ملكة الفاضل

ملكة الفاضل

كاتبة وروائية

• قبل سنوات اكرمنا الله بعمرة تيسرت لنا كل اجراءاتها بشكل مذهل أكد لنا انها توفيق من لدن لطيف خبير..وقتها كانت المشقة غير المشقة والعقبات غير العقبات  وكل دعاء لنا انا وشقيقتي ان نحظى بهذه العمرة لبيت الله المقدس دون مشقة ولا عقبة كوؤؤد . وقد كان؛ فوجدنا انفسنا على متن الطائرة في الرحلة التي اعدت لها وكالة السفر التي وللأسف الشديد غاب  عني اسمها في زمان التيه هذا. 

هبطنا في مطار جدة ووجدنا حافلة انيقة في انتظارننا حملتنا إلى فندق قضينا فيه ليلتنا وتعرفنا على الرفقة الآمنة التي اكرمنا الله بها في تلك الرحلة المباركة وتعرفنا على أفراح التي ظل وجهها النضر يلوح لي في الآونة الأخيرة .

كانت مجموعتنا تتكون مني وشقيقتي وسيدتين من الجزيرة والشمالية وأفراح وامها. وسرعان ما تالفنا وسرعان ما غادرت  السيدتان مع اقاربهما الذين يقيمون في المملكة . وبقينا معا في رحلتنا لمكة المكرمةوللحرم الشريف والمدينة المنورة والمزارات  تجمع بيننا الرفقة المحببة والفة كانت من بركات العمرة وجعلتنا أقرب لأفراد الأسرة الواحدة وليس رفقة لم يمض على لقاءهن بضعة أيام. وكانت أفراح فاكهة تلك الألفة وجوهرتها.

شابة في مقتبل العمر سمراء نحيفة تتكلم بهدوء وصوت خافت وتضيء ملامحها الهادءة نظرات تحكي عن نبوغ وصفاء  ما يلبث ان يمتد إليك فيشملك الصفاء وتلقي إليها السمع وهي تحكي عن عملها ومكتبها في الخرطوم ٢ وتقرجك في المحمول على تصميمات شركتها الهندسية بفخر واعتزاز..  وتتدخل امها لتحكي لك عن رحلة بنتها الجسورة مع المرض ومتاعب القلب منذ سنين ولكم عانت من العلة التي حار أمامها الأطباء فتوجهت الأسرة بها شمالا إلى مصر .

وتحكي الام بعفوية محببة  ونظراتها القلقة تشيء بما يعتمل في نفسها من خوف  على الابنة التي بدت واثقة تتبسم في لطف وامها تحكي  عنها وكيف قادت الطبيب الجراح من يده إلى غرفة العمليات والطبيب الجراح يضحك مستغربا من هذه المريضة الصغيرة التي لا تخاف من العملية وكلمة عملية نفسها تخيف اشجع الشجعان فكيف والعملية تجرى لقلب صبية في مثل عمرها؟ كانت الام تحكي وترسل الضحكات  والبنت تصغي لها كانها تحكي عن شخص اخر وليس افراح التي جلست على بلاط الحرم معنا وترسل نظراتها الواثقة .ربما كانت تفكر في خططها لتوسعة عملها في الخرطوم وهي تقف بمشقة على قدميها لتعود معنا للنزل القريب.  

ومضت الايام سريعا ووجدنا انفسنا في جدة نتأهب لرحلة العودة وبالنفوس حسرة مفارقة المملكة وجوار الرسول  والكعبة المشرفة وحسرة لافتراف جعلتنا نتفق على إعادة الرحلة للاراضي المقدسة في أقرب وقت  باذنه تعالى ونحن ذات الرفقة والمجموعة.

ولم تنقطع الاتصالات الهاتفية ونحن في الخرطوم والوعود بلقاء قريب. حتى كذب الهاتف كل وعد وموعد عندما القى بالنبا الأليم وذهاب  افراح بعيدا عند مليك مقتدر. رحمة الله تغشى قبرك أيتها اللطيفة الشجاعة  ونور القبور وخضر الجنان. 

وليت باليد حيلة ووسيلة لمعرفة بقية المجموعة واين دفعت بهن يد الزمان والحرب والنزوح: امك في الحاج يوسف وعرفة في الجزيرة والصديقة من الشمالية  ضمتنا جميعا غرفة واحدة ومشاوير متعددة ذات عمرة مباركة وقذفت بنا الحرب فلم نعد نعرف عن البعض شيئا.

 اللهم رحمتك ولطفك يا أرحم الراحمين وفرحا وفرجا قريب وانت المستعان..

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *