• والعقدة اصطلاحاً و قولاً تحمل ذات المعنى الذي نشير إليه بوصفنا لذات شخصٍ بأنه (معقد). فالعقدة هي مجموعة من الافكار المركبة المشحونة عاطفياً تعرضت للكبت الجزئي أو الكلي ثم ظهرت على شكل سلوك انفعالي نتيجة التراكمات النفسية التي تعرض لها الإنسان وخزنت تلقائياً بعقله الباطن.
أما (قابيل) فكما تعلمون هو إبن آدم القاتل والمقتول ذلك الأخ اللدود الذي لم يحتمل شرف التنافس و التفاضل فكفر بالتكامل و لم يقر بالتميز الموهوب عطاءاً ومنحة.
قصة قابيل و هابيل قصة تتكرر كثيراً حكاية لا يكاد يخلو منها مجتمع وإن اختلفت نسبة التواجد وحدة التأثير، وقد تناول الأدب العالمي والإنتاج السينمائي والتلفزيوني عدة نماذج درامية ونقدية لتأثير هذه العقدة في السلوك البشري والإنساني، ولعل الكاتب المغربي حسن المودن قد قدمها على (أوديبية فرويد) في كتابه (الإخوة الأعداء في السرد العربي والغربي)، وهذه دعوة صريحة إليك عزيزي القاريء الكريم للإطلاع على هذا السفر القيم.
صراع إبني آدم كما ورد في القرآن الكريم الآية السابعة و عشرون من سورة المائدة ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، هو صراع إذن دافعه الحسد وموضوعه القبول وناتجه البغي والعدوان والخسران المبين.
في محاولة تأصيل الصراع السوداني- السوداني تبدو (عقدة قابيل) أكثر ظهوراً كأحد المسببات فمشاهد التدمير غير المبرر للبنى التحتية التي طالت المرافق الرسمية والمدنية في ولاية الجزيرة تنم عن مشاعر حقد دفين وحسد عميق، فما معنى أن تحطم معامل إدارة البحوث الزراعية مثلاً. وما معنى تدمير قاعات جامعة الجزيرة وغيرها من الجامعات. هي عقدة قابيل ولا شك..
الأدهى والأمر أن تستصحب هذه العقدة سلوكنا الإصلاحي والإعماري لما بعد الحرب و هذا تحديداً ما أود الإشارة إليه في هذا المختصر مع ارتفاع صوت الفردية وعلو كعب الأنوية في مبادرات الخدمات الإنسانية والإعداد للعودة الطوعية، فالزخم والتحشيد الإعلامي هو المسيطر وتقليل جهد الآخرين هو الآلية التي يتكئ عليها القصد، يبدو أنّ درس الحرب لم يستذكر جيداً أو لم يكن كافياً لتغيير العقلية التفكيرية والخروج من عقدة قابيل.
إنّ إعادة الإعمار تبدأ بتوحيد الجهود و ضم الصفوف و تكامل الأدوار.. أو هكذا ينبغي..
وفي ذات الإطار :
أحتفي و أسعد اليوم و(فويس) تلج العدد رقم 20.
و هي تطلق الموقع الإلكتروني الخاص بها لتصفح أعمق و أكثر فائدة… تهانينا وتمنياتنا بمزيد من النجاح والتفوق.