• قلت ممازحاً ابنتي ونحن نهبط السلالم من عميق إلى أعمق في محطة مترو العتبة، ناشدين الخط الثالث الجديد:
(نحن الآن في أسفل سافلين)
ضحكت هي وضحكت أنا ضحكةً يشوبها بعض الألم، ترى ما الذي ينقص بلادنا ويعوق تطورها مثل ما تطورت البلاد حولنا، أشح الموارد؟؟ لا أعتقد أن بلاداً ماطراًِ سماؤها وخصبة أراضيها، وجارياً عذباً ماؤها، نيلين وأنهاراً يمكن أن توصف بشح الموارد، بل هي فوق ذلك غنية بمعادن الأرض متعددة العطاء.
تخيلت أن حكومتنا بصدد تنفيذ مشروع مترو أنفاق بالخرطوم، ورسمت سيناريو ردود الأفعال المجتمعية….
أعلنت جماعة حماية قبور الموتى (حقم) في بيان شديد اللهجة، مستفتح بالآية الكريمة (حتى زرتم المقابر)، أبدت فيه اعتراضها على المشروع، حيث إنّ عمليات الحفر قد يترتب عليها نبش عدد من المقابر، وفي ذلك تعدٍّ سافر على حرمة الموتى، مهددة في ذات البيان باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع قيام هذا المشروع العبثي، ثم في الختام تؤكد بيانها بالآية (كلا سوف تعلمون).
وفي ذات الإطار، أعلن تنظيم أبناء منطقة حليلو الغربية (أحا)، أنّ المشروع يمر بأراضي المنطقة، وفي ذلك اعتداء سافر على أراضيهم التي توارثوها عن الأجداد منذ أولهم (حليلو الكبير). وجاء في البيان الغاضب، الذي أصدره تنظيم (أحا)، أن هذا المشروع العبثي لن يقوم حتى يفنى آخرهم.
لماذا الخرطوم… هكذا ابتدر السياسي المخضرم حديثه، الذي أكد فيه أنّ تمركز الخدمات في الخرطوم استمرار لظلم الهامش، ولن يقوم المشروع إلا بقيام مشروع موازٍ على طول ترعة (ود الكريش).
داخل الإطار:
كل بداية لها نهاية، وكل أول له آخر… عاجلاً أم آجلاً ستنتهي هذه الحرب اللعينة… فهل سنعود بذات العقلية ونفس التفكير؟؟ أم أنّ الحرب وتداعياتها ستغير هذا البردايم الجمعي.