
مصطفى عمر هاتريك
كاتب صحفي.
• العلاقات الثقافية المصرية السودانية قديمة قدم الحضارات، فالبلدين مذ أمد احتضنا أقدم حضارتين في العالم، فراعنة الشمال وكوشي أو نوبة الجنوب. وقد تبادلا الحكم في فترات متباينة، كما كانت التبادلات التجارية بين بلاد «كوش» ومصر، وما بين منطقة «كرمة» ومصر، قوامها المنافع التي كانت تستند على مبادئ السلام والمهادنة.
الأثر الثقافي هذا يظهر في تقارب اللغة المنطوقة و التقارب الفكري و الامتداد الأسري من خلال التزاوج و التصاهر، كما يبدو أكثر وضوحاً بالمشتركات الأنثروبولجية.
هنالك شخصيات سودانية صنعت أثراً في المجتمع المصري ووجدت احتفاءاً وتكريما على المستويين الشعبي والرسمي المصري، إلا أننا – و تلك عادتنا – لم نحتف بها كما ينبغي، رغم علو صيتهم وعميق أثرهم كسفراء شعبيين.
الشيخ محمد نور الحسن رحمه الله واحد من تلك النماذج، ولد الشيخ محمد بن نور بن الحسن بقرية الخوجلاب في العام 1889.
التحق الشيخ الحسن بالأزهر و هو صبي لم يتعد الرابعة عشر عمراً، و في رحاب الجامع الأزهر أخذ العلم عن عددٍ من المشايخ والعلماء.
وبعد حصوله على الشهادة العالميَّة بدرجة ممتاز عام 1923م، خرج إلى ميدان العمل، فعُيِّنَ في ربيع الأول 1342هـ، الموافق نوفمبر 1923م مدرساً بالأزهر، فتنقل بين عدة معاهد؛ حيث عُيِّنَ بمعهد أسيوط، ثُم نُقل إلى معهد الزقازيق، وتدرج في التدريس من القسم الابتدائي بالأزهر، ثم القسم الثانوي، ثُم نُقل للتدريس بالقسم العالي، وحين أنشئت الكليَّات الأزهرية بعد عام 1930م نُقل إلى كليَّة اللغة العربيَّة مدرساً بها.
وأواخر عام 1371هـ/1952م عُيِّنَ وكيلاً للأزهر وكان للأزهر، في ذاك الوقت وكيلان، وبذلك يكون أول عالم غير مصري يُعَيَّنُ في هذا المنصب، ومكث به إلى أن عُيِّنَ وكيلاً لوزارة الإرشاد القومي المصريَّة في وزارة صلاح سالم (و للعلم وزارة الإرشاد القومي حينها تعني وزارة الإعلام) .
وفي أوائل عام 1374هـ/1955م طلب إحالته إلى التقاعد وإعفاءه من أعباء المنصب، ورجع إلى التدريس بكليَّة اللغة العربيَّة إلى أواخر عام 1958؛ حيث صدر قرار جمهوري بتعيينه وكيلاً للأزهر مرة أخرى، في عهد مشيخة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر، وظلَّ في هذا المنصب إلى أوائل عام 1381هـ/1961م؛ حيث طلب إحالته إلى التقاعد؛ ليخلد إلى الراحة بسبب ضعف صحته.
وفي عام 1962م صدر قرار بتعيينه عضواً بمجمع البحوث الإسلاميَّة، الذي ظلَّ به حتى وفاته.
نقلت ما كتبت أعلاه من بوابة الأزهر الشريف الإلكترونية و للأمانة قادتني الصدفة فقط للاطلاع على سيرة هذا الشيخ المفخرة، ربما يكون الجهل بادراك عظمة الرجل مسئوليتي الشخصية إلا أنّ غياب الاحتفاء بمثله مسؤولية الدولة و ومسؤولية إعلامنا الذي لا يحتفي كثيراً بالتدقيق والتوثيق.
الشيخ محمد نور كما تقول سيرته أول وكيل غير مصري للأزهر وأول وكيل لوزارة الإعلام كذلك فأي تقدير وأي تكريم أكبر من ذلك.
و في ذات الإطار :
لماذا لا نحتفي ببعضنا؟…
بل و نحرص أحياناً أن نقلل من شأن بعضنا.
شارك المقال