السرد التاريخي: العودة إلى المنبع (2-2)

101
ليلى أبوالعلا

رواية ليلى أبوالعلا .. روح النهر العتيق

Picture of عامر محمد أحمد حسين

عامر محمد أحمد حسين

• رسمت الرواية الاقدار الشخصية لأبطال كانت بصمتهم في التاريخ مغيبة وهم صناع للحدث ، لبسوا المرقع وهاجروا وقاتلوا وقتلوا ، كل ساحة السرد هي ساحة توثيق لحيواتهم آمالهم احلامهم كوابيسهم ، فرحهم وحزنهم ، ولعل من نافلة القول التذكير بموهبة الكاتبة وعلمها بالسرد واطلاعها الواسع على التاريخ المهدوي – القراءات التي تظهر آثارها في الكتب هنا غائبة فلاتعطيك اي احساس بانها تكتب في تاريخ وإنما خيال بديع يستلهم التاريخ وان لاصلة مباشرة بين تواريخ قادة المهدية الخليفة عبدالله والزاكي طمل وحمدان ابوعنجة والنجومي والبطل الاول الامام المهدي وشخصيات الرواية وإطارهم الاجتماعي والمعرفي / المكاني.تكتشف لنا ابوالعلا تاريخهم وحياتهم دون تدخل او إنحياز او تغول من اجل إظهار ياسين وحجب حبيبته وحلمه وهو من حاز العلم وعمل بالتجارة وهاجر وقاتل وحارب حروبه الخاصة.تمثل دولة المهدية حالة خاصة في التاريخ الإسلامي ومعها لابد من ظهور الحركة السنوسية وحركة عرابي مع اختلاف الجغرافية السياسية والديموغرافية والمكان الثقافي وتأثيره الكبير في القراءة لكل مايربط حركة التاريخ في ثمانينيات القرن التاسع عشر  ١٨٨١م- ١٨٩٨م.اجمع اهل العلم عن حالة جذب صوفي لقائد الثورة ولكن الجذب لايتوافق مع الدهاء والمكر وقيام دولة وقيادة حروب..

شخوص ..

بتتبع حركة السرد في رواية روح النهر العتيق تجده  يرتبط لخط السير تاريخ الفترة  مع الشخوص / الشخصيات – وفي التعريف: «الشخصية في الرواية: هي العنصر الأساسي الذي يحرك الأحداث ويوجه القارئ، فهي تمثل الأفراد الذين يقومون بالأفعال ويتفاعلون مع الأحداث داخل القصة ، تُعرف الشخصية أيضًا بأنها مجموعة الصفات والسمات التي تميز شخصًا ما وتجعله فريدًا، سواء كانت هذه الصفات جسدية أو نفسية أو اجتماعية «   وبالنظر الى مجموعات الصفات والسمات التي تميز ياسين ، نجدها قوة الشخصية ، الوضوح ، عدم الخوف ، طلب العلم ، التواضع ، العناد- اي صفة هي عنوانه في المكان والزمان – اي موقع وزمن الحدث 

عناوين..

حفلت رواية روح النهر العتيق، بكثير عناوين لفصول وابواب مع عناوين داخل النص ، وهي مفتاح مهم يجيده من يعرفون السرد علماً يجب معرفته حق المعرفة ، ويعطون القارىء مفتاح الحدث والمكان والشخصية ،وهو مفتاح ذكي للدخول إلى عوالم السرد الروائي وهنا يتجسد في التخييل السردي التاريخي « اكواني – ملكال ١٨٧٧م – ياسين القاهرة مايو ١٨٨١م .موسى – الابيض – ١٨٨٠- ١٨٨١م .اكواني / زمزم – الابيض ١٨٧٩- ١٨٨١م – موسى جزيرة ابا جبل قدير اغسطس ١٨٨١- فاطمة – الخرطوم سبتمبر ١٨٨١م – روبرت – الخرطوم فبراير ١٨٨١م – فبراير ١٨٨٢م.زمزم – الابيض سبتمبر ١٨٨٢م – يناير ١٨٨٣م – ياسين الابيض يناير ١٨٨٣م .زمزم ، الابيض ، يناير ١٨٨٣م – فاطمة الخرطوم نوفمبر ١٨٨٣م – ياسين الخرطوم – يناير ١٨٨٤م موسى الابيض – مارس ١٨٨٤م – زمزم ، الخرطوم – مايو ١٨٨٤م – روبرت الخرطوم – يونيو ١٨٨٤م – تشارلز ، الخرطوم – مارس ١٨٨٤- نوفمبر ١٨٨٤م – ياسين الخرطوم – سبتمبر ١٨٨٤م – زمزم ، الخرطوم – يونيو – نوفمبر ١٨٨٤م – موسى ، جنوب امدرمان – ديسمبر ١٨٨٤م – يناير ١٨٨٥م – ياسين الخرطوم ٢٦ يناير ١٨٨٥م – زمزم الخرطوم ٢٦ يناير ١٨٨٥م- صالحة امدرمان ، اغسطس ١٨٨٥م – كريستينا – ادنبرا ، سبتمبر ١٨٩٨م ؛صالحة امدرمان ، سبتمبر ١٨٩٨م…كل عنوان من عناوين الرواية يمثل عتبة نصية بمعنى «العتبات النصية (Paratextes) هي العناصر التي تحيط بالنص الأدبي وتساهم في تقديمه للقارئ وتشكيل استقباله له. بمعنى آخر، هي كل ما يحيط بالنص من الخارج، مثل العنوان، المقدمة، الإهداء، اسم المؤلف، تصميم الغلاف، الهوامش،» انتقال الشخصية من مكان إلى آخر مرتبط إما بقيود لمن هو في قيد ( الرق الاسترقاق ) او قيد البحث عن الحبيبة الضائعة ( قيد العشق ) او قيد الانتماء ( حصار الابيض – حصار الخرطوم – حصار النفس وتبديل الامكنة ) هذه الحصارات ومساراتها جعلت من كل ابطال الرواية – شخصية محورية ، لذلك يصعب تقديم ياسين وتاخير زمزم وتقديم موسى وتجاهل روبرت . إذا لملمنا التفاصيل  الصغيرة  في الذهن القارىء ، كل جزء منها هو قنديل لصورة سردية تمثل لوحة كتبت بمهارة ساردة قادرة على فرز الالوان والتقاط كل حركة نفس او ركض في صحراء ، او خوف قاتل يتربص او كراهية قيد في « ارجل شقية بالزمن واهله « او حظ عاثر يقود الى يد نخاس ماكر او زوج اخت خائن امانة ..

زمزم ..

تقول عنها الكاتبة ليلى ابوالعلا: « وكنت قد عثرت على زمزم في أرشيف السودان بجامعة درم مذكورة في سند بيع وفي عريضة تتعلق بمسترقة هاربة سرقت قطعة ملابس من « سيدتها «  يقول الدكتور عبدالملك مرتاض في كتابه «  في نظريةالرواية – بحث في تقنيات السرد « إن الشخصية هي التي  تكون واسطة العقد بين جميع المشكلات الاخرى حيث تصطنع المناجاة وهي التي تصف معظم المناظر « إذا كانت الرواية رفيعة المستوى من حيث تقنياتها « فإن الوصف نفسه لايتدخل فيه الكاتب بل يترك لإحدى شخصياته إنجازه ، التي تستهويها وهي التي تنجز الحدث ، وهي التي  تنهض بعد تضريم الصراع او تنشيطه من خلال سلوكها وعواطفها ، وهي التي تقع عليها المصائب اوتشتار النتائج  ، وهي التي تتحمل كل النتائج ، وهي التي تتحمل كل العقد والشرور وانواع الحقد واللؤم فتنوء بها ولاتشكو منها ، وهي التي تعمر المكان ، وهي التي تملأ الوجود صياحاً وضجيجاً وحركته وعجيجا ، وهي التي تتفاعل مع الزمن فتمنحه معنى جديدا ، وهي التي تتكيف مع التعامل مع هذا الزمن في اهم اطرافه الثلاثة:  الماضي  والكاضر والمستقبل – ص ٩١»2 وتلتقى كل هذه التفاصيل مع شخصية ياسين ، وصراع فك القيد وحرب احاطت به .حربان على جبهة واحدة ، هي الحياة الرافضة للقيد والباحثة عن طريق خلاص.» دفن ياسين جثة والدهما ، صارت اكواني وبول تحت مسؤوليته الآن – سياخذهما معه ويعود بهما للخرطوم – في جسدها عاصفة ما مازالت تنتحب ، ويبدأ المسير ، كان ياسين قد فقد جماله بالطبع ، وبضاعته ، لم يبق غير حمار واحد ركبوا عليه جميعاً وبداوا سيرهم ، لم تحتج عمة ممن بقى او خالة على احقية ياسين في اخذ الطفلين ، هو رجل بالغ ينقد يتمين ، ام انهما تعويض بشرى عن خسارته المادية ؟يبدو انه يعرف مايفعله تمام المعرفة  – ص ٢٤- ٢٥ « « وبعد مرور اسبوعين، وقد هداتها وتيرة الرحلة ، بدات تلاحظ ملامح حياتها الجديدة ، وعند مغيب كل يوم يبدا التاجر في العثور على مكان مناسب يقضون فيه الليل – ص ٢٧- رواية روح النهر العتيق «  مذه الرحلة الطويلة للبطلة اكوابي / زمزم – تحدد لنا الراوية ، مكوناتها من مكان متنقل او رمال متحركة الى الابيض ، المكون الثقافي والاجتماعي في ظل حالة الحرب الحصار وماقبله ، خليط من اجناس في تلك الفترة – التركية السابقة – وألمهدية ، الرق وابعاده الاجتماعية ومجتمعات هشة تعيش على الصراع من اجل الحياة – « كانت في السوق عندما راتها زوجة مدير المديرية كانت تحادث البقر كما كانت تفعل دوماً كلما ارسلت إلى السوق وكانت الابقار في السوق هزيلات مهلهلات ، وكان بعضهن يستخدم في الأعمال المرهقة ، فتعصب اعينهن، ويجبرن على المشي طوال اليوم في دوائر لسحب المياة من الجداول والاحواض المائية  – صارت اكواني هي خادمة نازلي هانم الخاصة .كانت زوجة مدير المديرية تحس بالملل الشديد وتحن إلى وطنها الام  – ص ٧٠- ٧١ – روح النهر العتيق « ..رحلة اكواني ، هي مساحة واسعة من الحرية الى سلب الحرية والمقاومة واستحمال كل ضغط مع بقاء الحلم والسعي من اجله» 

ياسين ..

« انا الآن سجين المتمهدي مقيد السلاسل حتى اقسم يمين الولاء له ، لم يكن في مقدوري حمايتها لم انقذها ، وطوال الليل نظل محبوسين في زنزانة مقيدي الارجل والايدي ، وتفك اغلالنا عند الفجر ، ونخرج إلى ساحة السجن في الهواء الطلق – وهناك تحت إشراف الحراس نجمع الصخور من اجل ردم الآبار المحيطة بالمدينة ، وكانوا يواجهون اقل قدر من المقاومة او الاحتجاج من المساجين بالضربات الموجعة – ص ١٦٥ – روح النهر العتيق «  …» هناك وقت قبل ان تعلم زمزم بان ياسين قد تزوج ، وهناك وقت بعد ان عرفت بدلك – ص ١٣٦ – روح النهر العتيق « ..» اكمل الآن دراستي في واحدة من ابرز الجامعات الازهر ، نحن مجموعة من طلبة سودانيين ، مثل صديقي العزيز إسماعيل، وثمة كثيرين من ذوي البشرة  السمراءمن موريتانيا والسنغال ومن ارض المجاهد عثمان دان فوديو وثمة طلاب قدموا من الهند والصين ايضا نعم الصين ومن جزر ابعد منها – ياسين القاهرة مايو ١٨٨١ – ص ٤٠ – « حين يعلن القمر انقضاء شهر في الاسر،  أجر لأقابل الرجل بشحمه ولحمه ، وكان قد نصب مسؤولاً عاماً عن كل المنطقة ، وهي اكبر وظيفة في سلم السلطة – رميت تحت قدمي المهدي – لا – لن اسمية المهدي ابداً حتى وإن كان هو الآن كذلك-؛ انظر إلى يدي والاحظ انها قذرة انظر إليها ، واحسب أني سافقدها مثلما فقدت فتاتي التي لم استطع حمايتها ، ماتملكه يمني ، تملكه بحق ، يصيح به محمد احمد وهو يرفع يده تجاه موسى : « لا ، اتركه» 

ويتقدم نحوي ويقول لي « اعطني يدك»  – ص ١٦٦- ١٦٨ – روح النهر العتيق «

يد السلطة…

الفن وظيفته الاساسية ان يقف ضد الاستبداد ومحو الآخر الذي هو اساس احساسك بحريتك ، بالغوص في روح النهر العتيق ، تجدها تماماً معبرة عن الفن وجمالية السرد والقصص الهادفة إلى تعميق الحرية والعلم في مقابل الظلم والقهر، اي شخصية في الرواية تستحق ان تدرس دراسة خاصة وقراءة تحولاتها وتنقلاتها ، حزنها وجروح الروح في مقابل التوق الى غد افضل وهي ترى القيود والسلاسل والعنف والقتل والتشريد والتهجير من بقعة إلى اخرى ومن دار الى دار ومن مدينة الى مدينة ومن حياة إلى موت – حضور وغياب- قد ينظر القارىء إلى رواية ليلى ابوالعلا باعتبارها نصاً سردياً مكتملاً في البناء السردي واللغة وتاريخ كل شخصية ضمن تاريخ كبير له ملامحه الواضحة ، إلا كل ذلك قد يخفي تماسك الخطاب ورحابة الفكرة في مقابل الكتابة السردية التاريخية المنحازة والرافضة وكلاهما يقعان ضمن التأثير الايديولوجي على الكتابة وبالتالي الضغط على القراء للقبول بذلك وهذا ضد الخيال والواقع وضد كل ماهو صحيح وجميل في كتابة سردية تستلهم التاريخ او تقوم عليه في البناء والخطاب :.»يهدف الخطاب السردي إلى إيصال رسالة أو فكرة معينة للقارئ أو المستمع من خلال تسلسل الأحداث وتطورها « ..

روبرت..الخرطوم – يونيو ١٨٨٤م

« امسك باللوحة الممزقة ، كانت هي اللوحة الوحيدة التي رسمها هنا بالألوان الزيتية ، اصغر من لوحاته الأخرى ، غير انها قد تكون افضلهن على الإطلاق – ص ٢٥٤- «  روح النهر العتيق « « ومرت اسابيع قبل ان يتمكن من الإمساك مجدداً بالفرشاة ، وشرع في رسم موضوع شكل له دائماً تحدياً خاصاً : السوق الصاخب ، بعيدا عن النهر ، وعن المراكب ، وعن الفتاة – ص ٢٥٦-  روح النهر العتيق»..حالة تحت الحصار وفي انتظار سفينة النجاة – الخروج من المدينة ولكن يوجد السوق ( الصاخب ) دليل على الحياة ، وبعيدا عن النهر والمراكب كعنوانان يرسمان في الخيال خيوط مغلفة بالحزن والبعاد : هَجْر وافْتِراق.، جراء واقع مازوم وحصار وجدالات عن بعثة للإنقاذ ، يمثل روبرت في الضفة الاخرى للاحداث ، الفنان والمغامرة وفتاة : « قلت لي بان اللوحة التي مزقتها تساوي اكثر من ثمني « اغضبه انها اثارت الامر وانها تجرات على تذكيره به ، وكانها غير نادمة على مافعلت ، نعم لقد قال ذلك ليؤكد لها قيمة ماخربيته – قالت متعجلة : « لقد قمت بإرسال لوحات غير هذه ….الكثير من اللوحات ، إذن فقد كسبت حريتي – ص ٢٥٧- ٢٥٨ – روح النهر العتيق « اختبار  الحوار بين رسام وفتاة لاتملك حرية الرفض وإنما تملك حرية تمزيق اللوحة والسخرية من سعرها في لندن اي سعر اللوحة في مقابل سعرها بلحمها ودمها- القياس هنا يمثل مساحة واسعة للسؤال عن قيمة  اللوحة وقيمة الفتاة عند روبرت ساعة غضبه اي ساعة ردة فعل حقيقية وسخرية الفتاة بانه بماوجده من مال عند رسمها وبيع اللوحات بانها تستحق الحرية الكاملة ..» كريستينا – ادنبرا  سبتمبر ١٨٩٨م – حملت الحزمة إلى المكتبة ، حيث اوقدت الخادمة النار وضغطت اصابعها على حواف صلبة مستطيلة تحت طبقات القماش ، وقد.يكون هذا ماتبحث عنه ، بعض لوحات والدها التي أغفلت ، كانت وفاته وهو في اوج وفي ذروة قوته الإبداعية ، قد.اثارت اهتماماً متزايداً بعظله ، صالة عرض في غلاسكو تحضر لمعرض ، وسأل مالك الصالة كريستينا عما إذا كانت  هناك المزيد من اللوحات ص ٣٥٣ – روح النهر العتيق « « زمزم – الخرطوم  ٢٦ يناير ١٨٨٥م « قرع على الباب ، قرع وكان الذي يقرع الباب يطلب الإذن بالدخول ، وسمعت صوت رجل يقولة: « ياناس البيت لقد اصيب الشيخ ياسين ، اندفعت نحو الباب ، ولكنها ترددت ، تكرر الطرق بإلحاح  اكثر هذه المرة – وعندما فتحت الباب ، وجدته مسنوداً برجلين من المقاتلين ، بالكاد يقف على رجليه ، ملابسه مدماة وهو يئن من شدة الالم  – تولت زمزم وإسماعيل تطبيب جرح ياسين .وفي صبيحة اليوم التالي كان ياسين ضعيفاً ولكنه كان صافي الذهن ويستطيع الاكل والكلام – سالها عن صالحة واخبرته بالقليل الذي تعرفه – كانت صالحة وبقية النساء في بيت الشيخ الامين قد اخذن إلى امدرمان ووزعن على الأسر هناك حيث يلقين الرعاية اللازمة – ص ٣٢٤ ٣٢٥ – روح النهر العتيق « التقديم والتاخير في احداث الرواية هو جزء من كشف المصائر : المآل الذي يؤول إليه الشخص – الامواج المتلاطمة قد تتيح في حالة البحث عن ضائع  النظر في حركة كل موجة دون التثبت من موجة متقدمة واخرى متأخرة إذ المهم نتيجة ذلك « صالحة  ام دىمان ، سبتمبر ١٨٩٨» تقبلي خالص عزائي ياعزيزتي زمزم – كان الوضع فظيعاً ، لم يرغب  في الذهاب لقتال العدو ، ولم يكن وحده وطاف رجال الخليفة على بيوت الناس – روح النهر العتيق ص ٣٦٠» لاتوجد نهاية لمثل هذا النص البديع ، تكتبها للقارىء وتقول بان الامر إنتهى باستعمار جديد وهو ماتم تثبيته في متن الرواية وأن هامش القراءة يقول بان النهاية مفتوحة على تاريخ يبدا عند قدوم محنة جديدة وتستمر لمدة ٥٨ عاماً .. « نصحت بان ابقى متفائلة ستتحسن الأمور  إن شاء الله  – سيعود الامن وسيعاد بناء الخرطوم ، اتطلع بشوق ليوم اكتب فيه لرستم واطلب منه المجيء – روح النهر العتيق – ص ٣٦١» مااشبه الليلة بالبارحة – ١/ اغسطس ٢٠٢٥م…

مستخلص..

–  من افضل الروايات التي كتبت عن فترة زمنية لاتزال حاضرة في الذاكرة السودانية مرتبطة بحركة عنف وكذلك ثورة وافكار وجدت من قرأها فكريا ومابين حركة تحرر وحركة سلطة وهدم لقديم دون ان يتم بناء لجديد ، يظل السؤال مطروحاً عن المهدية.

– استفادت الكاتبة استفادة كبيرة من مدارس نقدية ومعرفية في تتبع حركة التابع المهمل في درجة تمرده بالكلام في مقابل الصمت واستطاعت ان تبرز كل الابعاد الإنسانية والاجتماعية لمن كانوا في حالة زمزم وياسين وإسماعيل وحتى روبرت في مواجهة الواقع وتصدعات الحياة .

– هذه الرواية باصواتها المتعددة وجماعية الحركة لمن هم على مسرح الحدث والمكان الثقافي والاجتماعي وامتحان الإنسانية في ظل معطيات المرحلة التاريخية ، رسمت بطولة جماعية تتفاوت درجة الحضور بدرجة الخطر وكيفية الحفاظ على الحياة.

– من يرى كتابة الرواية السردية التاريخية يمكن كتابتها بسهولة لتوفر المادة التاريخية ، عليه بمراجعة رايه وان ينظر إلى ان من شان ذلك ان يبعثر اوراقه وتوفر مادة العمل امام ناظريه والامر خيال وتخييل مع فكرة وتخطيط ، إن كان في ذلك سهولة..اكتب وسنقرا ؟ لك..الامر اكثر صعوبة ومعرفة التاريخ ،درجة اولية  في عتبة الكتابة وعليك ببناء بقية الدرجات حتى تكتمل هندسة النص..

* المراجع : 

1/رواية روح النهر العتيق – ليلى ابوالعلا – ترجمة : بدرالدين حامد الهاشمي – مراجعة خالد فرح  – دار المصورات للنشر والطباعة  والتوزيع 2024م.

2/ في نظرية الرواية – بحث في تقنيات السرد – عبدالملك مرتاض – ص ٩٠- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت – ديسمبر ١٩٩٨م..

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *