السعودية منصَّة عالمية للحوار والسلام

65
نجيب يماني

نجيب عصام يماني

كاتب صحفي سعودي

• في مرحلة تاريخية حرجة، تتجه فيها الأنظار إلى مراكز القوى الناشئة والقادرة على إحداث التوازن في عالم يموج بالصراعات والتحديات، تبرز المملكة العربية السعودية كلاعب محوري جديد، يجمع بين ثقل الجغرافيا، وقوة الاقتصاد، ورؤية مستقبلية شجاعة، جعلت منها ليس فقط قوة إقليمية مؤثرة، بل منصة عالمية للحوار السياسي، والنهضة الرياضية، والتبادل الثقافي بين شعوب الأرض.

الرياض… عاصمة الحوار في عالمٍ مضطرب

في ظل الانقسام العالمي الحاد بين الغرب والشرق، واحتدام الحرب الروسية الأوكرانية، وتزايد التوترات بين الصين وأمريكا، وانفجار الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقف السعودية اليوم كواحة للاستقرار، وحاضنة للحوار، ووسيط مقبول لدى جميع الأطراف المتنازعة. لقد أصبحت الرياض وجهة محورية للمفاوضات، تستضيف الوفود من واشنطن وموسكو، وتفتح أبوابها لكل من يبحث عن تسوية سلمية أو مخرج سياسي.

الدور السعودي في الوساطة، سواء في الملف السوداني، أو التقريب بين إيران ودول الخليج، أو حتى في الحوار مع الصين وروسيا، يعكس نضجاً سياسياً غير مسبوق، يوازيه حضور دبلوماسي متوازن يقوم على احترام السيادة، وعدم التدخل، وبناء جسور الثقة لا الجدران.

من الرياضة إلى الدبلوماسية الناعمة: رؤية تتجسّد

لا يمكن قراءة التحول السعودي بدون الإشارة إلى النقلة النوعية في توظيف القوة الناعمة. فالمملكة لم تعد بلداً مغلقاً، بل باتت مسرحاً عالمياً لبطولات «الفورمولا 1»، ومباريات «السوبر الأوروبي»، والتعاقدات مع أشهر نجوم كرة القدم العالمية. وهذه ليست مجرد فعاليات ترفيهية، بل أدوات استراتيجية لربط الشعوب، وتهدئة النفوس، وإعادة تعريف السعودية كدولة حيوية وشابة ومتفائلة بالمستقبل.

الرياضة، كما تثبت التجربة السعودية، ليست هدفاً في حد ذاتها، بل وسيلة لصناعة السلام، وتخفيف الاحتقان، وكسر الحواجز النفسية بين الثقافات المتباعدة.

النهضة الثقافية من الصحارى إلى المنصات العالمية

أما على المستوى الثقافي، فإن المشهد السعودي يشهد ثورة غير مسبوقة في الإنتاج الفني، والمسرحي، والموسيقي، ومعارض الكتاب، وصناعة السينما. إنها صحوة ثقافية تعكس غنى المجتمع وتنوعه، وتعيد سرد الحكاية السعودية من منظور جديد، بعيداً عن الصور النمطية التي سادت لعقود.

برنامج «رؤية 2030» الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لم يكن مجرد خطة اقتصادية، بل مشروع حضاري شامل، أعاد تموضع السعودية كقوة ناعمة فاعلة في الساحة الدولية، قادرة على تصدير القيم الإنسانية، ومبادئ التعايش، واحترام التعدد الثقافي والديني.

دور عالمي ينتظره العالم

في ظل عجز القوى التقليدية عن إطفاء الحرائق السياسية، وفشل الأمم المتحدة أحياناً في فرض حلول دائمة للنزاعات، تبرز الحاجة إلى دول جديدة تتحلى بالشجاعة والمرونة، للقيام بدور الوسيط النزيه، والمبادر الحكيم. والسعودية اليوم، بحكم ثقلها الإسلامي، وعلاقاتها المتوازنة شرقاً وغرباً، هي الأنسب لهذا الدور.

هي ليست طرفاً في صراعات كبرى، لكنها طرف موثوق به من جميع المتخاصمين. وهي ليست قوة استعمارية، بل دولة ذات رؤية تنموية تقودها إلى المستقبل لا إلى الماضي. ولهذا فإن دعوتها لاحتضان طاولة مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، أو بين أطراف الصراع في غزة والسودان واليمن، ستكون موضع ترحيب عالمي.

الرياض مدينة السلام… العالم الجديد

العالم يبحث عن مدينة ترمز للأمل والتوازن والحياد الذكي، بعد أن تعبت العواصم التقليدية من عناء الصراع والاستقطاب. والرياض، بكل تحولاتها العميقة، وثقة قيادتها، وانفتاح مجتمعها، تصلح لأن تكون عاصمة للسلام، ومنصة للحوار الحضاري والسياسي، مركزاً دولياً لصياغة ملامح العالم الجديد.

فهل آن الأوان لأن يُدرك العالم أن السعودية الجديدة، برؤيتها، وقدراتها، وتاريخها، هي الشريك الأمثل في صناعة المستقبل؟

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *