الإمارات.. وتنجيس الأجواء بالأكاذيب

1412
الناجي صالح

الناجي حسن صالح

رئيس التحرير

• في محاولة بائسة لتبييض صفحتها السوداء، أعلنت الإمارات عبر وكالتها الرسمية (وام) عن إحباط ما سمّته «محاولة تمرير أسلحة غير مشروعة إلى الجيش السوداني»، وزعمت اعتقال «خلية» متورطة في هذه العملية، بينما الحقيقة أن هذه الرواية الملفقة ليست سوى دخان كثيف لإخفاء الأدلة الدامغة على تورط أبوظبي الفاضح في تغذية الحرب في السودان، عبر دعم مليشيات الدعم السريع بالأسلحة والتمويل. هذه المسرحية الهزيلة تأتي في توقيت بالغ الحساسية، إذ تستعد محكمة العدل الدولية لإصدار قرارها الوشيك يوم الاثنين ٥ مايو بشأن الدعوى المرفوعة من السودان ضد الإمارات، بتهمة انتهاك القانون الدولي، عبر دعمها العسكري للميليشيات الإرهابية، التي ترتكب جرائم حرب ضد المدنيين.
لماذا تصر الإمارات على اختلاق هذه القصص الواهية الآن؟ الجواب بسيط: لأنها تحاول تقديم نفسها كطرف «محارب لتجارة السلاح»، بينما هي في الواقع أكبر ممول ومزود للدعم السريع بالأسلحة والطائرات المسيّرة، التي ما زالت تقتل الأطفال وتدمر القرى السودانية. لقد كشفت تقارير دولية، بما في ذلك وثائق الأمم المتحدة، عن استخدام أبوظبي مطار «العديد» في ليبيا و «أم جرس» في تشاد نقاط انطلاق لنقل الأسلحة إلى الميليشيات، كما اتهمتها منظمات حقوقية بتسهيل تدفق الأموال لمرتزقة الدعم السريع عبر شبكات غسيل أموال معقدة. بل إن الأدلة المقدمة لمحكمة العدل الدولية، تثبت تورط طائرات إماراتية في عمليات إمداد الميليشيات حتى بعد فرض حظر الأسلحة.
المفارقة الساخرة أن الإمارات، التي تتهم الآن «قيادات في الجيش السوداني» بالتورط في صفقات أسلحة غير مشروعة، هي نفسها التي موّلت مليشيا الدعم السريع بعد أن انقلبت على الجيش، حينما خرجت مصالحها عن المسار الذي ترسمه. فالقائمة التي نشرتها (وام) تشمل أسماء مثل صلاح قوش، (الذي كان دائماً ما يكشف تدخلات الإمارات السافرة في السودان)، فتحوله فجأة إلى «مهرب» في سيناريو مكتوب بيد المخابرات الإماراتية لتبرئة الذات.
الأمر لا يتعلق بفضيحة أسلحة، بل بمحاولة إماراتية فجة، لخلق ذريعة قانونية تسبق بها قرار محكمة العدل الدولية المتوقع. فبعد أن أصبحت الأدلة على جرائمها لا تقبل الجدل، تلجأ أبوظبي إلى لعبتها المفضلة، قلب الطاولة، وادعاء أنها الضحية، أو البطل الذي يحارب الفساد! لكن العالم لم يعد يصدق هذه الأساطير، خاصة عندما تروّجها دولة تحتل المرتبة الأولى في تصدير العنف إلى اليمن وليبيا والسودان عبر مليشياتها الوحشية.
السودانيون، الذين يعيشون تحت وطأة المجازر اليومية، يعرفون جيداً أن الإمارات ليست سوى تاجر سلاح رئيسي يتلاعب بمصيرهم. فبينما تزعم أبوظبي أنها صادرت أسلحة «غير مشروعة» بقيمة ملايين الدولارات، تغض الطرف عن آلاف الأطنان من الذخائر التي تسلمها ميليشيات الدعم السريع عبر مطاراتها السرية. إنها محاولة بائسة لخداع الرأي العام قبل أيام من صدور حكم دولي.
في النهاية، لن تنطلي هذه الأكاذيب على أحد. فدماء السودانيين، التي تسيل كل يوم بسبب الأسلحة الإماراتية، تشهد على الحقيقة التي لا يمكن طمسها بفبركة إعلامية مكشوفة.. وسيبقى التاريخ يذكر أن الإمارات لم تكن سوى داعم رئيسي لأكبر مأساة إنسانية في القرن الأفريقي، حتى لو أفرغت أبوظبي كل خزائنها لحجب حقيقة أنها إبليس الأنام.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *