السودان … قصَة حُبّ لََمّ ترو بًعد

0
Muatasim Taj Elsir


معتصم تاج السر *


* كاتب صحفي.

في بقعة طيبة من بقاع الأرض حيث يلتقي النيل بالسماء هناك وطن لم تكتمل حكاياته بعد وحُبّ لا يزال ينساب بين أرجائهِ على الرغم من كل التحديات. 

إنه السودان تلك الأرض الطيبة التي تضم بين تضاريسها تنوعاً بشرياً وثقافياً فريداً يتوارث شعبه منذ الأزل حكايات عن الأمل والصبر والوحدة. 

لكن وبين كل هذه السطور هناك حكاية حُبّ عميقة لم تُروَ بعد …!

السودان هو ذلك المكان الذي يحمل في طياته أرواح أصيلة تمتد جذورها عبر التاريخ العميق. 

من جبال النوبة إلى ثغره الباسم ومن شماله حيث الرمال الذهبية إلى غربه الساحر.

يتنقل حُبّ السودان في قلوب أبنائه الذين عاشوا وما زالوا يعيشون معه في أفراحه وأتراحه.  لكنه، على الرغم من كل ما عايشه من أحداث وصراعات لم تنتهِ قصته بعد .. !!

بل هو في طور التكوين في قلب كل فرد يحمل في نفسه حُبّاً لا ينتهي لهذا الوطن.

إن السودان ليس مجرد وطن جغرافي على الخريطة بل هو عبارة عن روح حية تسكن كل شارع وكل قرية وكل منزل. 

إذا سرت في طرقات الخرطوم أو تجولت في شوارع مدني ولا في زالنجي ستشعر أن هناك شيئًا يربطك بهذه الأرض شيئاً غير مرئي لكنه ملموس.  هو الحُبّ الذي يولد في القلوب قبل أن يراه الإنسان بعينيه.

ولكن مثلما تردد الأجيال القصص عن ماضيها يشهد السودان اليوم تجربة جديدة من الحُبّ والتضحية حُبّ يعيد بناء الوطن بعد سنوات من التحديات وبعد عامان من حرب لعينة دمرت النفوس قبل أن تدمر مقدرات هذا الشعب.

يسطر السودان هذة الأيام قصة حب لم تُروَ بعد …!!! حُبّ تُسطره عزيمة كل سوداني قاوم وصابر واحتسب في نفسه وأهله وماله وعرضه.

حُبّ سطروه ملايين السودانيين الذين لم يفارقوا ديارهم وواجهوا الموت والمهانة والإزلال من المليشيا واعوانها وكل المتأمرين على السودان وشعبه.

حُبّ يسطره النازحين في المنافي واللاجئين في أرض الله الواسعة.

ضريبة حُبّ دفعها كل فرد في هذة الامة الصابرة المحتسبة فداءاً لهذا الوطن لقد فقدوا الكثير فقدوا أرواحهم وأرواح اعزاء لديهم داخل وخارج الوطن كم من روح فقدت وقُبِرت في مقابر بلبيس و ٦ أكتوبر وعين شمس وغيرها حول العالم ضمت أرواحاً غالية كان غاية مُناها شبر قبر في وطنها السودان.

التضحيات عظيمة والمصاب جلل ولكننا أمة قادرة على النهوض من هذة التحديات.

ملاحم اخرى وقصص من التضحيات تسطر من دماء أبنائه الأوفياء وتضحياتهم العظيمة التي تغفو تحت ظلال التاريخ. 

 من أجله لم يبخل عليه أبناؤه بشيء وقدموا أرواحهم فداءً لترابه المقدس شيباً وشباباً في القوات المسلحة السودانية الباسلة وكل الجنود المجهولين في كل القوات النظامية الأخرى وشبابه المتطوعين الذين حملوا السلاح بيد وحلم الوطن باليد الأخرى. 

هؤلاء الرجال الحقيقيون الذين نذروا حياتهم للدفاع عن الأرض والعِرض وحاربوا في صمت ورحلوا في صمت تاركين خلفهم إرثاً خالداً من الشجاعة والوفاء.

هؤلاء هم جنود الوطن الأوفياء الذين ليس لهم مأرب أو مغنم غير التضحية والفداء وصون العرض وتطهير الأرض. 

لا يحاربون تحت أي أيديولوجيات ولا ينتمون لأي أحزاب أو جماعات فقط من أجل هذا الوطن ولا يبتغون غير واجبهم الذي أقسموا عليه.

هؤلاء فقط هم جيشنا وقواتنا وتاج فخرنا وحصن عزتنا الذي لن ينهار.

سوف نحتفل بتحرير الخرطوم وكل أجزاء الوطن من وسطه إلى غربه. 

لكن يجب أن نتحرر أيضاً من التبعية والرجعية وأن نسعى إلى بناء سودان جديد شامخ وعظيم. 

نحن أرض عزة ومهابة نحن أهل كرم وبسالة ونحن أهل خيرات لا تُحصى ولا تُعد. 

لا نحتاج لأحد فقط نحتاج للسلام والأمان والحرية والحقوق والقانون. 

نحتاج للمحبة ونبذ العنصرية والقبلية والفتنة.

إن أهم فصول حكاية السودان هي أن نسطر المصالحة المجتمعية القاعدية الشاملة.

هذه المصالحة ليست دعوة للإفلات من العقاب بل هي دعوة لتطبيق العدالة بكل حزم وإنصاف.

ومحاسبة كل من أجرم في حق هذا الوطن أو في حق أبنائه.

لكنها في ذات الوقت دعوة للسمو فوق الجراحات والإختلافات من أجل مصلحة السودان. 

إنها دعوة لنشر روح التسامح التي عرفها شعب السودان عبر الأجيال والعمل معاً لتضميد الجراح ورأب الصدوع لأن البناء الحقيقي لا يبدأ إلا عندما تتصافى النفوس وتتحد القلوب على حُبّ الوطن.

إنها دعوة لنسلك معاً طريقاً ثالثاً هو طريق المحبة والسلام يختلف هذا الطريق عن أي طريق آخر فهو طريق حُبّ الشعب لوطنه رغم ما يمر به من صعاب. 

هذا الحُبّ هو الذي يجعل الجميع يلتفون حول مبادئ الوحدة والتماسك ويجمعهم على أمل مشترك في غد أفضل.

لكن حكاية الحُبّ هذه لم تكتمل بعد ولا بد لها من فصول جديدة تُكتب بيد كل مواطن وكل شخص يؤمن بأن هذه الأرض تستحق أفضل ما يمكن أن نقدمه. 

لم تُروَ حكاية السودان بالكامل ولا تزال هناك فصول لم تُكتب بعد إنها فصول من الأمل من التغيير من النضال الذي ينبض به قلب كل سوداني مخلص.

السودان قادم لا محالة منتصراً أبياً.

لكن لن تكتمل الحكاية حتى نعيد بناء الوطن بكل ما يملكه من طاقات وإمكانات. 

حتى نحتفل بكل فوز صغير كما نحتفل بالانتصارات الكبرى. 

لأن حُبّ السودان هو في النهاية ليس مجرد كلمات بل هو أفعال هو العمل المشترك بين الجميع من أجل بناء مجتمع يليق بتاريخه ومستقبله.

السودان … حكاية حُبّ لم تُروَ بعد …!!!

لكننا نكتب فصولها مع كل لحظة وكل خطوة نحو التقدم بالمحبة والسلام.

سوف تشرق صباحاتك يا وطن ….

بكرة يانع وبكرة أخضر 

بكرة أبهى وبكره أجمل 

بكرة بتزول المواجع 

وتشرق أرواحنا وتفرهد 

ويرحل الحزن الطوانا 

وينجبر لقلوبنا خاطر

محبتي والسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *