أضواء على ورشة تعديل قانون الصحافة والمطبوعات 2009 – (1-2)

48
ورشة قانون المطبوعات

بورتسودان – (سونا)

الظروف السياسية والأمنية المعقدة التي تمر بها البلاد نتيجة لحرب المليشيا تستوجب تغييرات جذرية وشاملة على مختلف المناحي خاصة فيما يلي تسيير دولاب الدولة والفراغ الذي حدث هنا وهناك بفعل ماتمر به البلاد ولأن الصحافة والإعلام عموما يعتبر سلاح في غاية الأهمية ويمكن من خلاله تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة طالما احسن استخدامه وفق الضوابط والمعايير والتشريعات التي تعي ماهية الحد الادنى من مسألة الأمن القومي.

ولعل الصحافة باتت تلعب دورا كبيرا في تشكيل الخارطة السياسية والأمنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية كان لزاما على الدولة أن تقف عند هذه النقطة والنظر بعين شاملة وفاحصة من خلال المراجعات الدقيقة والعميقة للتشريعات والقوانين التي تضبط العمل الصحفي بمايخدم البلاد دون المساس بحرية الرأي والتعبير مع الوضع في الاعتبار أمن وسيادة السودان في مقدمة الاولويات وكذلك تعزيز ثقافة السلام ومحاربة الشائعات وخطاب الكراهية بين المجتمعات والمكونات المحلية.

وعقدت بمدينة بورتسودان الاثنين ورشة عمل لمناقشة مقترحات تقدم بها عدد من الخبراء والمختصين من خلال اوراق بحثية لمناقشة تعديل قانون الصحافة والمطبوعات للعام 2009 تحت شعار “حرية إعلامية بمعايير مهنية “. وخاطب اللقاء نائب رئيس مجلس السيادة الفريق مالك عقار ووزير الثقافة والإعلام خالد الاعيسر المشرف علي الورشة.

النشر الضار والمعلومات المضللة :

ولعل من التحديات التي قادت أجهزة الدولة والمختصين لمناقشة تعدل القانون للعام 2009 هو مواكبة عجلة التحول الرقمي والتطور التكنولوجي المتسارع ، كذلك التصدي للنشر الجائر الذي ظلت تقوم به العديد من المواقع الإلكترونية من خلال الشائعات وبث المعلومات المغلوطة

‏‎ ونجد هنا أن مالك عقار شدد على ضر ورة الالتزام بالمعايير الدولية لحرية التعبير والصحافة والتوازن بين حرية النشر ، وواجبات الصحفي المهنية و الاخلاقية.

اسباب التدهور:

ويضيف نائب رئيس مجلس السيادة أنهم كلما فحصوا اسباب التدهور في الاعلام والمعرفة عامة، هو انقطاع الصلة بالعالم ، ونجد أنفسنا غارقون في معرفة متناهية الصفر ، يتبعها عدم القدرة على التفكير النقدي والموالاة ، للشبكات الاجتماعية من الزملاء او القبائل او الايدلوجيات.

واوضح أن ما حول الثقافة والاعلام راسا على عقب ، و تحولت لصناعة الترفيه و إستعمار العقول،تارة بالسيطرة علي اللغة ، و اختزالها الى إشارات يمكن التلاعب بها ( التزليج اللغوي بين الحار والبارد).

الترند:

والناظر إلي حالة الإعلام الإلكتروني بالسودان يجده غارقا في الضعف والمحلية وعدم الإلمام الكافئ بالمعايير المهنية و ما يقدمه من محتوى ووقوعة فريسة لتمرير الأجندات من حيث يدري ولا يدري.

والرد هنا من خلال الاستدلال بخبر الخارجية الأمريكية بشأن العقوبات التي ستفرض على السودان والتي رآها عدد من المختصين بأنها عبارة عن ترند وان الغرض منه في هذا التوقيت هو صرف انتباه الشارع السوداني عن الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش على المليشيا المتمردة في عدد من المحاور.

كذلك أن هناك حوالي 35 موقعا إلكترونيا قامت بنشر خبر مغلوط و مفبرك نسب إلى رئىس مجلس الوزراء كامل ادريس وعند استدراك عدم صحته قام موقع واحد بالاعتذار فيما لزم البقية الصمت، كما انه في نفس الأسبوع تداولت خبرا مفبركا آخر تحدث عن وصول صلاح قوش إلى بورتسودان وايضاً لم يعتذر احد عن تضليله للرأي العام ،الأمر الذي يوضح بجلاء بان الدولة السودانية بدأت تهدم بسلاح الإعلام قبل سقوط نظام المخلوع وقد استمرّ الهدم والخداع خلال المرحلة الانتقالية واشتدت ضراوته مع حرب المليشيا ومعاونوها على الشعب السوداني.

إرادة التغيير:

ويؤكد مختصون بأن الورشة قادرة على تعديل قانون الصحافة والمطبوعات للعام 2009 لمواكبة المستجدات والتحول الرقمي والالكتروني وقد عززوا ارائهم بأنه إذا تجاوزت بطبيعة الحال التعديلات على القانون نسبة ٢٠% من جملة مواده، فإن ذلك يقتضي اصدار قانون جديد يواكب هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من عمر البلاد ويستجيب لمتطلباتها.

جهاز رقابي:

ويشدد المختصون أنه حال تم اصدار قانون جديد فهذا يعني انشاء جهاز رقابي تتوفر له كافة الإمكانيات للقيام بواجباته على اكمل وجه، بجانب الصلاحيات الواسعة التي تمكنه من القيام بدوره الرقابي فيما يختص بمسألة الأمن القومي في عملية النشر الالكتروني وأنه لابد من انشاء نيابة ومحكمة مختصة للمساءلة عن الأخطاء والتجاوزات خاصة وأن الحرية لاتعني الفوضي وانما المسؤولية.

متطلبات المرحلة:

ويؤكد نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد مالك عقار، أهمية تطوير التشريعات والقوانين بما يتواءم مع متطلبات المرحلة ويواكب التحولات الكبيرة التي طرأت على البلاد نتيجة حرب الكرامة ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة، خاصة التشريعات في مجال الإعلام.

وأعلن عقار لدى مخاطبته الورشة دعم مجلس السيادة الإنتقالي الكامل لكل ما يتيح للإعلام العمل في حرية، مؤكدا دعمه لأي جهد يفضي إلى قانون وتشريع للصحافة ينصف أطراف المصلحة.

شراكة أطراف المصلحة :

ودعا عقار إلى شراكة بين أطراف المصلحة خاصة الصحفيين والحكومة والمؤسسات الصحفية لخدمة المصالح العليا للبلاد.

وقال إن الورشة تؤكد إهتمام وزارة الثقافة والإعلام وانشغالها بالهم الوطني، مشيدا بمنسوبي الوزارة وكل الذين وقفوا خلف قيام الورشة، معبرا عن أمله في أن تخرج الورشة بنتائج طيبة تخدم العملية الإعلامية.

شروط العمل الصحفي:

ونادى بضرورة العمل على توفير شروط أساسية في العمل الصحفي والاعلامي، أهمها محاربة خطاب الكراهية والجهوية، والتعاطي الإيجابي مع القضايا التي تهدد الأمن القومي.

وتطرق عقار إلى عدد من النقاط التي تتطلب المعالجة عبر التشريعات والقوانين، منها تضارب الصلاحيات وتداخل الأدوار بين جهات الرقابة، والقيود المفروضة على حرية النشر، فضلا عن موضوعات تنظيم الصحافة الإلكترونية، والتقاضي في موضوعات النشر .

غياب الضمان المالي:

ودعا إلى النظر في مسألة غياب الضمان المالي والاستقلال المؤسسي للإعلام ما يجعله عرضة للتاثيرات السياسية والتأثيرات السالبة (الشراكة بين اصحاب المعرفة وأصحاب المال).

وأشار عقار إلى ضرورة الإلتزام بالمعايير الدولية المهنية، والإهتمام بقضية حماية الصحفيين، وضمان استقلالية مجلس الصحافة، والإهتمام بالتدريب.

تشريعات جديدة:

بينما قال وزير الثقافة والإعلام خالد الإعيسر إن البلاد تمر بتحديات تستوجب إصدار تشريعات جديدة تنظم العمل الصحفي، وتحصن الحريات، وتضمن أداء مهنياً مسؤولا، مشيرا إلى التطور المتسارع في المجال الإعلامي، بروز الصحافة الإلكترونية والمدونات وصحافة المواطن، فضلا عن التحولات السياسية محليا وإقليميًا وعالميًا، والأوضاع الأمنية الراهنة في السودان.

ركيزة النظام :

واضاف خلال الورشة إن التشريع في مجال الصحافة يُمثل ركيزة أساسية لأي نظام إعلامي، ويُعد معيارًا لحرية الإعلام في الدول، مؤكدا أهمية توفير قوانين لحماية الحرية، وتنظيمها بما يخدم الشعب، ويحافظ على الأمن القومي والقيم المجتمعية.

سيادة حكم القانون:

وزاد ان البلاد تمر بمرحلة انتقالية تتطلب ترسيخ قيم سيادة حكم القانون، ومحاربة خطاب الكراهية، وتحصين السيادة الوطنية، مبينا ان الإعلام يقع عليه دور محوري في توعية المواطنين ومساعدتهم على اتخاذ قراراتهم بوعي، مشيرًا إلى أن واجب الدولة توفير الحريات ضمن منهج وبيئة مهنية وقانونية سليمة، دون تقييد للحرية، مع ضمان كرامة العاملين في المجال الإعلامي، والحفاظ على مكانة المهنة وهيبتها.

تحولات التكنولوجيا:

وأضاف ان التحولات التكنولوجية والرقمية على العالم فرضت ضرورة تحديث قوانين الإعلام، لتشمل كافة الوسائط والمنصات الحديثة، ومواكبة مفاهيم جديدة، منها الإعلام والصحافة الإلكترونية، وجرائم المعلومات وغيرها من موضوعات.

واعرب عن إيمان وزارة الثقافة والإعلام بأن الوصول إلى توافق وطني يتطلب إتاحة الفرصة لحوار مفتوح، يشارك فيه أصحاب المصلحة، ويحظى بثقة جميع الأطراف، ليؤسس لمشهد إعلامي يعكس تطلعات الشعب السوداني نحو الحرية والعدالة والديمقراطية.

واكد وزير الاعلام إدراك الدولة بأن للإعلاميين دورًا محوريا في بناء الدولة وتوجيه الرأي العام، وقال “لذلك فإننا ندافع عن ضرورة تمكين الإعلاميين، ومنحهم مكانًا متقدمًا في صنع القرار والمساهمة في رسم السياسات الوطنية”.

وتتواصل فعاليات الورشة ليوم غد، بينما ينتظر اصحاب المصلحة والمهتمين بقضايا الإعلام وخطورته في المرحلة الراهنة ومدى قدرة المهتمين بهذه القضايا الاستجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة ، فهذا ما تجيب عليه الورشة التي تختتم أعمالها غدا وترفع توصياتها لجهات الاختصاص.

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *