نظرة يسار سارة عبدالمنعم

سارة عبدالمنعم

كاتبة روائية

• غَجرِيَّةُ الملامح. قَرَوِيَّةُ الدَّواخل. خليطٌ بين جنون أحاسيسها، وأفكار لا تتَّزِنُ بمنطقِ عادتِها، جعلهَا تغتنِمُ كلَّ لحظة فرح تنتقِمُ بها من حزن يُراودُ ملامحَها بالحاجةِ إنْ داهمَها شتاءُ الحنين. تلك المجنونة لا تحتفي بالعمر! تكترثُ لأمرهِ حين يُنجِب نبضها عِشقاً تَحسَبُه سنوات. حياةٌ لا تهمها «خطوط الموضة» إنْ لم تجرِّدها عيون الشوق من رداءِ حظٍ أسود. أنثى تُغذِّي دواخلَها بالحب. هكذا يُفتَضَحُ سرُّ جمالها. لا يحركها سوى عِشق فوق العادة، تتأبَّطه لحدود الجنون. يُجمِّلها بكلِّ ملامح النساء. تحملُ من كلِّ صِفةٍ سَحْنَة.

رجلٌ يُحرِّك فيها خوف أمُومتها حين تُزمجِر بغضب طفوليٍّ لخطوات شوقه المتأخرة عن موعدِ لقاء. تحِنُّ عليه من نظرة ندم رمقتها بصمت سكونه. رجلٌ يسكنها بكلِّ آدمَ تحتاجه حوَّاء. رجلٌ يتقمَّص كل الرجال. ويْحَه! إنْ لم يرتدِ وجه أبيها بلحظةِ تعقُّلِها، أو خلعَ ثوبَ أمِّها إنْ تبرَّأت نظراته عنها أمام حضور! امرأةٌ حمقَاءَ جداً إنْ اندلَعتْ غيرتها. أنانية جداً، تُرِيدُ كلَّ الشِّعر لها، كلَّ الكلمات، كلَّ الذِّكرَى. لا شيءَ يُرضي غرورها أكثر من حرف يفضح حال عاشقها، مُتلَذِّذة بشعُور معاناته. لا تحتفي بجمالها إنْ لم يفْتِك بقلب أسعدها. امرأةٌ كهذهِ تحتاج لرجل مجنون يُدرِكُ تقلُّباتها. يُرتِّبها بنظرةِ غَزَلٍ تُربِكها.

يخرج من قَطْبِ جبينِها حاجِباً تَعجَّبَ لسِرِّ شروده. يثيرُ فيها أحادِيث صمت تنشغِلُ بها قَبلَ أنْ يَقْتَلِعَ منها ابتسامةً نالتها من كفٍّ يُطمئِنها جِواره. يُهدِيها عطرَه كي لا تنام أنفاسها بعيداً عنه. يُدثِّرها بأحلامِ غَدٍ تُنجِبه فيهِ قبيلة عِشق. تُهدِيه غطاءَ شتائها لتسترِيح من قلق أُمومتها بخوف عليه من لَفْحَة نسمات تنال منه تاء تأنِيثها احتواء. تُؤلِّبه بعَجز حاجته لجِوارِ مَنْ تحتوِي ذراعيها الدِّفء. امرأةٌ على عاشِقِها التَّوَغلُ فيها. فهمُهَا جيداً. بلْ عليه أنْ يحتذي إحساسه لمخاطبتها، واللَّعنة على غباءِه إنْ خبَّأ عنها شيئاً. مثلُها تُجِيدُ قراءَةَ طالع عِشقِها بعيون هامسها، و … إنْ شكَّ نبضها يوماً بصدقِ نظَرَاته، تُفلِتُ للفِرَاقِ خطو الرَّحيل، دون أنْ تصطحب الذِّكرى. 

مثلُها تُبدِعُ في النِّسْيَان ..

 

شارك المقال

1 thought on “  أُنثَى حَدَّ الجُّنون

  1. تعليق:
    هذا النص يصور امرأة معقدة ومليئة بالتناقضات، تجمع بين الجنون والحب والعاطفة الجياشة. أسلوب الكاتبة في وصف هذه الشخصية يجعلها تبدو حية وكأنها تتحرك أمام عينيك. لكني أتساءل، هل هذه المرأة حقيقية أم مجرد خيال الكاتبة؟ أجد نفسي منجذبًا إلى طريقة تصويرها للعواطف، وكيف أنها تخلق توازنًا بين القوة والضعف. هل تعتقد أن مثل هذه الشخصية يمكن أن توجد في الواقع؟ أم أنها مجرد تجسيد لأفكار الكاتبة عن الأنوثة والحب؟ أود أن أعرف رأيك في هذا الوصف، وهل تعتقد أن هذه المرأة تستحق كل هذا الحب والجنون؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *