
علي النعيم محمد نور أبوهالة
كاتب صحفي
• خيراً فعلت حكومة ولاية الخرطوم وهي تعلن انحسار وباء (الكوليرا) في العاصمة، وسبقتها ولاية الجزيرة التي أعلنت قفل بعض المناطق والأسواق بعد تفشي ذلك الوباء اللئيم، قبل أن تعود للتعافي بحمد الله. الشيء الذي يؤلمني حدّ (الإضحاك) في، ما العيب إن أعلنا المرض ومناطقه وطرق العلاج والوقاية منه وتجفيف مصادر انتشاره!!، نعم هناك بعض التداعيات والمردودات الإقليمية والدولية علي ذلك الإعلان ولكن بالقدر نفسه سيسهم الأمر في الدعم المالي و(اللوجستي) والفني للقضاء على وباء (الكوليرا).
نحن في مدينة ود مدني كنا نتناقل سراً معلومة (عندنا كوليرا)، ونجاهر في معصية توسعة مظلتها بانتشار النفايات في الشوارع والأسواق والأحياء وكل مكان تقع عليه عينك في المدينة، بل ظللنا نعين الوباء على الانتشار بالوضع غير الطبيعي لسوق الخضروات والفاكهة وسط المدينة وأسواقها الطرفية والسوق المركزي للخضار، حيث نشتري أكلنا ومستلزماتنا من (الفريشة)، الذين يبيعون الخضار بجوار تجمعات القمامة ومصارف المياه، في منظر يقزز الأجسام، ويتأذى منه البصر، وتنعدم فيه البصيرة.
في سوق ودمدني للخضار، عدد الذين يبيعون على المناطق المرخصة والمعدة للبيع النظيف لا يتجاوز الثلاثين شخصاً أو يقل، وهؤلاء تنطبق عليهم كل الاشتراطات الصحية والإدارية، والتي أقلها أنه يبيع فوق (طرابيز) تحترم خصوصية المشتري وظروف المباع. وبالقدر نفسه فوضى تضرب بأطنابها لأكثر من مئة بائع جائل يفترش الأرض غرب الغرفة التجارية وجنوبها، وشرق مسرح الجزيرة وجنوبه وشوارع المدينة الرئيسية، في مساحة لا تصلح للمرور بجوارها، ناهيك عن بيع الخضار فيها، ولا تنسَ أنها منطقة (هجين)، تجمع ما بين البيع و(قضاء الحاجة) في آنٍ واحد، رغم بروز عبارة (ممنوع البول يا حمار) الشهيرة.
الشيء الذي يزيدك إيلاماً، هذا الأمر على مرأى ومسمع الجهات الصحية والتنفيذية بالمدينة، وليتك تكون محظوظاً لتشاهد مسؤولي الولاية والمدينة وهم يجادلون ويفصلون في الأسعار مع (الفريشة) في نزهة تسويقية (على الأرض)، أحياناً كثيرة جداً تكون رعاية الله وحفظه هي الواقي من الوباء والمرض رحمة منه عز وجل، وتقديره لجهلنا وغبائنا وسذاجتنا وعبارة (مشي يا عم) التي أصبحت نهج كل عمل عام.
الصحة يا سادتي تاج على رؤوس الأصحاء لا نراه إلا إذا أصابنا المرض، لذلك دعونا نوجّه نداءً لجهات الاختصاص بضرورة إلزام باعة الخضار والفواكه وغيرها بتجنّب افتراش الأرض، وتنظيم الأسواق لهم بتوفير الخدمات والحمامات وغيرها، وأن تكون هناك عقوبات رادعة للمخالفين لنظم البيع والعرض.
أكتب حديثي هذا والخريف يطرق في الأبواب (مستأذناً) بالدخول (عنوة)، ولك أن تتخيل منظر المدينة وهي غارقة في مياه الأمطار وهي تلاقي (في بعض الأحيان) مياه الصرف الصحي، والباعة في وسط ذلك الزحام زي (طفلة وسط اللمة منسية).
هذه الحرب الكريهة إن لم تكن درساً وعظة لتصويب السابق وتقويم القادم، نكون خرجنا منها بخسارتين، أولاهما ماضينا وأملاكنا وأعراضنا وكل شيء ضاع. وثانيتهما (بننهي) جيلاً ينظر إلينا وباني طموحه ومستقبله وآماله علينا، والحمد لله لسسه ما قلنا (انتهينا) وأنا أردد مع كوكب الشرق أم كلثوم رداً على الكاتب العالمي (قبريال قارسيا) في رائعته الأدبية (الحب في زمن الكوليرا) بمقطع للست (حب إيه اللي جاي تقول عليه).
دمتم بألف خير..
شارك المقال