كتعبير عن انتزاع الحق في حرية التعبير في مجتمع تطغي عليه الكثير من المفاهيم المعقدة تجاه صوت المرأة الذي إحتمي بالقصة القصيرة و الروايةكمخرج آمن لإبراز المقدرات الثقافية و الادبية للمرأة و تدرج ذلك في سلم التطور السردي الرائد و ظهور أول رواية كتبتها ملكة الدار محمد قبل أكثر من نصف قرن و جاءت بعدها بثينة خضر و عايدة عبد الوهاب و حتي ليلي أبو العلا و غيرهن تزامنا مع التطور السياسي و الاجتماعي الذي ألقي بظلاله علي المقدرات الابداعية التي تذخر بها حصيلة المرأة..
و لما كان الشعر يهيمن علي الثقافة السودانية بأسبقيته علي الاجناس الابداعية الاخري فقد شكل صعوبة أمام تأسيس أجناس إبداعية أخري حتي إستهل معاوية محمد نور المجال بنشر أول قصة سودانية العام ١٩٣١ بينما يقر كثير من الشعراء أن بدايتهم الادبية كانت في مجال السرد و إنتقلوا منه الي الشعر كأمثال صلاح أحمد إبراهيم و محمد المكي إبراهيم و يعتبر حمزه الملك طمبل أن الادب هو الشعر و أن كل الدراسات و النقد الادبي المنشور كان معنيا بالشعر..
فترة العام ١٩٦٤ و حتي بداية السبعينيات شهدت البدايات القوية للتطور السردي بصدور قرابة العشرين مجموعة قصصية لكتاب عمالقة من أمثال أبوبكر خالد و علي المك و الطيب صالح و عيسي الحلو و غيرهم.
يتطرق المؤلف للدراسات الشاملة لأهم ملامح الرواية السودانية و بعض الآراء التي تقول بصعوبة الابداع الروائي في الثقافة السودانية المتأثرة بالثقافات الوافدة و ضعف فرصتها في الاخذ من التراث و الحكايات المحلية و إعادة إنتاج الاساطير المنتزعة من الواقع و تجاهل النقد الادبي للكثير من الاعمال المهمة في مسيرتها..
لم يستطع الرواد الاستفادة من التراث العالمي للرواية مما أحدث فجوة بينهما لم تتجسر الا بعد ظهور روايات الطيب صالح و إبراهيم إسحق التي فتحت مجالا للعالمية بحكم ثقافتهما الانجليزية و قربهما من تقنيات الرواية الحديثة و تجاوهما للنمطية التي إحتشدت بها روايات الرواد و قد فتح ذلك الباب أمام الروائيين الجدد بروحهم الثائرة و المتمردة علي المضامين فإقتحمت رواياتهم عوالم السياسة و الاعراق و الاثنيات و رصد التحولات الحيوية و أسبابها الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية ( الوعي بالذات).
أما عن السرد في الادب النوبي الذي إزدهر في نهايات الالفية الاولي يعرض المؤلف جدلية التعريف بهذا الادب و التي كانت موضع خلاف بين الدارسين و النقاد و بعضهم الذي لا يحيد هذا الادب عن سودانيته بينما يؤيد الوجود الجغرافي في مصر هذه التسمية و يخلص الي خطأ إختزال الابداع في الهوية العرقية لعدم وجود معايير لتحديد هويته في ظل العولمة..
يتعرض الكتاب في الجزء الاخير لعدد من الدراسات المهمة للرواية عند الطيب صالح و إبراهيم إسحق بإعتبارهما المرحلة المفصلية في تاريخ تحول الرواية و تطورها و خلق مفاهيم حضارية جديدة لها تتماشي مع التيار العالمي ندا و منافسا..