أوراق من دفتر الذكريات: محجوب شريف مدرسة فاتحة على الشارع

58
محجوب شريف
Picture of مجذوب عيدروس

مجذوب عيدروس

• لم أتشرف بالتعرف على الشاعر محجوب شريف الا في عام 1980م ، أواخر العام تقريبا، حينما طرق منزل الأسرة بحي ودأرو الأمدرماني العريق ، وقدم  نفسه لي ، وقد أوصاني على شقيقه القاص أحمد مصطفى شريف زميل الدراسة بمعهد الموسيقا والمسرح ، « عرفت أنك ومحمد محي الدين التحقتوا بالمعهد جيت أقول ليكم خلوا بالكم من أحمد أخوي».

استمعت من خلال الاذاعة لعدد من أغنياته وأناشيده التي صدح بها محمد وردي ومحمد الأمين وغيرهما . واستمعت للحلقة الاذاعية الشهيرة في يوليو 1971 وهي التي قادته الى سجون جعفر نميري، وبدأت معها رحلة معاناة طويلة في المعتقلات.

في محجوب ذلك الحسن الانساني الذي يعرفه الفنانون – وكلمة الفنان هنا تعني المبدع الحقيقي الذي يقدم اضافة حقيقية على صعيد الفن والثقافة والوعي . ولا تعني مفردة فنان هنا أولئك الذين يمكن أن نسميهم بالمقلدين والمزيفين ممن يلبسون أزياء الفن الزائف.

في كلمات محجوب بساطة ، ولكنها مكتنزة ، ومثقلة بالمعاني الرفيعة ، والصور البيانية ، وفيها جماليات يدركها الانسان – متعلما أو أميا .. قصائده وأغنياته جميلة ومستحيلة – وقد قدر لها أن تنال عناية كبار الفنانين.

حينما غنى عبداللطيف عبدالغني لمحجوب شريف « بطاقة شخصية « انتقلت الأغنية الى أفواه الكبار والصغار ، وتلقفها الفنان محمد منير « مصر « كما تلقف غيرها من أغنيات وردي ، مما أثار نزاعا حول الحقوق – ولكن الأغنية وجدت شيوعا وانتشارا:

الاسم الكامل : انسان 

الشعب الطيب والدي 

أداني بطاقة شخصية

ومن صور محجوب ، ومن قاموسه ولغته « السودانية « 

قدامي جزائر وهمية 

لا لون 

لا طعم 

ولا ريحة 

وأيام مطفية مصابيحه

زي نجمة بعيدة ومنسية 

وينتقل الشاعر – المغني الى المهنة :

المهنة :-

مناضل ومعلم 

تلميذ في مدرسة الشعب 

المدرسة فاتحة على الشارع 

والشارع فاتح في القلب 

والقلب مساكن شعبية 

***

محجوب شريف عاش الطفولة والصبا – قرب المسلمية وفي المدينة عرب ، والتي تلعثم بعض المذيعيين في نطقها حينما أذاعوا النبأ – وأصبح فيما بعد رمزا من رموز امدرمان وانخرط في حياتها السياسية والثقافية ، وكانت له مبادراته في الاهتمام بالأطفال ، وفي منظمة رد الجميل .. وأدارت روضة الأطفال الراحلة « ماما أمينة « التي أبعدها «الصالح العام « عن محرابها في برامج الأطفال !

محجوب شريف مثال للشاعر والمعلم والمناضل ، والانسان السوداني المتمسك بأصالته وبساطته دون ادعاءات وعنتريات …. دفع ضريبة الوطن بلا من ولا أذى ، وكان قلبه يتسع للجميع .

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *