دور الجامعات السودانية في تعزيز التنمية المستدامة

171
حيدر بشير

د. حيدر بشير غلام الله

قانوني وأستاذ جامعي

• يحظى السودان بعدد مُقدر من الجامعات والمعاهد العليا الحكومية والخاصة،  وتؤدي هذه المؤسسات دوراً حيوياً مهماً في تخريج كوادر علمية مؤهلة في كافة التخصصات، حيث ظلت هذه المؤسسات ترفد  البلاد وغيرها من دول العالم بكوادر متميزة، ولكن رغماً عن ذلك نجد أن دور الجامعات قاصر في التزاماتها الأخرى؛ حيث يجب على الجامعات بالإضافة للتعليم أن تسهم في البحث العلمي وخدمة المجتمع، بما يعزز من التنمية المستدامة بالسودان، وفي هذا الإطار، من المفترض أن تلعب الجامعات السودانية دوراً حيوياً في تحقيق وتعزيز  التنمية المستدامة وخدمة المجتمع السوداني، وذلك من خلال إسهام الجامعات في البحث العلمي عبر البحوث التي تقدم من الكليات وأعضاء هيئة التدريس بمختلف التخصصات؛ إذ تعتبر الجامعات السودانية محاضن رئيسة لإنتاج المعرفة من خلال البحث العلمي، والذي يسهم في إيجاد حلول للتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تواجه السودان، فالجامعات السودانية من المتوقع منها أن تسعى إلى ربط البحث العلمي ومخرجاته بأهداف المستدامة على المستويين المحلي والعالمي، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع.

 ومن المحاور المهمة التى يمكن أن تساهم فيها الجامعات، معالجة القضايا الملحة، وذلك بإعداد خطط مدروسة للبحث العلمي، وذلك باستهداف قضايا حيوية مثل الأمن الغذائي، والصحة، والزراعة، وإدارة الموارد الطبيعية، والتنمية البشرية، بما يخدم احتياجات المجتمع السوداني. وفي سبيل أداء الجامعات دورها في تحقيق التنمية المستدامة، يلزمها العمل على الاهتمام بجودة العملية التعليمية، وتأهيل الكوادر التعليمية والإدارية؛ حيث يتوجب عليها إعداد الكفاءات حتى يتسنى لها القيام بتأهيل كوادر مؤهلة في مختلف التخصصات، تلبي احتياجات وتطلعات سوق العمل، وتُسهم في بناء القدرات الوطنية، ولا ينظر إلى ذلك بمعزل عن تطوير وتحديث المناهج التعليمية بهذه الجامعات  لتتوافق مع معايير الجودة العالمية، ومتطلبات التنمية المستدامة، مع التركيز على المهارات التي تدعم الابتكار والاختراعات وريادة الأعمال.

 وفي هذا الشأن يقع على عاتق الجامعات دور حيوي مهم في نشر الوعي المؤسسي والمجتمعي  بالتنمية المستدامة، من خلال المناهج والمقررات الدراسية والأنشطة اللاصفية، بما يحقق نشر الوعي بأهمية التنمية المستدامة بين الطلاب والمجتمع. وواحدة من العناصر المهمة  تسهيل الوصول للتعليم العالي، وهي ميزة متوافرة في الجامعات السودانية؛ سيما الجامعات الولائية المنتشرة جغرافياً في كافة أرجاء السودان حيث من المنتظر أن تساهم الجامعات، خاصة في المناطق الريفية، في توفير فرص التعليم العالي لأبناء المناطق المختلفة بالتركيز على الأقل نمواً منها، مما يدعم التنمية المحلية، ويقلل من التفاوت في الفرص التعليمية.

وجملة ما تقدم لا ينظر إليه بمعزل عن دور الجامعات في  خدمة المجتمع والشراكات؛ حيث يمكن لهذه الجامعات في إطار جهودها بالمسؤولية المجتمعية أن تضطلع بدور مهم في المسؤولية المجتمعية، من خلال تقديم برامج وخدمات متنوعة للمجتمع، سواء على صعيد الوعي الصحي، التدريب المهني، الوعي القانوني ومحو الأمية التعليمية والتقنية عن طريق التعليم المستمر والدورات التدريبية؛ حيث يمكن أن تقدم الجامعات برامج تعليم مستمر ودورات تدريبية متخصصة في شتى المجالات، بهدف رفع كفاءة الأفراد، وتلبية احتياجات المجتمع المتغيرة. كما يمكن للجامعات تبنّي المشاريع التنموية وحاضنات الأعمال لمشروعات تنموية مختلفة، بالذات في المجتمعات الريفية، بالإضافة إلى توفير الاستشارات الفنية والدراسات العليا التي تخدم المجتمع، وبهذا تحقق الجامعات مبدأ التفاعل مع المجتمعات المحلية بالتواصل مع المواطنين في الريف، وفهم مشكلاتهم، والعمل معهم على تطوير حلول تتناسب مع احتياجاتهم وقيمهم المحلية. وفي سبيل الشراكات المجتمعية يمكن أن تعزز الجامعات  السودانية الشراكات مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة،  لتحقيق أهداف التنمية المشتركة،  وبما يكفل المصالح المشتركة والمتبادلة بين هذه الجامعات وأطراف الشراكة المجتمعية.

 أيضاً من الآليات المهمة ضرورة إيلاء الجامعات الاهتمام اللازم بإنشاء مراكز البحوث والدراسات؛ حيث تقدم هذه المراكز إسهاماً مهماً في  تقديم حلول عملية لمشكلات المجتمع، مثل دراسات الجدوى للمشاريع، والاستشارات الفنية، وتطوير المنتجات، يضاف إلى ذلك أهمية تأسيس الجامعات للمستشفيات والمراكز الصحية الجامعية؛ حيث تلعب المستشفيات والمراكز الصحية التابعة للجامعات دوراً حيوياً في تقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية للمواطنين.

فيما يلي التحديات والفرص التي تواجه الجامعات السودانية، ورغم الدور المهم للجامعات السودانية، إلا أنها تواجه مع ظروف الحرب الراهنة تحديات كبيرة، 

مثل تدمير ونقص البنية التحتية، وعدم كفاية التمويل، وتأثير الحرب والنزاعات والاضطرابات السياسية، وضعف الربط بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، ومع ذلك يظل هنالك بريق من الأمل، وهناك فرص لتحسين دورها من خلال تعزيز التعاون بين الجامعات بالولايات الأكثر أمناً، وإعادة هيكلة المناهج لتتوافق بشكل أفضل مع تحديات السوق العالمية، وتطوير آليات لتمويل البحث العلمي ودعم الابتكار، وتعزيز الشراكات الفعالة مع القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لدفع عجلة التنمية المستدامة، وبشكل عام تعتبر الجامعات السودانية قاطرة أساسية للتنمية المستدامة وخدمة المجتمع، وفي سبيل تحقيق دور الجامعات في تعزيز التنمية المستدامة يتوجب شحذ الهمم والإمكانات  وتضافر  الجهود من جميع الأطراف المعنية، سيما الحكومية والقطاع الخاص والتمويل الدولي، بما يلبي التطلعات في تعزيز دور الجامعات في خدمة المجتمع والتنمية المستدامة.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *