معتصم تاج السر

معتصم تاج السر

كاتب صحفي

• في أرض النيلين حيث تمتزج أرواح القلوب بماء النيل صفاءاً وعُذوبةً يسكن شعبٌ امتلأت قلوبه حباً وعشقاً لسيد الأنام النبي العدنان  صلى الله عليه وسلم. 

يحب السودانيون رسول الله  صلى الله عليه وسلم حباً يسري في دمائهم حُبّ العاشق الولهان الذي لا يرى في الدنيا جمالاً يضاهي ذكره  صلى الله عليه وسلم ولا في القلوب سكناً غير شوقه  صلى الله عليه وسلم.

يمدحونه بقلوب خاشعة تذوب في حلاوة اسمه وصفاته وتنتشي بسيرته العطرة. 

في ليالي المديح تتراقص الأرواح بين نغمات الشوق وتتعانق القلوب في حضرة المحبوب وكأن الكون بأسره يردد: 

«يا سيد السادات يا نور الحياة».

في كل بيت سوداني يتردد ذكره العطر وفي كل محفلٍ يصدحون بالصلاة والسلام عليه وكأنها أنفاسهم التي لا تنقطع. 

كيف لا وهم الذين ورثوا هذا العشق جيلاً بعد جيل فأصبح حُبّ المصطفى  صلى الله عليه وسلم في دمائهم يضيء لياليهم كما يضيء القمر ظلمة الصحراء. 

وحين ينشدون مديحه لا يكون ذلك مجرد كلمات بل هي قلوب تخفق وأرواح تذوب ولسان حالهم يقول: 

«يا سيدي يا رسول الله ما أحبّك قلب إلا أزهرت أيامه وما ذكرك لسان إلا أشرق نوره في الظلام.»

في أفق هذا العشق الروحي حيث تسمو الأرواح وتترنم القلوب بمدائح المصطفى  صلى الله عليه وسلم نجد في كلمات الشيخ المحب الراوي ود تميم (له الرحمة) نفحات من النور تمتزج بنغمات الحُبّ النبوي فتنبعث كهمس النسيم في ليلٍ هادئ يتسلل إلى القلوب فيحييها ويمسح عنها غبار الدنيا.

حين يقول في قصيدته:

طه

مخصوص بالزعامة 

يا النبي الحاز الكرامة

ربي ندعوك السلامة

الفتوح والإستقامة

ذاتي أشفيها وزيل سقاما

عَلّي في الدارين مقاما

«طه مخصوص بالزعامة»

يسري اسمه  صلى الله عليه وسلم كالعطر في القلوب فإذا نطقته الأرواح فاح الحُبّ وسجد الشوق.

في هذه الكلمات تختزل الحقيقة الكبرى فسيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم هو سيد القادة إمام الأنبياء ورائد الإنسانية إلى معارج الكمال. 

لم تكن زعامته زعامة سلطة أو جاه بل زعامة رحمة وهداية

قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.

وله الزعامة زعامة قلوبٍ دانت له حباً وعشقاً قبل أن تخضع له طاعةً ..!

فهو الذي آسر القلوب بصفاته وكماله قبل أن يفتح البلاد بنصر ربه وتأييده.

«يا النبي الحاز الكرامة»

ما أكرمه الله به لا يُعد ولا يُحصى فهو صفوة الخلق وأكرمهم عند الله جاء بالهدى والنور ليضيء دروب البشرية فحاز كرامة لا يدانيها مقام ورفع الله له الذكر لقول تعالى :  ورفعنا لك ذكرك.

فصار اسمه مقروناً بإسمه جل في عُلاه.

«ربي ندعوك السلامة الفتوح والاستقامة»

وهنا لا ينسى الشيخ ود تميم أن يمزج المدحة بالدعاء

فتتحول الكلمات إلى رجاء صادق ينبعث من قلب عامر بالإيمان متطلعٍ إلى الفتح القريب من الله إلى السكينة التي تُغشى القلوب وإلى الاستقامة على طريق الحق والخير التي ترفع الإنسان إلى مدارج الصفاء الروحي.

«ذاتي أشفيها وزيل سقاما علي في الدارين مقامها»

وهنا قمة الرجاء من الشيخ ود تميم حين يتوسل إلى الله بأن يشفي ذاته ليس فقط من أمراض الجسد بل من سقام الروح من أدران المعاصي في القلوب ومن ظلمة البعد فالعارفين يخافون أمراض الروح فهي المهلكة للقبول و محبطة للعمل فلا قبول إلا بصدق النية وصفاء القلب.

يدرك ان بشفاء الذات من أمراضها الظاهرة والباطنة يكون له في الدارين مقامٌ كريم تحت ظلال الرحمة في حضرة الحبيب سيدي رسول الله  صلى الله عليه وسلم.

كلمات ود تميم هي نفحات من نورٍ تسري في وجدان كل من سمعها تهز المشاعر وتروي ظمأ العشق النبوي كأنها جداول من ماءٍ زلالٍ تنساب بين القلوب العطشى فتُحييها وتبعث فيها الشوق إلى المدينة المنورة بسيد الخلق اجمعين  صلى الله عليه وسلم وإلى حيث الروضة إلى حيث السلام والسكينة حيث النور الذي لا ينطفئ والحُبّ الذي لا يزول.

وُلِد الشيخ ود تميم في العام 1815م في الجزيرة في قرية ود سعد وهو من الجعليين العالياب.

وقد أشتهر ببلاغته الفريدة وحسه الروحي العميق حتى لُقِّب بـ «باشة المداح» لما أضفاه على المدائح من جلالٍ ووقار وما سكبه من عاطفة صادقة تُشعل جذوة المحبة في القلوب وترفع الأرواح إلى مقامات العشق النبوي الخالص.

تبقى محبة السودانيين لرسول الله صلى الله عليه وسلم نبعاً لا ينضب تفيض به قلوبهم وتزدان به مجالسهم مدحاً وشوقاً وسيراً على خطاه  صلى الله عليه وسلم.

اللهم إنا نسألك لأهل السودان السلامة والكرامة والفتوح والاستقامة. 

اللهم اشفِ جراحهم وداوِ سقامهم وأزل عنهم كل همٍّ وغم وبدِّل حالهم إلى أحسن حال.

اللهم اجمع شملهم ووحِّد صفهم وألِّف بين قلوبهم وأبعد عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطن. 

اللهم ارزقهم من الخيرات ما تقر به أعينهم وأنشر عليهم رحماتك وبركاتك وأعد إليه أمنهم واستقرارهم

اللهم أحفظ أرض السودان وبارك في زرعه وضرعه وأكرم أهله بالرخاء والعطاء وأجعله منارةً للخير والنور وسخِّر له من أبنائه من يقودونه بالحكمة والعدل إلى دروب العزة والازدهار.

اللهم نصرك الذي وعدت

لشعبهِ وقواتهِ 

اللهم سدد رميهم وأهلك عدوهم وطهر البلاد من دنس المعتدين.

واكتب لهم مستقبلاً يليق بعزتهم وكرامتهم.

اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم . 

آمين

عيد سعيد وبخيت

كل عام وأنتم بألف خير.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *