
حوار: محمد نجيب محمد علي
المشرف على النبض الإبداعي
• الدكتورة الكسندرا ماريتش ناقدة ومترجمة قد عملت من قبل في مصر وسوريا ، كما تحمل درجة الدكتوراة في الترجمة ، وأصدرت مختارات من القصص العربية مع دراستها ، ونشرت أبحاث باللغات التي تجيدها الألمانية والعربية والفرنسية وتعمل الآن أستاذة جامعية في جامعات النمسا. ما بين الإستشراق والترجمة .شاركت فى إحدى فعاليات جائزة الطيب صالح العالمية بالخرطوم بورقة عن طارق الطيب ..حيث كان لقاؤنا ..وتواصلنا الذي لم ينقطع ..
• ما موقع الأدب النمساوي في خارطة الآداب العالمية ؟
– الأدب النمساوي مكتوب باللغة الألمانية ، رغم أنه ليس أدبا المانيا فنحن لدينا خلفية تاريخية مختلفة عن الألمان . مثلا حركة الرومانسية التي تشتهر بها الحركة الأدبية الألمانية لم تكن حاضرة في النمسا في القرن التاسع عشر ، النمساويون محافظون أكثر من الألمان فهم كانوا يتمسكون بحكم الإمبراطورة علي عكس الألمان الذين كان منهم من يتعاطفون مع الثوار الفرنسيين ، والطريقة الوحيدة للإلتقاط في النمساكانت هي الفكاهية ولذلك أصبح الأدب النمساوي بصورة عامة هو أدب فكاهي عكس ما كان في المانيا و الآن في التيار الحديث سقطت كل الأطر التي كانت تسور الأدب النمساوي وأصبحت الأمور متحررة أكثر.
• كيف قرأ النقاد الذين يكتبون بالألمانية روايات الطيب صالح ؟
– روايات الطيب صالح ترجمت إلي اللغة الألمانية من قبل أحد المترجمين الألمان المشهورين وصدرت في سويسرا . ويعتبر الطيب صالح من الأدباء الممثلين للأدب الافريقي والعربي المعروفين . وروايته تحظي بالإهتمام والقراءة هناك .وهو معروف جدا بين جميع الاوساط الثقافية الناقدة والقارئة
• الأدباء المهاجرون من افريقيا والوطن العربي كيف تمكنوا من التفاعل مع الوسط الثقافي الناطق بالألمانية وهنا لابد من الإشارة إلي أدباء السودان المهاجرون للنمسا عبد العزيز بركة ساكن واشراقة مصطفي وطارق الطيب وغيرهم ؟
– الجمهور النمساوي لا يزال يركز في الأدب الأوربي الشرقي أكثر مما يركز في الأدب الافريقي أو العربي بشكل عام ، وأعتقد أن لهؤلاء حضور خصوصا لدي من يهتم بالثقافة الافريقية والعربية . و علي صعيد التطورات السياسية الجديدة علي الصعيد العالمي سيصبح لأدباء العالم العربي وا فريقيا المزيد من الحضور في النمسا .وأدباء السودان يعتبرون ممثلين للأدب العربي والافريقي وهم يشاركون في ندوات ثقافية مختلفة بجانب رفقائهم النمساويين والملفت بشكل عام في اوروبا أن السودانيين والافارقة والعرب لهم درجة عالية في التعليم والتفكير وتقريبا 50%من المقيمين في النمسا حاصلون علي شهادة الثانوية العامة ومن ضمنهم السودانيين
• ماذا عن تجربتك في ترجمة الأعمال العربية إلي اللغة الألمانية ؟
– هناك ظاهرة يتم التحدث عنها بين المستشرقين الناطقين باللغة الألمانية تحديدا فكما هو معروف معرض فرانكفورت للكتب في كل عام ، وبوجد إجتهاد كبير من قبل الكثير من الأدباء العرب للمشاركة في هذا المعرض من خلال تقديم الدعوة لهم ، وهناك من يكتب من أجل الترجمة فقط فهو يكتب ربما بطريقة غريبة علي أذهان العرب كي يتم ترجمة رواياته إلي اللغة الألمانية وبالتأكيد الذوق العام مازال يتحكم في ظاهرة الترجمة . ونحن كمترجمين نتمني أن تتم الترجمة بطريقة مقربة للنص الأصلي وأن يتم قبول النصوص التي كتبت للقاريء العربي في المقام الأول لأجل إعطاء الصورة الصحيحة ، وهذه الصورة تحتاج إلي مترجم ماهر جدا يستطيع أن يوصل المعني المقصودبشكل مفهوم للقاريء الآخر ، والترجمة تؤثر علي قبول الأعمال المترجمة .
• رواية الرحلة إلي فيينا للروائي طارق الطيب قارنها بعض النقاد برواية موسم الهجرة الي الشمال للطيب صالح ؟
– قلت في ورقتي عن تداخل السرد العربي الأفريقي مع السرد النمساوي – طارق الطيب نموذجا أن المستشرقين الألمان ألمحوا إلي أن طارق الطيب ركز في روايته علي الإنسان الفقير والذي حصرا يهاجر إلي المناطق الجديدة بينما يركز الروائي الطيب صالح في الرجل المثقف الذي يبحث عن العلم وأعتقد أن هذا هو الفرق الأساسي بين الروايتين . ولكن بلا شك تأثر طارق الطيب بقراءة موسم الهجرة إلي الشمال وربما كان يريد أن يشكل صوتا إضافيا لمن ليس له صوت مثل صوت المثقف العربي لأن المثقف العربي لديه دائما الأسبقية وهو محبوب حتي عند الغربيين . أما بالنسبة للمهاجر الذي يألأتي قسرا ويطلب اللجوء فصورته مشوهة واعتقد أن طارق الطيب كان يريد أن يحسن هذه الصورة عند النمساويين بالذات لأن هذه الفئة هي الفئة الأكثر والغالبة ونحن نريد كمثقفين نمساويين أن نساهم في تحسين هذه الحالة .
• المستشرق الغربي صورته مشوهة عند الادباء العرب ولا يثقون في رسمه صورة حقيقية لابداعهم ؟
سابقا كان المستشرق الأوروبي يحاول أن يجد نقاط الضعف لدي الكتاب العرب وهو بنقاط الضعف هذه يشوه صورة العرب ، ولكن الآن أصبح الدور مختلفا لأن الذين يدرسون الإستشراق يحبون الثقافات الشرقية . وبالتالي هم يحاولون أن يحسنوا صورة العرب وأيضا الأفارقة . وهناك مثلا قسم في جامعة فيينا خاص بالدراسات الافريقية والعربية وأعتقد أننا نحتاج إلي مثل هذه الدراسات اليوم كي ترسم الصورة الحقيقية لدي القاريء والذي ربما لن يجد لوحده التفسير الهادف والصحيح خصوصا لو لم تكن لديه تجارب أو تعامل مع العرب
• في الوطن العربي هناك أكثر من مشروع للترجمة ويتساءل المثقفون هنا عن عدم وجود وجود مشروع مماثل لترجمة الأعمال الحديثة الغربية الي اللغة العربية ؟
– علمت مصادفة أن هناك مشروعا بجامعة الخرطوم وبفسلطين يقوم بترجمة روايلات أوروبية للغة العربية ويتولي تقديم هذه الروايات بشكل كتب مسموعة وأعتقد أن هذه الفكرة جميلة جدا لأن القاريء حتي في اوروبا عادة ما يعمل كثيرا خلال النهار ولا يكون لديه الوقت المتوفر للقراءة حتي في الليل لذا فهو يفضل أن يسمع ما يمكن أن يقرأ ، وأنا أشجع مثل هذا لمشروع الذي يجعل الكتاب مسموعا . وقد لا حظت أيضا ضمن هذا النطاق في الحديث مع الزملاء العرب الأساتذة والدكاترة الموجودين والمشاركين معنا في هذه الندوة أنه توجد هناك حركة شديدة للترجمة من اللغات الكبري من اللغة الإنجليزية والفرنسية للغة العربية . وربما الادب الالماني يعتبر أدبا جانبيا في هذا السيرك وكوني نمساوية وناطقة بالالمانية اشجع الترجمة من الالماني للعربي وهناك أيضا لغات اخري خصوصا اللغات الشرقية في شرق اوروبا توجد لديهم أعمال ممتازة واعتقد أن القاريء العربي سوف يستمتع بقراءة هذه الاعمال خصوصا لأنها تعكس التجارب في منطقة اخري معاكسة في الدولة العثمانية السابقة وهم العثمانيون والصرب وكانوا ايضا كانوا أيضا مستعمرين علي حسب التفسير التاريخي للدولة العثمانية حيث كانت لديهم ثقافة مشتركة ودين مشترك هو الإسلام ، وربما يكون شيقا للقاريء العربي أن يفهم كيف كانت الحياة هناك لأنها فعلا كانت حياة تمزج بين الحياة الأوربية والشرقية .
• وأخيرا ماذا عن جائزة الطيب صالح؟
– حقيقة إنبهرت كثيرا بهذا الإهتمام الكبير بالأدب والفنون والثقافة الذي وجدته في هذه المسابقة ، وسأقوم من ناحيتي بنقل أخبار عن هذه الجائزة في النمسا ، ومع الأسف الشديد الأوربيون بشكل عام ما تزال لديهم فكرة متخلفة عن البلدان الافريقية وهم لا يفرقون بين الميول السياسية المختلفة والافكار المختلفة ، ربما يفكرون أن الديمقراطية دائما هي التي يجب أن تكون مثل الديمقراطية التي في اوروبا والفكرة الثقافية ينبغي أن تكون مثل الفكرة الثقافية التي في اوروبا وهم لا يعرفون أصلا أن مثل هذه الجائزة موجودة .
شارك الحوار