ناجي الجندي

د. ناجي الجندي

كاتب صحفي

• الفُلُولُ في اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ هو ما انفصل أو تناثر من الشيء الواحد. وفلول النظام بقاياه وأجزاؤه.

والمقصد منه في عرفنا هو بقايا أي حكم بائد سواء من العنصر البشري أو الأحكام والقوانين أو السياسة، وبما أن ذلك كذلك فقد ثبت لي ثبوتًا قاطعًا أن الفلول أفضل من الأصل، كيف لا والآن كل من وقف مع جيش الوطن سموه (فلول) وما أكثرنا اليوم لأني ببساطة لا أرى إلا القلة القليلة تقف ضد جيشها وحاميها بحجة سخيفة ضعيفة (كيزان فلول) وللأسف يسوق مثل هذه الترهات مثقفون وصفوة مجتمع، وعلى كل حال الاختلاف موجود ويظل الجيش رغم عنهم وإن كان (فلولًا) هو ظهرنا حين نفتقد الظهر، في كل دول العالم عند ثورات التغيير الجيش هو من يتقلد السلطة، فإذا كان يحلم هؤلاء الشظايا أن تبدل الجيوش وتغييرها يتم بصيحات (ندوسو دوس) فقد جهلوا الكثير، وواحدة من مشكلاتنا عدم الصبر.

قبل هذه الحرب أكاد أجزم أن لا أحد يطيق كلمة (كيزان) وكانت هي أفظع الكلمات العربية عند المستمع السوداني وبعد الحرب اكتشفنا أن هناك كلمات أفظع و(أضر) فبني قحت حببوا في الناس كلمة (كيزان) وكلمة (فلول) زاد دهشتي و(طرقع) أسناني ضحكًا أن بعضهم غير أسماءهم في الفيس بوك والواتساب فقرأت أسماء مثل (عبد الله الكوز) و(ناصر الفلولي) و(الكوز ذلك المجهول) و(أنا كوز ود كوز) و(كوزاويات) وذلك كيداً لمن يُسمَون (قحاتة) ولعمري لم نحب أحد مثل حبنا لـ(قحت) قبل مسمياتها وهم كثرُ، ولعمري لم نبغض شيء مثل بغضنا لـ(قحت) ذلك بعدما كبرت العقول واستوعبت الدرس وامتحنا الله بهذه الحرب، وتعافينا من عبادة الأصنام وتعلمنا عشق الوطن، فاصطف العاقلون مع جيشهم وتوارى الذين لا يُعرفون في الملمات خلف كلمة (محايد)، حكى لي ابن خالتي بأن له صديق بتاع (شِبك) وزول الشبك هو الزول البصنع المشاكل من لا شيء وهو شجاع وجسور، وهذا الرجل له صديق جبان، معاك في كل شيء لكن ساعة (الدواس) بشوف أقرب فرقة و(يزوغ)، وتعود هذا الرجل (الشبَّاك) في نهاية كل مشكلة يتصل على صديقه ويقول له (تعال خلاص قضيت المشكلة) ويعود صاحبنا إما من بيته الذي جرى إليه جرياً وإما من تحت المزيرة المنصوبة في الطريق وإما من الزاوية التي كان يتخبأ خلفها، المهم هو زول عشاء وكوتشينة وبس، وكان كثيراً ما يقول له هذا الشباك (عارفك زول عشاء وكوتشينة ساااااي). أها القحاتة ديل نحن مصاحبنهم ومزاملنهم ومتابعنهم عمرنا كلو ونحن بنحب الشبك، بس ما كنا عارفنهم (ناس كوتشينة وعشاء سااااي).

نحن شعب نحتاج لتقويم، نحتاج لصبر، نحتاج نعلم أن طلب العلا مرهون بسهر الليالي، وأن نعلم أن الكراسي تحتاج رجال لا أشباه رجال، الكراسي تحتاج لعمل لا مؤامرات، الكراسي لا تُطلَب وإنما تُؤخذ غلابا، ماذا لو كنا شعب نحب (الكوتشينة والعشاء والدواس) كلهم سوا؟، لماذا عندنا ناس للباردة وناس للحارة؟ لماذا يموت عثمان مكاوي والملازم محمد صديق ويتبجح خالد سلك تحت المكيفات، لماذا يموت النقيب طيار مازن ويطوف حول فنادق العالم حمدوك؟ ولماذا يموت أحمد جار النبي، ويرفل محمد الفكي ووجدي صالح في عز المطارات الدولية؟.

يُخبِرك من شَهِدَ الوقيعةَ أنني أغشى (الكراسي) وأعف عند (الدُواسِ).

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *