البروف سعد يوسف عبيد يكتب لـ (فويس): النكبة (7)
أ.د. سعد يوسف عبيد
الحلقة السابعة
• ( مزج التهديد بالإغراء) •
وفي صباح اليوم التالي لغزوة السكارى الليلية جاءني ثلاثة من الغزاة كانوا قد زاروني من قبل محاولين إجباري على تسليمهم مفاتيح السيارة المركونة في الخارج .. لكنهم هذه المرة حاولوا معي أسلوباً مختلفاً إذ دخل أحدهم المنزل ووقف الآخران يتأملان السيارة .. أمسك قائدهم بيدي وانتحي بي جانباً وقال لي :
و الله يا عمك إنت زي أبوي .. أنا لما أشوفك بتذكر أبوي ..
( نظرت إليه في ريبة .. تجاهلها وأردف قائلاً:)
فيا عمك العربية دي عاملة ليك مشاكل ساكت .. ليه ما داير تتخارج منها ؟
( واصلت التحديق في وجهه دون أن أجيب عن سؤاله فواصل:)
منتظر تسوقا بعد الحرب تنتهي ؟
( واصلت الصمت )
( و فجأة رفع صوته مغتاظاً وقال في لؤم ) إنت عارف بعد الحرب دي ما في جلابي بسوق ليهو عربية في البلد دي كلها .. ( ثم عاد إلى الهدوء ) فيا عمك قول لي بصراحة ..إنت العربية دي داير بيها شنو ؟
يا أخي أنا قبل كدة قلت ليك العربية دي ما حقتي وما عندي مفتاحها .. وإنت لو عاوزها جرها
أنا ممكن أشتريها منك بي مية مليون .. أها تاني عندك كلام ؟
أنا قلت ليك سوقها مجاناً
بدون مفتاح ؟
جرها
العربية دي ما بتتجر
طيب أنا أعمل ليك شنو ؟
( جر نفساً طويلاً وقال مستسلماً ) خلاص يا عمك أوعدني إنك تفتش المفتاح و لو لقيتو ما تديهو لى أي زول .. أنا كل يوم بمر بي هنا
حاضر
و في هذا الأثناء خرج أحدهم من المنزل حاملاً شاشة .. فأمسكت بها وقلت له :
مودي الشاشة دي وين ؟
ماشي أتفرج بيها
و نحن نتفرج بي شنو ؟
( بلؤم ) ما تتفرجو .. تتفرجو ليه ؟
و هنا تدخل القائد و أمره بإرجاع الشاشة فأعادها .. تحرك الثلاثة مبتعدين إلا أن سارق الشاشة عاد أدراجه قبل أن يصل شارع الأسفلت .. وعندما هم بدخول المنزل سألته :
ماشي وين ؟ إنت هسع ما كنت جوة
نسيت السوط بتاعي جوة .. ما ذكرتني ليه ؟
أذكرك شنو ؟
و الله إنتو الجلابة ديل (…….)
و قذف في وجهي كلمة لم أسمع بها من قبل ، إلا أن كمية الحقد التي بانت على ملامح وجهه جعلتني أفهم أنها على الأقل كلمة مسيئة .. و بعدها دخل المنزل مسرعاً و خرج يحمل ذات الشاشة وانطلق بها .
و في ظهيرة اليوم التالي زارتني ذات المجموعة و كانت هذه المرة مكونة من إثنين إذ غاب الثالث سارق الشاشة .. رفع قائد المجموعة يده محيياً وقال لي :
يا عمك عملت لي شنو ؟
في شنو ؟
مفتاح العربية
ما لقيتو
توجه نحو حافظة الماء وملء الكوب و قبل أن يشرب قال :
يا عمك صاحبك ما قَدِّ
صاحبي منو ؟
حجرين
حجرين ؟ حجرين ده منو ؟
الشال الشاشة حقتك
قَدّ كيف يعني ؟
لما شال الشاشة ربطها في الموتر حقو ومشي .. ما مشى بعيد أدوهو طلقة في راسو قد طوالى
قال هذا الكلام ببساطة و دون أن يبدو عليه أي أثر لفقده صاحبه ، ثم شرب الماء وغادر.
و.. نواصل
شارك المقال
